في تطور واكبه الحرس الثوري الإيراني بتعبئة عشرات الآلاف من جنود القوة البحرية، أطلق وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ليل الاثنين- الثلاثاء عملية «حارس الازدهار» المتعددة الجنسيات لحماية وتأمين حرية الملاحة والشحن في البحر الأحمر وخليج عدن خصوصاً من الهجمات الصاروخية وبطائرات مسيرة يشنها الحوثيون من اليمن على السفن والناقلات المتجهة من إسرائيل وإليها.

وغداة إطلاقه للعملية من مقر قيادة الأسطول الخامس بالبحرين، عقد أوستن أمس اجتماعاً وزارياً افتراضياً مع الوزراء ورؤساء الأركان وممثلين رفيعي المستوى من 43 دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، ناقش خلاله التهديد المتزايد للأمن البحري في البحر الأحمر، وأبلغهم بأن «الحوثيين نفذوا أكثر من 100 هجوم بمسيرات وبصواريخ بالستية استهدفت 10 سفن تجارية على ارتباط بأكثر من 35 دولة مختلفة، واحتجازهم السفينة غالاكسي ليدر وطاقمها المكون من 25 فرداً كرهائن».

Ad

واعتبر المشاركون أن هذه الهجمات تمثل «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ويجب على الحوثيين وقف أعمالهم العدوانية».

ووفق البيان، يمر في الوقت الحالي 10 إلى 15% من التجارة العالمية عبر البحر الأحمر، وبسبب الهجمات، تضطر شركات الشحن الدولية إلى إعادة توجيه مسارها عبر رأس الرجاء الصالح، ما يؤخر عمليات تسليم السلع والمواد الأساسية أسابيع، بما في ذلك النفط والغاز.

وفي وقت سابق، قال أوستن، بمقر قيادة الأسطول الخامس، «أطلقنا عملية حارس الازدهار تحت مظلة القوات البحرية المشتركة بمشاركة 10 دولة هي الولايات المتحدة وبريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا للقيام بدوريات مشتركة ودعم استخباراتي في البحر الأحمر وخليج عدن تحت قيادة فرقة العمل 153 للحفاظ على السلام والرد معًا على التهديدات الجديدة في أعالي البحار».

واعتبر أوستن أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر غير مقبولة على الإطلاق وتشكل خطورة عالمية، والقوات المشتركة بقيادة الجيش الأميركي تستهدف تعزيز أمن الملاحة البحرية وإبقاء الممرات البحرية مفتوحة أمام تدفق التجارة العالمية كاستجابة لمطالبات دولية.

وقال: «التدفق التجاري العالمي الأساسي يتعرض اليوم لتهديد جديد من جماعة الحوثيين في اليمن. كما تشكل هجماتهم المتهورة مشكلة دولية خطيرة مما جعلنا أمام تحد دولي يتطلب رداً جماعياً حازماً».

فرنسا والحوثي

إلى ذلك، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أثناء استقبالها لنظيرها البريطاني ديفيد كاميرون، «نعلم أن الحوثيين غالباً ما يحصلون على دعم من إيران، وسيتم اتخاذ إجراءات بالتنسيق مع حلفائنا، ونحن بحاجة إلى تعزيز قدرتنا على العمليات في هذه المنطقة لوضع حد لهذه الهجمات».

في المقابل، كتب عضو المكتب السياسي لحركة الحوثي محمد البخيتي، على منصة «إكس»، «حتى لو نجحت أميركا في حشد العالم كله، فإن عملياتنا العسكرية لن تتوقف إلا بتوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة، والسماح بدخول الغذاء والدواء والوقود لسكانها المحاصرين مهما كلفنا ذلك من تضحيات».

وشدد كبير مفاوضي الجماعة اليمنية محمد عبدالسلام على أن التحالف البحري الجديد بقيادة الولايات المتحدة «لا داعي له أساساً»، لأن المياه المحاذية لليمن آمنة للجميع باستثناء سفن إسرائيل أو المتجهة إليها»، موضحاً أن الحوثيين لن يغيروا موقفهم الحرب العدوانية الظالمة على فلسطين والحصار على قطاع غزة.

تعبئة إيرانية

وفي إيران حذر مستشار المرشد الأعلى للشؤون السياسية علي شمخاني من التعاون مع الولايات المتحدة ضد جماعة الحوثي، معتبراً أن «انضمام أي بلد للائتلاف الأميركي مشاركة مباشرة في جرائم الكيان الصهيوني».

ودافع شمخاني عن هجمات الحوثيين ووصفها بـ «الشجاعة»، وقال إن تحركاتهم لتقييد حركة السفن من وإلى إسرائيل تضغط على الشريان الحيوي للكيان الصهيوني».

في موازاة ذلك، أعلن قائد القوات البحرية بالحرس الثوري الإيراني علي تنكسيري أمس، عن تعبئة 55 ألف جندي للاستعانة بهم في أوقات الحرب والسلم ومواجهة القراصنة في خليج عدن وحماية منصات النفط والغاز.

وقال تنكسيري: «فكرة تشكيل التعبئة البحرية تعود جذورها إلى جهود القوات الشعبية في الدفاع المقدس واليوم وصلنا إلى نقطة تم فيها تنظيم أكثر من 55 ألف قوات حشد بحري، بالإضافة إلى أكثر من 33 ألف عوامة تقدم خدمات واسعة النطاق للشعب دون أي تكلفة».

وأشار تنكسيري إلى أن «قوات التعبئة كانت فعالة جداً في فيضانات محافظتي غلستان وخوزستان، وبناء على ذلك قمنا بتشكيل قوات التعبئة للمحيطات باستخدام سفن أكبر، وفي المرحلة الثانية ستقوم هذه القوات بتنظيم شؤون القرى الساحلية، كما تم تشكيل وحدات بحرية يمكن أن تساعدنا في مختلف المجالات».

وفي ختام لقاءاته برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، طالب وزير الدفاع الأميركي «إيران بوقف دعم هجمات الحوثيين على السفن التجارية»، مؤكداً أنها «تثير التوترات في جميع أنحاء المنطقة من خلال وكلائها وتخاطر بنشوب صراع أوسع نطاقاً».

توجيه رحلات

وأعادت شركات شحن توجيه رحلاتها حول إفريقيا بدلاً من قناة السويس، وهي أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا، مما زاد تكاليفها ومدتها.

ويرسو عدد من سفن الحاويات في البحر الأحمر وأوقف عدد آخر أنظمة التتبع لديه بينما يعدل التجار مسارات رحلاتهم وأسعارها بسبب الهجمات الحوثية على طريق التجارة الرئيسي بين شرق العالم وغربه.

وقالت شركات شحن كبرى، منها هاباج لويد وإم.إس.سي وميرسك، وشركة النفط الكبرى بي.بي ومجموعة ناقلات النفط (فرونت لاين) إنها ستتجنب طريق البحر الأحمر وستغير مسار رحلاتها عبر رأس الرجاء الصالح الذي يمر بالجزء الجنوبي من إفريقيا.

لكن العديد من السفن لا تزال تبحر في الممر المائي. وأظهرت بيانات من (إل.إس.إي.جي) وجود حراس مسلحين على متن عدد من السفن التي تبحر حالياً.

وجاء في البيانات أن ما لا يقل عن 11 من سفن الحاويات التي مرت عبر قناة السويس وتقترب من اليمن حاملة سلعاً استهلاكية وحبوباً لدول مثل سنغافورة وماليزيا والإمارات، ترسو الآن في البحر الأحمر بين السودان والسعودية.

وأظهرت البيانات أن أربع سفن حاويات تابعة لشركة (إم.إس.سي) في البحر الأحمر أوقفت تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال لديها منذ يوم الأحد، حتى لا يرصد أحد مكان وجودها على الأرجح.