وقف رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي واثقاً وهو يحيي زوار مقره الهادئ والأنيق وسط عاصمة بلاده، التي تحولت في عهده إلى محط الاهتمام العالمي، لاسيما مع تجاوزها الصين عدداً، وأصبحت الوجهة الاستثمارية البديلة لقادة العالم والمستثمرين ومستشاري الأعمال والبنوك.
وأعرب مودي، في مقابلة مع «فايننشال تايمز»، عن ثقته الكبيرة من الفوز بولاية ثالثة بفضل سجل «التغيير القوي في حياة الناس العاديين»، وقلل من الانتقادات حول وضع الأقلية المسلمة، والاختلاف مع الولايات المتحدة وكندا، واعتبرها «مجرد ثرثرة»، مشيراً إلى السجل الاقتصادي والديموقراطي لحكومته.
وشدد على أن «أي حديث عن تعديل الدستور لا معنى له»، فقد نفذت حكومته أكبر المشاريع كحملة «الهند النظيفة» لبناء المراحيض، وربط نحو مليار شخص بالإنترنت «بالمشاركة العامة من دون تعديل دستوري».
وفي أغسطس 2023، هبط المسابر «شاندريان 3» على القمر، وبعد أيام فقط، استضافت الهند اجتماع قمة مجموعة العشرين، وروجت لنفسها باعتبارها «حكيم العالم»، إذ حافظ مودي على علاقات وثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعزز أيضاً علاقة أوثق من أي وقت مضى مع الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائهما في يونيو وتوقيع مجموعة كبيرة من الاتفاقيات.
وقال: «مبدؤنا الخارجي الأول هو مصلحتنا، وهذا يسمح لنا بالتعامل مع مختلف الدول بطريقة تحترم المصالح المتبادلة وتعترف بتعقيدات الجغرافيا السياسية المعاصرة».
وفيما يتعلق بالصراع بين إسرائيل وحركة حماس، حيث امتنعت حكومته عن انتقاد حكومة بنيامين نتنياهو، الشريك الرئيسي الذي تتقاسم معه التكنولوجيا والنظرة القومية اليمينية للعالم، لفت مودي إلى أن الهند دعمت توصيل المساعدات إلى غزة، مع التأكيد على دعمها لحل الدولتين.
وأصبحت الهند، التي كانت من أشد المؤيدين للقضية الفلسطينية منذ فترة طويلة، أقرب إلى إسرائيل تحت قيادة مودي، وهو أول رئيس وزراء هندي يزور إسرائيل.
وفي خطاب عيد الاستقلال بأغسطس، تعهد مودي بجعل الهند دولة متقدمة بحلول مئوية تأسيسها في 2047، مشيراً إلى أنها تحولت من كونها واحدة من «أكثر 5 دول هشاشة» إلى خامس أكبر اقتصاد في العالم.
وتضاعفت مشاريع البنية التحتية خلال فترة رئاسته للوزراء، وتعمل الشركات المتعددة الجنسيات، بما في ذلك شركة أبل وموردها فوكسكون، على بناء القدرات بالهند. وذهب البعض إلى حد التنبؤ بأنها قد تكرر انطلاقة الصين قبل عقود من الزمن، مع التقاء النمو الاقتصادي السريع والتقدم التكنولوجي وخلق فرص العمل في التصنيع والبناء وغيرها من القطاعات التي غيرت الهند وحياة شعبها.
ويفتخر مودي بكونه إدارياً كفؤاً قادراً على اختراق البيروقراطية الهائلة وإنجاز الأمور، من الإصلاح الاقتصادي الضخم إلى تحسين خدمات الرعاية الاجتماعية لمئات الملايين من الهنود الذين يعتمدون على خدمات مثل التحويلات النقدية والغذاء المجاني.
ويرى أنه من المناسب مقارنة الهند بالديموقراطيات الأخرى، لافتاً إلى أن كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الكبرى مثل «غوغل» و«مايكروسوفت» من أصل هندي، مشدداً على أن «هدفنا هو خلق بيئة وتهيئة الظروف التي يرى فيها الجميع قيمة لوجودهم في الهند للاستثمار وتوسيع عملياتهم هنا».
في المقابل، تساءل أشد معارضي مودي عما إذا كانت الديموقراطية ستتمكن من البقاء بعد ولايته الثالثة، لاسيما بعد أن مارست حكومته ضغوطاً على المنظمات المدنية وعلى الأقلية المسلمة ووسائل الإعلام.