لا شك أن العالم اليوم يتحرك بنظام اقتصادي يسير وفق سياقات سياسية متعددة الأقطاب يسعى إلى رفع قدرته الإنتاجية والتسويقية ضمن مفهوم الاستدامة، الفائز فيها من يضع له قدماً بين هذه التكتلات العالمية والإقليمية.
ولا شك أيضاً أن الهيمنة الأميركية ما زالت هي الأكثر تأثيراً على مجريات الاقتصاد العالمي، لكنها لم تعد بالقوة ذاتها التي كانت عليها قبل عقدين من الزمن بعد دخول الصين كطرف رئيس في هذا السباق الاقتصادي.
الكويت دائماً سباقة في قراءة هذه التحولات لما تملكه من علاقات دبلوماسية جيدة مع معظم دول العالم أثمرت عن تميز ملحوظ على تجارتها الخارجية، وانعكست إيجابا على صندوقها السيادي، لكن هذه القراءة والعلاقات لم تستطع استثمارها وتوظيفها على مستوى الداخل.
الكويت ومن خلال موقعها الجغرافي أدت دوراً محورياً تاريخياً على مستوى الإقليم، فكانت القلب النابض للتجارة البينية في المنطقة، ومن المعلوم أيضاً أنها كانت محطة للعديد من الأنشطة التجارية والصناعية إلى أن تم اكتشاف النفط فتحولت الكويت إلى مصدرة له واكتفت بذلك.
الأطروحات الاقتصادية التي تقدمها الحكومة حتى الآن لم تتجاوز مرحلة التفكير خارج الصندوق، فمعظم المبادرات تدور في فلك ضيق يعتمد في المقام الأول على تضخيم رسوم الخدمات والضريبة المضافة المختارة، في حين فكرة التوسع في المجال الصناعي والتجارة الخارجية تتعثر بشكل كبير بسبب الأوضاع السياسية وفقدان الثقة وبالتحديد جمهورية العراق وجمهورية إيران الإسلامية.
اليوم دول الخليج العربي تشهد نمواً تجارياً وصناعيا غير مسبوق، ولديها خطط ومشاريع استراتيجية تستهدف تنويع مصادر الدخل القومي، وخلق فرص استثمارية واعدة ضمن سياقات تنموية تحاكي الاستفادة القصوى من الإمكانات البشرية والمكونات البيئية الطبيعية ضمن مفهوم الاستدامة.
هذا النمو الاقتصادي الذي تعمل عليه دول مجلس التعاون الخليجي من المفترض أن يزيد إصرار حكومة الكويت على بذل المزيد من الجهد لدخول هذا عالم المنافسة بين دول المنطقة من خلال تفعيل وتعظيم دور القطاع الخاص، وهنا يلزم الحديث عن إشراك الشباب بشكل مباشر في المشاريع التنموية.
إثقال القطاع الحكومي بالمزيد من التعيينات قد يصل بنا إلى طريق مسدود وإلى عدم قدرة الدولة على تحمل تكاليف الاستمرار في دفع أجور الموظفين، لذلك لا بد من خلق قطاع خاص يوازي في قدرته القطاع الحكومي.
قرار مجلس الأمة بإلغاء شرط الوكيل المحلي لجذب المستثمرين الأجانب خطوة مهمة في تعزيز التنافسية والتقليل من تكلفة وضخامة العقود أسوة بدول مجلس التعاون الخليجي، لكنه حتماً لن يكفي لتحرير القطاع الخاص من هيمنة ملوك الوكالات والقسائم الصناعية.
ودمتم سالمين.