في الصميم: العلم والنزاهة ينجيان الأمم
نُشر سابقاً عن اكتشاف أكثر من أربعين ألف طالب مزور، وطبعاً المخفي أعظم، وأُعلن عن القبض على مجموعة كبيرة من المدرسين والمشرفين وهم يغشون في اختبارات تؤهلهم للترقي الى مناصب أعلى، كما نُشرت تقارير كثيرة عن تدني مخرجات التعليم في الكويت، وأن فشل الدولة في المجال التعليمي يعني فشلها في الأداء والتنمية.
الاستخفاف بالتعليم واضح للعيان، وتوزيع عشرات الملايين من الدنانير سنوياً على ما يقارب الـ90 ألفاً من منتسبي وزارة التعليم كأعمال ممتازة خير دليل على ذلك الاستخفاف، فأي أعمال ممتازة والتعليم يتدنى سنوياً باعتراف الوزارة نفسها؟ إنه هدر للمال العام وسوء توزيع له من دون أي مردود علمي يستفاد منه.
غياب العلم والتعليم الحقيقي يزيد الجهل، ويؤدي الى تقهقر الأمم، وهناك قول سائد لا بد من تكراره: فالجهل والفقر يؤديان الى الإجرام، والجهل والثراء يولدان الفساد، والجهل والحرية يولدان الفوضى، والجهل والسلطة يولدان الاستبداد، والجهل في الدين يؤدي الى التطرف، والوضع المعيش الآن جعل من العلماء والنزيهين عملة نادرة.
فلا منجاة لأي أمة إذا ما تدنى تعليمها وغاب النزيهون عن مناصبها، ولن تقوم لها قائمة، لأن مصيرها التقهقر ومن ثم الاندثار، بعد أن يسود في مفاصلها الفساد وينتشر فيها التزوير، وتوسد الأمور إلى غير أصحابها، إنها سنّة الحياة، إنها سنّة الله في خلقه.
أما النزاهة وما أدراك ما النزاهة فيكفينا ما قيل فيها: يُقابِلُ النَّزاهةَ ويُضادُّها: فَعلةٌ وبيلةٌ رديئة، وخَصلةٌ شنيعةٌ قمِيئة، ما أمَرَّ أمرَها، وأضرَّ درَّها، ما تفشَّت في أمةٍ إلا آذنَت بهلاكِها، وأوقعَتها في الورطات وأشراكِها، إنها الرِّشوة، بُرهانُ دناءة النفس ولُؤم الطِّباع، وحيلةُ المَكر والخِداع، وهي من كبائِر الذُّنُوب بالإجماع، وفي غياب النزاهة تكاثرت المظالم، وضُّيعت الحقوق، وتفشت السرقات بلا عقاب، حتى قال رسول الله في ذلك: «إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
وحصل أن «اسْتَعْمَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَجُلًا مِنَ الأسْدِ، يُقَالُ له: ابنُ اللُّتْبِيَّةِ، قالَ عَمْرٌو: وَابنُ أَبِي عُمَرَ، علَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قالَ: هذا لَكُمْ، وَهذا لِي، أُهْدِيَ لِي، قالَ: فَقَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عليه، وَقالَ: ما بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ، فيَقولُ: هذا لَكُمْ، وَهذا أُهْدِيَ لِي، أَفلا قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ في بَيْتِ أُمِّهِ، حتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَنَالُ أَحَدٌ مِنكُم منها شيئاً إلَّا جَاءَ به يَومَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ علَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ له رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إبْطَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ، هلْ بَلَّغْتُ؟ مَرَّتَيْنِ».
اللهم احفظ بلدنا وأميرنا، وأدم علينا نعمك، اللهم نسألك أن تنجي بلدنا من الجهّال والفُسَاد، والغشّاشين والمزورين، والراشين والمرتشين، اللهم اقتص من أحيائهم وأمواتهم، الحاضرين منهم والهاربين.