رياح وأوتاد: سلطات سمو الأمير تكفي
أقام مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية أمس الأول ندوة بعنوان «توجهات في خطاب سمو الأمير الأخير والمرحلة القادمة»، وبدعوة كريمة من رئيس المركز د. يعقوب الكندري شاركت في الندوة، بالإضافة إلى نخبة من أساتذة الجامعة.
وأجمع المتحدثون على الإشادة بخطاب سمو الأمير الأخير، وعلى ضرورة إصلاح السلطتين التشريعية والتنفيذية، ورغم اتفاق جميع المتحدثين، وأنا معهم، على الأخطاء التي شابت المسيرة النيابية فإنهم اختلفوا على كيفية الإصلاح، فمنهم من رأى ضرورة وقف العمل بالدستور فترة معينة حتى يتم الإصلاح، ومنهم من فضّل الاتجاه إلى الملكية الدستورية، ومنهم من رأى عدم صلاحية النظام الأورلياني الحالي، والاتجاه إلى النظام البرلماني الكامل والحكومة الشعبية المنتخبة، في حين اقترح آخرون تغيير قوانين الانتخابات والدوائر، بحيث تتخلص من القبلية والطائفية والعائلية وجميع أشكال الفئوية.
أما أنا فقد ركّزت على أمرين، الأول أن سلطات الأمير في الدستور كافية لتحقيق كل الإصلاحات المطلوبة ومعالجة أخطاء السلطتين التشريعية والتنفيذية، والنهوض بالبلاد من العثرات في التنمية والاقتصاد، وتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، والحفاظ على الهوية الوطنية، والحؤول دون انحراف المجلس في التشريع أو الحكومة في التنفيذ.
ومن أمثلة هذه الصلاحيات الدستورية أن يتولى السلطتين التشريعية والتنفيذية الأمير مع المجلس والحكومة، وللأمير صلاحية رد القوانين للمجلس لطلب أغلبية خاصة، وأيضاً له صلاحية حل المجلس، وصلاحية إصدار قوانين الضرورة، وصلاحية تشكيل الحكومة، فقد جاء في المذكرة التفسيرية أن الأمير «يشكل الحكومة على النحو الذي يرتئيه»، فلا شك في أن تشكيل حكومة قوية وقادرة على التصدي لجميع مشكلات البلاد على الأسس الفنية الصحيحة هو أول مراتب الإصلاح وهو حق للأمير.
أما الأمر الثاني فهو أن يسعى رئيس الحكومة المقبلة، الذي يختاره الأمير، إلى تحقيق أغلبية برلمانية لحكومته، وهذا يقتضي، كما ذكر د. الفيلي في الندوة، «أن تكون رؤية رئيس الوزراء للبرنامج الحكومي حاضرة قبل تشكيل الحكومة»، وعلى ضوئها يختار رئيس الوزراء أعضاء حكومته، ثم يبدأ اتصالاته بأعضاء وكتل مجلس الأمة ليختار من يقتنع بهذه الرؤية للمشاركة في الحكومة لتحقيق نص المذكرة الدستورية «التوسع قدر المستطاع لتعيين الوزراء من داخل مجلس الأمة»، وإذا كانت رؤيته إصلاحية فسيجد من يؤيده ويشارك معه.
وبذلك تتشكل حكومة منسجمة وفق برنامج محدد، وهذا البرنامج مقبول من عدد من الأعضاء، بحيث يشكل هذا العدد مع الحكومة أغلبية برلمانية دون الحاجة إلى تغيير الدستور، وتتمكن الحكومة بذلك من تنفيذ برنامجها وقوانينها وفق رؤية الأمير، كما تتصدى هذه الأغلبية لأي اقتراحات أو استجوابات مخالفة لبرنامجها.