قبل عشرين عاماً تقريباً قمت بزيارة للمرحوم العم محمود قبازرد (والد الشهيد أحمد قبازرد) في بيته لأطمئن على صحته، وكنت أستمتع بحديثه المليء بالذكريات الجميلة، وكونه صديقاً للمرحوم الوالد النوخذة إبراهيم التركي منذ أيام الطفولة، فكان يحدثني كثيراً عن سيرته وتاريخ أسرته، وعن خبرته في صناعة السفن وقيادتها، ومعرفته بتفاصيل المياه الإقليمية والسواحل الكويتية.
وكان يسرد لي قصصاً تاريخية عن التجارة البحرية بين البنادر الخليجية، ويشرح لي مرحلة بناء المؤسسات البحرية الحديثة في فترة الخمسينيات: كالموانئ، والناقلات، والإطفاء البحري، وخفر السواحل، ودور رجال البحر الأوائل في تأسيسها وإدارتها، وكيف أُذهل الخبراء الأجانب بأدائهم وخبراتهم، وأثناء حديثه تلقى اتصالاً من الشيخ نواف الأحمد الصباح (وزير الداخلية آنذاك) يسأل عنه بكل عفوية ويرغب في زيارته والاطمئنان على صحته.
وبعد الانتهاء من المكالمة سألت العم بوأحمد عن علاقته بالشيخ نواف، فكانت إجابته: «أن الشيخ نواف صديق عزيز، ولديه اهتمام كبير بأمور البحر، وكان يوكل لي ولوالدك النوخذة إبراهيم مهام بحرية منذ أن تولى منصب وزير الداخلية في أواخر السبعينيات، وكان دائماً يسأل عنا ويتواصل معنا».
استمرت صداقته المخلصة حتى بعد رحيلهما عن الدنيا، فكان يتواصل مع الأبناء ويشاركهم أفراحهم بالرغم من مشاغله ومسؤولياته، وقد تشرفنا أنا وإخوتي بلقائه في عدة مناسبات، وكان دائم الإشادة بوالدنا النوخذة إبراهيم وتربيته الصالحة لأبنائه، وكنا نشعر بحضوره كأب في حواره العفوي معنا، وينصحنا بكل تواضع وتسامح، فهو والدنا الأمير الذي آلمنا رحيله وأحزننا فراقه... نسأل الله أن يتغمده برحمته ويسكنه جنته، وأن يرزقنا وأهله الصبر والسلوان.
نتقدم بخالص العزاء وصادق المواساة لمقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، وإلى سمو رئيس الوزراء الشيخ أحمد النواف الصباح، ولعموم أسرة الصباح الكرام وللشعب الكويتي الكريم وللأمتين العربية والإسلامية لوفاة المغفور له بإذن الله سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح طيب الله ثراه.