مع دخول العدوان الوحشي على غزة يومه الـ73، انتشرت ملامح تفشي مجاعة غير مسبوقة في القطاع المحاصر بشكل شبه كامل منذ 7 أكتوبر الماضي، بينما حصدت الغارات الإسرائيلية الجديدة أرواح 110 فلسطينيين، معظمهم من الأطفال، في منطقة جباليا.
وبعد أن حذرت منظمة الأونروا من أن سكان غزة يعيشون جوعاً لم يسبق له مثيل، مع ازدياد حالات الموت منه، برزت مشاهد لتهافت الأهالي على شاحنات المساعدات الشحيحة التي تدخل من معبر رفح المصري إلى جنوب القطاع، كدليل دامغ على حجم المأساة التي تسببت فيه سلطات الاحتلال.
وفيما تكثر مشاهد الأزمة في القطاع المكتظ بنحو 2.3 مليون شخص، اتهمت منظمة هيومن رايتس الحكومة الإسرائيلية باستخدام التجويع أسلوباً في غزة، مما يشكل جريمة حرب، مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي يتعمد منع إيصال المياه، والغذاء، والوقود، ويعرقل عمداً المساعدات الدولية لأكثر من شهرين، ويجرّف المناطق الزراعية، ويحرم المدنيين من مواد لا غنى عنها لبقائهم.
وأشارت المنظمة إلى أن تلك السياسة حث عليها مسؤولون إسرائيليون كبار أو أيدوها بنية تجويع المدنيين، داعية زعماء العالم إلى رفع أصواتهم ضد جريمة الحرب البغيضة والعقاب الجماعي ذي الآثار المدمرة على سكان غزة.
وتسبب قطع الاحتلال خدمات الإنترنت والاتصالات، لليوم الرابع على التوالي، في تفاقم أزمة عرقلة توزيع المساعدات، ما دفع الأهالي اليائسين والخائفين إلى الانقضاض على شاحنات المساعدات وإفراغها عشوائياً في الشوارع بمجرد وصولها من مصر.
ويستعد مجلس الأمن للتصويت على مقترح جديد صاغته الإمارات، يطالب إسرائيل و«حماس» بالسماح بدخول المساعدات بالطرق البرية والبحرية والجوية، ووضع آلية للأمم المتحدة لمراقبة عملية تسليمها، إضافة إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في القطاع.
في هذه الأثناء، بحث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في تل أبيب مسار الحرب التي يسعى رئيسه جو بايدن إلى منع تحولها لمواجهة إقليمية أوسع مع إيران وحلفائها في «حزب الله» اللبناني و«أنصار الله» الحوثية التي شنت أمس المزيد من الهجمات على سفن تجارية تقول إنها متجهة من أو إلى إسرائيل، للضغط بهدف وقف العدوان على غزة.
واجتمع أوستن بنظيره يوآف غالانت قبل أن يلتقي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وحصل أوستن على «تقييم واضح جداً» عن العمليات، التي تسببت حتى الآن في مقتل 19 ألفاً وأكثر من 51 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال، فضلاً عن تشريد 1.9 مليون شخص نحو 85% من سكان القطاع.
وتلقى أوستن تحديثات حول كيفية قيام القوات الإسرائيلية، ومجلس الوزراء الحربي ووزير الدفاع، بتقييم المرحلة الحالية من الحملة، مع التعرف على معايير الانتقال إلى المرحلة التالية للقضاء على حكم «حماس» وقدرتها العسكرية.
وقال أوستن عقب الاجتماعات: «أكدت التزامنا المشترك بمواجهة تهديدات إيران للمنطقة، وأننا نقود قوة عمل متعددة الجنسيات لدعم حرية الملاحة بالبحر الأحمر».
وقبل وصوله إلى إسرائيل، أفادت وزارة الدفاع «البنتاغون» بأن أوستن سيعلن عن قوة حماية بحرية جديدة في البحر الأحمر لردع هجمات الحوثيين التي تسببت في وقف أكبر 5 شركات شحن حول العالم لإبحار سفنها عبر الممر القصير وتحويلها إلى رأس الرجاء الصالح المكلف والأطول.
ووسط الضغوط المتزايدة على بايدن لوقف دعمه غير المحدود للحملة غير المسبوقة على القطاع، أفادت أوساط دبلوماسية بتقدم مباحثات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس بوساطة قطرية وتنسيق مصري أميركي لإبرام صفقة تبادل محتجزين قد تشمل قيادات رمزية من الفلسطينيين.
ميدانياً، كثف الاحتلال غاراته على شمال ووسط وجنوب القطاع، بينما شنت الفصائل الفلسطينية رشقات صاروخية على عسقلان ومستوطنات بغلاف غزة.
وقللت «حماس» من أهمية نفق اكتشفه الاحتلال أمس الأول، وقال إنه الأكبر والأطول بشبكة الأنفاق التي تعتمد عليها الحركة الفلسطينية للقتال.
وأقر الاحتلال بمصرع 7 ضباط وجنود وإصابة 48 في معارك غزة، ليرتفع بذلك عدد قتلاه منذ بدء الحرب إلى 452، مؤكداً أنه أسر أكثر من 1000 شخص في غزة.
في السياق، قتل 5 أشخاص خلال مداهمة إسرائيلية مستمرة لمخيم الفارعة جنوب طوباس أمس، ما رفع عدد الشهداء في الضفة الغربية المحتلة منذ بدء حرب غزة إلى 301 ومنذ بداية العام إلى 507.