في رثاء أميرنا الغالي
سبحان من كتب لنفسه الدوام والبقاء وكتب لمخلوقاته الفناء، فقال سبحانه: «كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ»، وقال مخاطباً رسوله: «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ* ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ»، وقال أيضا: «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا»، فالله الذي خلق الحياة وحببها لخلقه هو من خلق الموت الذي يفر منه البشر: «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ»، هذه حقيقة نتذكرها كلما رحل عنا عزيز علينا، ولا يوجد أعز من الشيخ نواف الذي أحب الكويت كما أحبته.
لقد اكتسب خبرات الحكم منذ طفولته، فتربى في قصر دسمان، وكان والده المرحوم حاكما، واجه بعض المشكلات وعالجها بحكمة، ثم أصبح محافظا لحولي ووزيرا للداخلية، ثم وزيرا للدفاع في فترة الغزو، وهي فترة صعبة، ثم أصبح وليا للعهد في عهد الأمير الراحل صباح الأحمد أمير الإنسانية الذي اهتم بمعالجة النزاعات والصراعات بين الدول بالطرق السلمية مهما تضخمت.
من المؤكد أن الشيخ نواف، رحمه الله، استفاد من تلك المراحل والمشكلات التي كانت تواجه الدولة، والجهود التي بذلت لمعالجتها، وكيف تمكنت الدولة من معالجة الكثير من المشكلات، وظل بعضها بحاجة إلى مزيد من الجهد، المهم إبعاد بلادنا عن الفتن والصراعات المنتشرة في كثير من الدول.
وقد بذل من سبقه من الأمراء جهدا كبيرا لإبعاد بلادنا عن الفتن والصراعات، وساندهم في ذلك غالبية الشعب الكويتي، وظلت بلادنا مزدهرة بفضل تلك السياسات الحكيمة، نما فيها التعليم كمّاً ونوعاً، وازدهر اقتصادها وأصبح صندوقها السيادي من أفضل الصناديق السيادية في العالم.
وجاء الشيخ نواف، رحمه الله، ليكمل هذه المسيرة الطيبة المعنونة بحب الكويت أرضا وشعبا، والحرص على مستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة، وتوفير مستقبل كريم لتلك الأجيال، وإقناع بعض أعضاء مجلس الأمة الذين لا يؤمنون بتلك السياسات المهمة، وبخاصة الحفاظ على ثروات الدولة والهوية الوطنية.
اللهم إن أميرنا الغالي أصبح في عهدتك، وأنت العليم فيما كان يحمل هذا الإنسان من تقوى وورع، وحب لك ولرسولك ولدينك، كان حريصا على أداء الصلاة مع الجماعة ما استطاع إلى ذلك سبيلا، حتى عرفه جماعة المسجد القريب من داره، وخاصة الأطفال الذين يفرحون برؤيته، ويحاول التحدث معهم.
اللهم ارحم أميرنا وأنزله منزلة عندك خيراً من منزلته في الدنيا، ووفق صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، ليكمل مسيرة من سبقه من آل الصباح وينهض ببلادنا الحبيبة.