يعد صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الحاكم السابع عشر للكويت، وهو النجل السابع للشيخ أحمد الجابر رحمه الله، وفي الأعوام الثلاثة الماضية خلال تولي سموه ولاية العهد كان السند الأمين لسمو الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد رحمه الله، وشارك ممثلاً سموه أو بالإنابة في العديد من القمم والمؤتمرات، علاوة على القيام بالمسؤوليات الكبيرة وإلقاء الخطب والكلمات في المناسبات الرسمية والمحطات المهمة، وحمل إلى جانب سموه تلك الأعباء والأمانة العظيمة.
وعبر مسيرة عطائه الممتدة خلال العقود الستة الماضية لم يكن سمو الشيخ مشعل الأحمد بعيداً عن العمل الرسمي أو الشأن العام أو مرافقة قادة البلاد في المهمات الرسمية، كما تولى العديد من المناصب الأمنية والعسكرية في وزارتي الداخلية والدفاع والحرس الوطني.
ودائماً أكد سموه أن الكويت هي الأصل والحقيقة والبقاء والوجود «مما يستلزم من الجميع باعتبارنا شركاء في مسؤولية إدارة البلاد شعباً وأسرة حكم بذلَ الغالي والنفيس في سبيل تعزيز مكانتها وتحقيق استقرارها والحرص على تلاحمها، وتأكيد وحدتها الوطنية التي كانت على الدوام مبعث قوتها ورفعتها».
وبعد أن بويع سمو الأمير الراحل نواف الأحمد في 29 سبتمبر 2020 أميراً للبلاد، بدأ سلسلة من المشاورات مع أسرة آل صباح لاختيار ولي للعهد توّجت بتزكية سموه في السابع من أكتوبر لأخيه سمو الشيخ مشعل الأحمد ولياً للعهد، وفقاً لدستور الكويت ولقانون توارث الإمارة.
وفي صبيحة الثامن من أكتوبر عام 2020، أدى سمو الشيخ مشعل الأحمد اليمين الدستورية أمام سمو الأمير الراحل أعقب ذلك جلسة خاصة عقدها مجلس الأمة بهذه المناسبة، بايع خلالها أعضاء المجلس بإجماع الحضور (البالغ عددهم 59 عضواً) سمو الشيخ مشعل الأحمد ولياً للعهد، حيث أدى سموه اليمين الدستورية أمام المجلس.
وقال الشيخ مشعل الأحمد في كلمته أمام مجلس الأمة «أعاهد الله وأعاهد سمو الأمير وأعاهد الشعب الكويتي من خلالكم ممثلين له أن أكون لحضرة صاحب السمو العضد المتين والناصح الأمين، وأن أكون المواطن المخلص الذي يعمل لازدهار وطنه الراعي لمصالحه المحافظ على وحدته الوطنية الساعي إلى رفعته وتقدّمه المتمسك بالدين الحنيف والثوابت الوطنية الراسخة».
وأضاف سموه أنه سيكون حريصاً على تلبية طموحات وآمال الوطن والمواطنين «رافعاً شعار المشاركة الشعبية، عاملاً على إشاعة روح المحبة والتسامح ونبذ الفرقة، وساعياً معكم وبكم إلى رسم صورة مشرقة لمستقبلنا تحمل ديموقراطية الاستقرار وتغليب المصلحة الوطنية العليا في إطار الدستور منهجها العدالة ورائدها العيش الكريم».
تصحيح المسار
وفي 22 يونيو عام 2022 ونيابة عن الأمير الراحل، ألقى سمو ولي العهد كلمة إلى المواطنين على اثر المشهد السياسي في البلاد، قال فيها إنه «انطلاقا من مسؤوليتنا التاريخية والوطنية أمام الله سبحانه وتعالى، واستجابة لواجبنا الوطني والدستوري أمام شعبنا، فقد قررنا اللجوء إلى الشعب باعتباره المصير والامتداد والبقاء والوجود، ليقوم بنفسه بإعادة تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد بالشكل الذي يحقق مصالحه العليا».
وأوضح سموه أنه «بناء عليه، فقد قررنا مضطرين ونزولاً على رغبة الشعب واحتراماً لإرادته الاحتكام إلى الدستور، العهد الذي ارتضيناه، واستناداً إلى حقنا الدستوري المنصوص عليه في المادة 107 من الدستور أن نحل مجلس الأمة حلاً دستورياً، والدعوة إلى انتخابات عامة وفقاً للإجراءات والمواعيد والضوابط الدستورية والقانونية».
وقال سموه إن «هدفنا من هذا الحل الدستوري الرغبة الأكيدة والصادقة في أن يقوم الشعب بنفسه ليقول كلمة الفصل في عملية تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد باختيار من يمثّله الاختيار الصحيح».
المشاركات الخارجية
وعلى صعيد المشاركات الخارجية، فقد ترأس سموه في 14 ديسمبر 2021 وفد دولة الكويت في اجتماع الدورة الـ 42 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في العاصمة الرياض.
وفي 16 يوليو لعام 2022 ترأس وفد الكويت في قمة الأمن والتنمية التي عقدت بمدينة جدة السعودية، بمشاركة دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأميركية والأردن ومصر والعراق.
وفي 19 سبتمبر لعام 2022، التقى سموه في لندن الملك تشارلز الثالث، حيث نقل سموه له تعازي سمو الشيخ نواف الأحمد رحمه الله وشعب دولة الكويت بوفاة الملكة اليزابيث الثانية، مستذكراً سموه المكانة الخاصة التي حازتها في قلب الكويت قيادة وشعباً، كما عبّر عن صادق المواساة والشعور المتبادل في الحزن على رحيل جلالتها، مؤكداً دورها الرائد في توطيد العلاقات الممتدة والخاصة بين البلدين.
وفي سبتمبر الماضي غادر سموه إلى جمهورية الصين الشعبية، حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ، وحضر حفل افتتاح الدورة الـ 19 للألعاب الأولمبية. وتوجت تلك المباحثات بحضورهما توقيع 7 اتفاقيات مشتركة.
وفي أكتوبر الماضي، شارك سموه في قمتين هما القمة الخليجية العربية مع رابطة الأسيان وقمة القاهرة للسلام عبر فيهما سموه عن رفض الكويت أية دعوات هدفها التهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني الشقيق وتحميل دول الجوار تبعات هذه المأساة التي تعتبر انتهاكاً لمبادئ القانون الإنساني الدولي، داعياً المجتمع الدولي إلى ممارسة دوره بالإيقاف الفوري للعمليات العسكرية وتوفير الحماية الدولية للمدنيين وفتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإغاثية إلى أهالي غزة.
وفي 25 اكتوبر الماضي وفي لقاء ودي لبَّى خلاله سموه دعوة العاهل البريطاني لزيارة المملكة المتحدة، وشهد اللقاء تبادل الأحاديث الودية التي عكست عمق العلاقات التاريخية الطيبة بين الكويت والمملكة المتحدة الصديقة والتأكيد على مواصلة العمل لتعزيز أطر التعاون المشترك بين البلدين الصديقين على جميع الصُّعُد والمجالات.
وفي 11 نوفمبر الماضي ألقى سموه كلمة دولة الكويت في القمة العربية - الإسلامية المشتركة غير العادية التي أقيمت في مدينة الرياض، ودان خلالها الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العزّل في غزة، مشدداً على ضرورة الإيقاف الفوري للعمليات العسكرية وإيصال المساعدات لسكان القطاع، ومؤكداً أن «أولى خطوات إحلال السلام المستدام بالمنطقة تتمثل في حل القضية الفلسطينية حلا عادلا شاملا نهائياً
مناصب رسمية
ولم يكن سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد خلال العقود الـ 6 الماضية بعيداً عن العمل الرسمي، أو عن مرافقة أمراء البلاد، إذ تولى عدداً من المناصب الرسمية، لاسيما في وزارة الداخلية والحرس الوطني، كما رافق قادة الكويت في مهماتهم الرسمية وزياراتهم الخاصة، لاسيما أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيّب الله ثراه.
ولد الشيخ مشعل الأحمد في الكويت عام 1940، وهو الابن السابع للشيخ أحمد الجابر الصباح، أمير الكويت العاشر طيّب الله ثراه، الذي تولى الحكم في البلاد بين عامي 1921 و1950، وكان القدوة لأبنائه وللحكام الذين أتوا بعده.
وتلقى سموه تعليمه في المدرسة المباركية، ثم تابع دراسته في المملكة المتحدة، حيث تخرج في كلية هندن للشرطة عام 1960. وبعد عودته من الدراسة في المملكة المتحدة، التحق سموه بوزارة الداخلية التي كانت حديثة النشأة حينذاك، فتدرّج في عدد من المناصب الإدارية فيها، واستمر فيها نحو 20 عاما، عمل خلالها في قطاعات وإدارات مختلفة.
وواصل سمو الشيخ مشعل تدرّجه في مناصب وزارة الداخلية، حتى أصبح عام 1967 رئيسا للمباحث العامة برتبة عقيد، واستمر في ذلك المنصب حتى عام 1980، حيث عمل على تطوير أدائها وأجهزتها، وتحولت في عهده إلى إدارة أمن الدولة.
تطوير الحرس الوطني
وفي 13 أبريل عام 2014 عيّن سمو الشيخ مشعل الأحمد، بموجب مرسوم أميري، نائباً لرئيس الحرس الوطني بدرجة وزير، حيث أسهم في تطوير الحرس الوطني وتعزيز دوره ومكانته، واستمر في شغل ذلك المنصب حتى تزكيته ولياً للعهد.
وأسهم سمو الشيخ مشعل الأحمد في الإشراف على الوثيقة الاستراتيجية للحرس الوطني التي تهدف إلى حماية سيادة البلاد وشرعيتها ودستورها وشعبها وقيمها، من خلال المشاركة في حفظ الأمن والاستقرار، وإسناد الدعم لخطط وأهداف الدفاع والامن الوطني.
وإضافة إلى مناصب سموه الرسمية التي شغلها طوال العقود الـ 6 الماضية، تولى سمو الشيخ مشعل الأحمد عددا من المناصب الفخرية، منها تزكيته رئيسا فخريا لجمعية الطيارين الكويتية عام 1973، كما كان أحد مؤسسي الجمعية الكويتية لهواة اللاسلكي والرئيس الفخري لها.
وفي عام 1977 عيّن سمو الشيخ مشعل الأحمد من أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، رئيسا لديوانية شعراء النبط التي أنشئت بهدف المحافظة على تراث الأجداد من الشعر النبطي وإبقائه خالدا في نفوس الأجيال.
وحرص سمو الشيخ مشعل على تعزيز دور ديوانية شعراء النبط في الحفاظ على قيم وعادات وتقاليد وتراث وأخلاق الآباء والأجداد التي تضمنتها قصائد الشعر النبطي، وضرورة تطوير ذلك كله وتعليمه للأجيال الحالية والقادمة وغرسه في نفوسهم.
وسام قائد جوقة الشرف
وفي الرابع من ديسمبر عام 2018 قلّدت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورنس بارلي، سمو الشيخ مشعل وسام «قائد جوقة الشرف» من فرنسا، باعتباره أحد الرجال الذين بنوا الكويت وساعدوا على بناء الصداقة بين فرنسا والكويت على أسس متينة.
وقال سموه في حفل التكريم إن منحه ذلك الوسام هو «تكريم رفيع المستوى لكل مؤسسات الكويت العسكرية واستكمال لمسيرة العلاقات الثنائية المتينة بين البلدين».
نواب لأمير البلاد مشعل الأحمد: نبايعك على السمع والطاعة
عقب إعلان مجلس الوزراء بمناداته سمو الشيخ مشعل الأحمد أميراً للبلاد، أعلن عدد من أعضاء مجلس الأمة مبايعتهم لسموه على السمع والطاعة.
وفي هذا السياق، قال النائب مرزوق الغانم «نُبايعك على السّمع والطاعة، ونسأل الله العلي القدير أن يحفظ الكويت وشعبها، وأن يمكن لها سبل الازدهار والنماء والصلاح تحت ظل قيادة سموكم، وأن يمتع سموكم بالعمر المديد والعيش الرغيد وبموفور الصحة ودوام العافية لتكملوا مسيرة البناء والنهضة لوطننا المعطاء التي بدأها حكام دولة الكويت من الأسرة الحاكمة الكريمة، وأن يتحقق في عهد سموكم كل ما يتطلع إليه الشعب الكويتي من آمال وتطلعات، وأن يعين سموكم إلى طريق الخير الفياض والعطاء الدائم للوطن إنه سميع مجيب الدعاء».
بدوره، ذكر النائب بدر سيار «أتقدم لمقام سيدي صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الاحمد بأحر التعازي وللأسرة الحاكمة، ونبايعك على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره».
من ناحيته، قال النائب محمد المهان «نبايع سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد بيعة شرعية على السمع والطاعة في المنشط والمكره، ونسأل الله أن يوفقه بتوفيقه ويرعاه برعايته وأن يسدد على الحق خطاه ويرزقه البطانة الصالحة، وأن يعينه في قيادة مسيرة الكويت نحو مزيد من التقدم والازدهار، ونسأل الله أن يحفظ الكويت وشعبها من كل مكروه».
من جانبه، قال النائب شعيب شعبان «نسأل الله أن يعينك على حمل الأمانة، سيدي صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد».