كما يرتبط وضع الجبهة في جنوب لبنان باستمرار المعارك العسكرية في قطاع غزة، بدأت المفاوضات التي تخوضها قوى إقليمية ودولية لوقف إطلاق النار في غزة، تتشابك مع تحقيق تهدئة للنزاع على الجبهة اللبنانية.

وبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية عربية، فإن المفاوضات التي تتناول تطورات الوضع في غزة لا تبدو غائبة عن المشهد اللبناني، وهناك تواصل مع المسؤولين اللبنانيين ومع «حزب الله» في سبيل ربط الاستقرار على الجبهتين معاً.

Ad

وتجري المفاوضات على وقع تصعيد إسرائيلي مشهود في جنوب لبنان، من خلال تكثيف الغارات والاستهدافات، في حين ترتفع أصوات المسؤولين الإسرائيليين الداعية إلى تنفيذ عملية عسكرية ضد الحزب في جنوب لبنان وإبعاده إلى شمال نهر الليطاني.

وتبرز خلافات إسرائيلية ناجمة عن اتهامات توجه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن ما يقوله في العلن أمام الإسرائيليين يختلف كثيراً عما يقوله في السرّ خلال مفاوضاته مع الأميركيين والفرنسيين إزاء وضع الجبهة مع لبنان، بالإضافة إلى عجزه عن معالجة الوضع في الشمال.

وبحسب المعطيات، هناك خلافات إسرائيلية حول الحرب مع «حزب الله» ولبنان، فرئيس الأركان وقائد القوات الجوية ووزير الدفاع يوآف غالانت، إلى جانب متطرفين مثل بن غفير وسموتريتش، يعملون على الضغط في سبيل التصعيد، بينما لا يريد بني غانتس ومسؤولون آخرون أي تصعيد ويفضلون التماهي مع العمل الأميركي للوصول إلى اتفاق سياسي.

من جهته، يتمسك نتنياهو باستمرار الحرب بدون اتساعها، أو تحويل مسار العمليات العسكرية إلى عمليات أمنية دون إعلان وقف إطلاق النار، والبقاء في حالة الحرب، للحفاظ على وجوده رئيساً للحكومة.

في هذا السياق، تشير المعلومات إلى استمرار الإسرائيليين في الحديث عن مهلة أسابيع قليلة للوصول إلى تفاهم حول إعادة الاستقرار في جنوب لبنان، وإذا لم يتم التوصل إلى ذلك فإن مسألة التصعيد العسكري ستكون مطروحة بقوة.

أما بالنسبة لـ «حزب الله»، فلا حديث عن أي استقرار أو وقف لعملياته العسكرية ضد إسرائيل قبل التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وبعده يمكن للبنان أن يدخل في مفاوضات مفصلة حول كيفية تطبيق القرار 1701.

وستجري هذه المفاوضات المزمعة وفق مسارين، يتعلق الأول بوقف المواجهات تحقيقاً للتهدئة، في حين يطغى الطابع السياسي على المسار الثاني وفقاً للتصور الأميركي، ويتعلق بالحديث عن انسحاب إسرائيل من النقاط 13 بما فيها نقطة b1، وشمال الغجر، وصولاً إلى البحث في مسألة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهذا سيكون مساراً طويلاً.

وبحسب المعلومات، فإن أطرافاً إقليمية ودولية تعمل على طمأنة اللبنانيين بأن تفضي الضغوط إلى تجنب توسع الصراع إلى حرب شاملة، بل حصرها في الجنوب ووفق القواعد القائمة.

في المقابل، هناك من يبدي تخوفاً من أن تذهب إسرائيل إلى وضع الجميع تحت الأمر الواقع، نتيجة الخلافات الداخلية، وضغوط المستوطنين في الشمال من خلال تظاهراتهم واتهام الحكومة بأنها تخلّت عنهم، ومطالبتها بالتحرك عسكرياً لإعادة الأمن إلى مناطق الشمال، وصولاً إلى الرسالة التي أرسلها لوبي القرار 1701، الذي تشكل حديثاً من المستوطنين الذين هجروا منازلهم، إلى رئيس الولايات المتحدة الأميركية جو بايدن يطلبون فيه دعمه لإسرائيل لاستخدام القوة في سبيل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم.

كل هذه الوقائع، ستكون ضاغطة في المرحلة المقبلة، إما للوصول إلى تفاهم شامل يؤمن الاستقرار، وإما حصول تصعيد والانزلاق إلى تنفيذ عمليات عسكرية واسعة.