ودعت أسواق النفط عام 2023 بحالة من الضبابية، وسط استمرار القلق حيال إمكانية دخول الاقتصاد العالمي في ركود وعدم وضوح الرؤية حول التعافي الاقتصادي في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم والتوترات الجيوسياسية المستمرة سواء الحرب الروسية الأوكرانية أو الحرب في غزة وأمن الملاحة في البحر الأحمر، إلى جانب وفرة المعروض من الدول خارج «أوبك+».
ودفعت هذه العوامل معظم بيوت الأبحاث لوضع توقعات متحفظة نوعاً ما لأسعار النفط للعام المقبل، هي أقل من متوسط التوقعات التي وضعت قبل عام لسنة 2023.
ويأتي ذلك رغم الخطوات الاستباقية التي قام بها تحالف «أوبك+» خلال عام 2023 للحفاظ على استقرار أسواق النفط، فيما يوفر نحو 40% من إمدادات النفط العالمية.
ومن أبرز خطوات «أوبك+» خلال 2023، حيث أعلنت دول التحالف في أبريل 2023، تخفيضات بـ 1.65 مليون برميل يومياً لتضاف إلى تخفيضات أقرت في أكتوبر 2022 بمليوني برميل يومياً، مما أدى إلى إزالة نحو 3.6 ملايين برميل يومياً من النفط من الأسواق أي 3% من الطلب العالمي.
وأعلنت بعدها السعودية تخفيضاً طوعياً بمليون برميل يومياً ابتداء من الأول من يوليو لتقود التخفيضات الطوعية من الدول الأعضاء ضمن «أوبك +» تلتها روسيا بتخفيضات طوعية من صادراتها.
ومددت السعودية تخفيضاتها الطوعية عدة مرات منذ الإعلان عنها لضمان استقرار أسواق النفط كان آخرها الإعلان في نوفمبر 2023 تمديد تخفيضها الطوعي إلى مارس 2024 لتتوالى بعدها إعلانات عدد من دول التحالف عن تخفيضات طوعية وصلت إلى 2.2 مليون برميل يومياً.
ورغم تخفيضات «أوبك+» فإن الإنتاج من دول خارج التحالف يساهم في وفرة المعروض في الأسواق، لا سيما مع وصول الإنتاج الأميركي مستويات قياسية قرب 13.3 مليون برميل يومياً في 2023، إلى جانب ارتفاع الإنتاج من إيران وليبيا والدول الإفريقية.
وحسب إقفال نهاية العام الماضي خسرت العقود الآجلة لأسعار النفط 10 في المئة حتى آخر يوم تداول في عام 2023 الذي شهد اضطرابات جيوسياسية ومخاوف بشأن مستويات إنتاج النفط لدى كبار المنتجين في أنحاء العالم رغم مواصلة سياسات خفض الانتاج واستمرار التواترات الجيوسياسية.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 11 سنتاً أو 0.14 في المئة لتبلغ عند التسوية 77.04 دولاراً في حين انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 12 سنتاً أو 0.17 في المئة لتبلغ عند التسوية 71.65 دولاراً.
وانخفض كلا العقدين بأكثر من 10 في المئة في عام 2023 ليختتما العام عند أدنى مستوياتهما منذ عام 2020 عندما قوضت جائحة كورونا الطلب وأدت لانخفاض الأسعار.
وكان خام برنت ارتفع بنسبة 10 في المئة وخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 7 في المئة العام الماضي بدعم من مخاوف بشأن الإمدادات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويتوقع مسح أجرته «رويترز» لآراء 34 اقتصادياً ومحللاً بأن يبلغ متوسط سعر خام برنت 82.56 دولاراً للبرميل في 2024، انخفاضاً من متوسط نوفمبر، الذي بلغ 84.43 إذ يتوقعون أن يؤدي تراجع النمو العالمي إلى الحد من الطلب. وقد تؤدي التوترات الجيوسياسية المستمرة إلى دعم الأسعار.
وشكك محللون أيضاً في قدرة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها (أوبك+) في الالتزام بتخفيضات الإمدادات التي تعهدوا بها لدعم الأسعار.
وتخفض (أوبك+) حالياً الإنتاج بحوالي ستة ملايين برميل يومياً وهو ما يمثل 6 في المئة من الإمدادات العالمية.
وتواجه أوبك ضعفاً في الطلب على خامها في النصف الأول من العام المقبل مع تراجع حصتها في السوق العالمية إلى أدنى مستوى منذ الجائحة بسبب تخفيضات الإنتاج وخروج أنجولا من المجموعة.
وفي الوقت نفسه، أثارت الحرب في الشرق الأوسط مخاوف بشأن انقطاع محتمل في الإمدادات في الأشهر القليلة الماضية والتي من المتوقع أن تستمر في عام 2024.
التوقعات في 2024
وتتوقع «ستاندرد آند بورز غلوبال» استمرار الوفرة في المعروض في الأسواق بسبب وفرة الإنتاج من خارج تحالف «أوبك+».
على جانب التوقعات لأسعار النفط في 2024، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يكون متوسط سعر خام برنت عند 84 دولاراً في النصف الأول من 2024، وعند 83 دولاراً للعام بأكمله، مقارنة بتوقعاتها السابقة للعام الحالي عند 93 دولاراً.
وخفض بنك باركليز توقعاته لأسعار برنت إلى 93 دولاراً، بانخفاض 4 دولارات عن توقعاته السابقة.
ويتوقع بنك ING أن تكون أسعار برنت قريبة من 80 دولاراً في النصف الأول من 2024، على أن تتحسن إلى 91 دولاراً في النصف الثاني، مع تحول السوق إلى عجز المعروض.
أما بنك جي بي مورغان فتوقعاته أكثر تشاؤماً، فهو يتوقع معدل 83 دولاراً لسعر برميل برنت في 2024.