يشهد لبنان سباقاً بين المفاوضات السياسية والدبلوماسية لتهدئة الوضع في الجنوب، وبين التصعيد العسكري الإسرائيلي، الذي يواصل قادة الدولة العبرية التلويح به، ويعملون بموجبه على توسيع نطاق الضربات تجاه مواقع الحزب.

في الأيام الماضية كثّف الإسرائيليون عمليات قصفهم وغاراتهم على مناطق متفرقة من الجنوب، أفقياً وعمودياً، وعملوا على جدولة حزام النار وفق ثلاث مناطق، الأولى ذات عمق 10 كلم، الثانية ما بين 10 و20 كلم، والثالثة ما بين 20 و40 كلم.

Ad

في المنطقتين الأولى والثانية يوسع الإسرائيليون من حجم عملياتهم النارية، باستهداف مواقع ومراكز أو ما يسمونه بنى تحتية أو حتى منازل. أما في المنطقة الأولى، فهي التي تحدث عنها سابقاً وزير «الدفاع» الإسرائيلي ورئيس الأركان، بأنه تم استهدافها بشكل كامل وتدمير كل نقاط مراقبة حزب الله فيها، علماً أن الحزب أثبت عكس ذلك في الأسبوع الفائت من خلال تنفيذ عمليات من نقاط متقدمة جداً على الشريط الحدودي. أما المنطقة الثالثة، فهي التي تعتبر خط الدفاع الثالث وفيها احتياط استراتيجي كبير، عمل الإسرائيليون على استهداف مواقع متفرقة وبشكل متقطعة فيها، كاستهداف الأحراج الواقعة بين سنيا وبصليا وكفرملكي، أو استهداف جبل صافي وجبل الريحان وبركة الجبور. ولكن لم يتم توسيع الحزام الناري في هذه المنطقة.

ويواصل الإسرائيليون رهانهم على المفاوضات التي تخوضها أميركا للوصول إلى تفاهم يرسي الاستقرار على الحدود الجنوبية للبنان، فهم لا يزالون يبحثون عن عناوين جديدة لإثارتها، تارة عبر تهديدات تتصل باغتيال قادة حماس في لبنان، أو بتنفيذ عمليات اغتيال ضد كوادر لحزب الله، بالإضافة إلى الحديث عن تنفيذ غارات جوية بالطيران الحربي ضد مواقع عسكرية للحزب أو مخازن للصواريخ لدفعه إلى ابعادها عن النقاط المتقدمة جنوباً، في اعتماد نموذج مشابه للنموذج الذي يعتمده الإسرائيليون في سورية.

ومؤخراً وجد الإسرائيليون عنواناً جديداً ينشغلون به سياسياً وإعلامياً وهو مسألة البحث عن أنفاق حزب الله ومحاولة استهدافها، ما من شأنه أن يطيل أمد المواجهات والتي ستتحول إلى استنزافية على الجانبين. في هذا السياق، يتواصل السعي الدولي للوصول إلى اتفاق يجنّب جنوب لبنان المزيد من التصعيد، ويترجم ذلك برسائل كثيرة تم ايصالها ومفادها أن اسرائيل بعد 7 أكتوبر تغيرت، ولم تعد كما كانت عليه من قبل، بالتالي لا يمكنها أن ترضى بما كانت تقبل به قبل تلك الأحداث. وأن المستوطنين الذين خرجوا من المستعمرات الشمالية لن يعودوا قبل الوصول إلى ترتيبات واضحة تؤمن لهم العودة وتضمن لهم عدم تكرار ما حصل في طوفان الأقصى بقطاع غزة. وهم يطرحون مسألة نزع السلاح من جنوب نهر الليطاني.

وبحسب المصادر اللبنانية، فإن موقف لبنان قوي وصلب وهو يؤكد التزامه بهذا القرار، وهو ينص على عدم وجود عسكري في جنوبي النهر باستثناء الجيش اللبناني، ولكن هذا يحتاج إلى مقاربة شاملة تنطبق على الإسرائيليين، وعليهم وقف خروقاتهم، ووقف قصف سورية من الأجواء اللبنانية، بالإضافة إلى الاعتراف بالحدود الدولية والانسحاب من النقاط الـ13 بما فيها نقطة الـ b1 ومن شمال الغجر وخراج بلدة الماري، وبالتالي بعد الانسحاب الكامل، والانسحاب من مزارع شبعا، حينها يمكن البحث الجدي في تطبيق القرار، وهو سيكون مكسباً للبنان، وحزب الله لن يكون متضرراً من ذلك إنما سيكون قد حقق إنجازاً كبيراً.

في المقابل، هناك أجواء دبلوماسية تنقل عن الإسرائيليين إنهم لم يعودوا واثقين بالقرار 1701 ومندرجاته لأنه كان خدعة استفاد منها حزب الله لتقوية نفوذه وتعزيز قدراته العسكرية وممارسة النشاط الهجومي ضد مواقع الجيش الإسرائيلي، ما ينتج رأياً اسرائيلياً معارضاً للمسار السياسي والتفاوضي لا يؤدي إلى حلّ شامل لأن اي اتفاق سياسي أو دبلوماسي حالياً قد يتم نقضه لاحقاً.