عبدَ العزيزِ أبا السعودِ، رِثائي تبكيكَ ألفُ قصيدةٍ عصماءِ
أنتَ الأميرُ بقصرِ مجدٍ خالدٍ شيَّدتَهُ للشعرِ والشعراءِ
رجُلُ الثقافةِ والتجارةِ والمُنى راعي البيانِ الواسعِ الإثراءِ
في صرحِكَ المعمورِ قُرْبَ خليجِنا كم قد نثرتَ الشعرَ في الأرجاءِ!
في مسرحٍ متألقٍ بقريضِهِ الآن يبقى الشعرُ دون عزاءِ
بصَداكَ قد نطقتْ قرائحُ شعرنا بالحبِّ والإيثارِ والنَّعماءِ
مَن للثقافةِ والقوافي بعدَكم؟! يا والدَ الأقلامِ والفُصَحاءِ
دوراتُ علمٍ زاخرٍ كم أنجبتْ للشعرِ والنُّقادِ والبُلَغاءِ!
يا خادمًا لُغةَ العروبةِ إنما أنتَ الحَفيُّ بنفحةِ الكُرماءِ
علَّمتنا عِلمَ العَروضِ كأننا عند الخليلِ بوجهه الوضَّاءِ
أرجعتَ للشعرِ القويمِ مكانةً كانت له من قبلُ، في العلياءِ
سافرتَ بالشعرِ الفصيحِ مُكَرَّمًا في كل أرضٍ باسمكم خضراءِ
وأعدتَ للدنيا شموسَ عُكاظِها وربيعُها الأدبيُّ خيرُ حداءِ
بسِجِلِّ آلافِ الأُلى علَّمتَهم دَينٌ لديك مؤَجَّلُ الإيفاءِ
المالُ أودى بالرجالِ لمكسبٍ عَرَضٍ من الدنيا لنيلِ ثراءِ
لكنك اخترتَ الذي لبِناتُهُ حملتْ أمانةَ إرثِنا بسناءِ
أذكَيتَ مالَكَ بالحفاوةِ والندى أنمَيتَهُ فغدا جزيلَ عطاءِ
أنفقتَهُ كيما تعيشَ قواعدٌ عربيةٌ بفصاحةِ الآباءِ
كم قد جمعتَ نوادرًا أثريَّةً! ولَأنتَ فخرُ نوادرِ النُّجباءِ
بسخاءِ حاتمٍ اهتديتَ وكم سما نجماكما للمجدِ دون عناءِ!
وبجودِكَ العربيِّ كنتَ منارةً والجودُ أصلُ معادنِ النُّبلاءِ
لكنَّ ربَّ العرشِ بالِغُ أمرِهِ ومصيْرُ كلِّ خليقةٍ لفناءِ
فقدتْ كويتُ العِزِّ إبناً واهباً رفع اسمَها بالنورِ في الجَوزاءِ
مُتسربِلًا برداءِ مجدٍ خالدٍ في النُّبلِ والإنفاقِ دون جزاءِ
رحِمَ الإلهُ (البابطينَ) مُعلِّمًا وجزاهُ عنَّا جنةً بضياءِ
كان (المسافرَ في القفار) فوحْدَهُ يطوي الفيافي باليد البيضاءِ
تبكي المحافلُ والمنابرُ والدًا كانت له أيدٍ ذواتِ عطاءِ
ماتَ الذي منحَ القصائدَ ذاتَهُ جعلَ التجارةَ خِدمةَ الأدباءِ
مَن للبوادي الواسعاتِ وبوحِها؟ مَن للصحارى البيدِ دون غطاءِ؟
مَن للقوافي السابحاتِ بأبحرٍ؟ صارت يتامى بعدَهُ بعراءِ
مَن للمعاني السائحاتِ وحيدةً أبياتُها صارتْ بغيرِ سِقاءِ
يا راحلًا متوشحًا في مجدهِ لك حقُّ كلِّ تحيةٍ ووفاءِ
صلى الإلهُ على النبيِّ المصطفى الطاهرِ المبعوثِ بالآلاءِ
صلى عليكَ اللهُ يا خير الورى كافأتنا بالبُردةِ الغرَّاءِ
صلى عليكَ اللهُ يا علَمَ الهدى يا نورَنا في الليلةِ الظُلماءِ
والآلِ آلِ البيتِ عِترتِكَ التي لمودةٍ ومبرَّةٍ ودُعاءِ