خاص

سفير مالطا لـ «الجريدة•»: أمير الكويت رجل حكيم وسيعزز السلام بالمنطقة

زاميت: أُعجبتُ بإنسانية سموه وتواضعه ورؤيته السياسية الواسعة

نشر في 03-01-2024
آخر تحديث 02-01-2024 | 18:33
«سفير متواضع»، لا يجلس خلف مكتبه، بل يعمل جاهداً لخدمة بلده والكويتيين الذين يرغبون في زيارة وطنه، أو الاستثمار فيها، ومن أبرز أولوياته، أن يتمكّن من تسيير رحلات مباشرة بين البلدين، وأن يأتي بالطلبة المالطيين «إلى هنا للاستفادة من خبرة الكويتيين الرائعة في مجال الزراعة العضوية»... «الجريدة» التقت سفير مالطا لدى البلاد جورج سعيد زاميت في أول حوار يجريه مع صحيفة محلية، ووصف فيه صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد بأنه رجل حكيم جداً، ولديه رؤية سياسية واسعة، كما أن سموه سيساهم في تعزيز السلام بالمنطقة، وتحقيق الخير لهذا البلد الجميل، ووضعه على طريق التقدم. وتمنى زاميت أن يزور صاحب السمو مالطا، حيث ستكون الزيارة فرصة ذهبية لكلا البلدين، لمواصلة التخطيط والعمل معاً لتعزيز العلاقات الثنائية القائمة... وفيما يلي نص الحوار:
* أسّست العلاقات بين الكويت ومالطا في 3 أكتوبر 1972... هلّا حدثنا عن هذه العلاقات؟

- أود أن أغتنم هذه الفرصة لتهنئة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد بتوليه مقاليد الحكم، وقد حزنت كثيرًا على رحيل سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، هذا الرجل الحكيم.

لقد قابلت سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد حينما كان وليّاً للعهد، عندما قدّمت أوراق اعتمادي في مايو الماضي، وقد أعجبت بإنسانيته وتواضعه وحكمته، إنه رجل حكيم جداً، ولديه رؤية واسعة لكيفية ممارسة السياسة، وأنا متأكد من أنه سيكون صانعاً للسلام وللتقدّم ولتحقيق الخير هذا البلد الجميل ووضعه على طريق التقدم.

أهم أولوياتي أن تكون هناك رحلات طيران مباشرة بين بلدينا

لا يمكننا التحدث عن الكويت بمفردها لأن الكويت جزء من العالم، وقد أظهر سمو الأمير بالفعل أمثلة جوهرية في خطابه حول السلام في منطقة الخليج وفي الشرق الأوسط والعالم، لذلك هو شخص لديه السلام في قلبه... كلمات قليلة جداً قالها لكنها تتحدث كثيراً.

وبالعودة الى العلاقات تتمتع الكويت ومالطا بعلاقات ثنائية وممتازة منذ نصف قرن، وتغطّي الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الحالية مجالات مختلفة، مثل خدمات الحركة الجوية والتعاون في العلوم والتجارة والتعليم والتكنولوجيا، بالطبع، هذه ليست النهاية، لأن هناك اتفاقيات أخرى يجري تطويرها. ونحن نتطلع إلى مواصلة تعزيز هذه العلاقات الثنائية الممتازة بين بلدينا.

جامعات مالطا

* وماذا عن جامعات مالطا؟

- يُعتبر التعليم، أحد المجالات التي تعمل فيها الكويت ومالطا كثيراً. فلسنوات عدة كانت جامعة مالطا للطب، مقصدًا مهمًا للطلاب الكويتيين في اختصاصي الطب البشري وطب الأسنان. هذا العام فقط، كان لدينا نحو 80 طالبًا يدرسون في هذين المجالين.

وأتمنى أن تكون جامعات مالطا بمنزلة مركز للطلبة الكويتيين لتوسيع معارفهم وآفاقهم في مجالات أخرى مثل الثقافة الإسلامية، اللغة العربية، علم الآثار، الهندسة المعمارية، الاقتصاد والتسويق وغيرها.

وأعتقد أيضًا أن الكويت يمكن أن تكون مركزًا للطلاب المالطيين لمواصلة تعليمهم المهني كالأعمال الزراعية، وتحديدًا الزراعة العضوية. هناك أيضًا قطاع التعليم السياحي حيث أعتقد أن كلا البلدين يمكن أن يستفيدا منه من خلال مؤسساتهما التعليمية المختلفة. فعلى سبيل المثال، توجد في مالطا مدرسة هي (معهد الدراسات السياحية) لا تقدم خدماتها للطلاب المالطيين فحسب، بل أيضًا للعديد من الأجانب. تم اعتماد هذا المعهد أيضًا لمنح درجات تصل إلى مستوى الماجستير، والتي يتم الاعتراف بها ليس فقط في مالطا، بل أيضًا في الاتحاد الأوروبي.

وعند الحديث عن السياحة، يجب على المرء أن يضع في اعتباره أن كلا من الكويت ومالطا تمتلكان فنادق ومنتجعات سياحية جيدة جداً. وفي حين أن جزيرة مالطا محاطة بالبحر، فإن الكويت تتمتع بساحل رائع يبلغ طوله نحو 500 كم. ومن شأن هذه العناصر المشتركة أن تشجع كلا البلدين على مواصلة التعاون في هذا المجال.

مالطا آمنة للاستثمار

* ما الدعوة التي توجّهها للمستثمرين الكويتيين للاستثمار في بلدك؟

-لا تمتلك مالطا موارد طبيعية مثل النفط أو الغاز أو الذهب، لكن لديها فقط الحجر الجيري المحلي، الذي يستخدم على نطاق واسع في

صناعة البناء المحلية.

علاوة على ذلك، تمتلك مالطا موردًا واحدًا لا يقدر بثمن وهو: الموارد البشرية، حيث أدى الاستثمار في الموارد البشرية إلى تطوير الاقتصاد المحلي الذي يعتمد في الغالب على التصنيع والخدمات، فمالطا هي مكان آمن للاستثمار الدولي، كما أنها دولة مسالمة، مثل الكويت.

وأغتنم هذه المقابلة كفرصة لدعوة رجال الأعمال الكويتيين للنظر في مالطا كمكان يرغبون في نشر أعمالهم فيه.

كما أن فتح أعمال جديدة من المستثمرين الأجانب في مالطا يخضع للتدقيق الوطني وإجراءات ضمان الجودة، لكن هناك أيضًا العديد من قنوات الدعم التي تشجع رجال الأعمال المحتملين على العمل في هذه الجزيرة الصغيرة والمهمة في البحر الأبيض المتوسط.

مجالات التعاون

*ما أبرز مجالات التعاون الثنائي بين البلدين؟

- أنا متأكد من أنه في مجال الرياضة هناك الكثير الذي يمكن القيام به، فالكويت كما مالطا، تتمتّع بالعديد من النشاطات الرياضية الجيدة جدا، وأعتقد أن الرياضة يمكن أن تكون وسيلة للتعاون بين البلدين وللتواصل بين الناس.



وبالحديث عن التواصل، فهو أحد المجالات التي ستعمل فيها مالطا والكويت بالتأكيد على تحسينها، لأنه حتى الآن، لا يتم السفر بين الكويت ومالطا إلا من خلال وجهة أخرى، إذ لا توجد رحلات مباشرة، وأعتقد أنه مع الرحلات المباشرة، ستكون الحياة أسهل وأكثر فعالية من حيث التكلفة للسياح ورجال الأعمال المحتملين للسفر بين البلدين للاجتماعات والعمل والترفيه والمسائل الطبية وما إلى ذلك. وبالنسبة لي، هذه الأولوية القصوى.

نأمل أن يزور صاحب السمو مالطا لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين

المجال الآخر الذي يمكن للكويت ومالطا أن تواصلا التعاون فيه هو مجال الثقافة، حيث يشترك الكويتيون والمالطيون في العديد من العناصر المشتركة: اللغة والقيم والتاريخ.

وتجدر الإشارة إلى أن اللغة المالطية هي لغة سامية في الأساس، حيث إن 60% من مفرداتها مستمدّة من اللغة العربية. وتاريخيًا، بين عامي 870 و1091، شكلّت الجزر المالطية جزءًا من دار الإسلام ووقعت تحت إمارة صقلية.

ومن الناحية الأثرية، يجب أن أذكر أن علماء الآثار اكتشفوا في مالطا عددًا كبيرًا من مقابر المسلمين التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى (القرن الثاني عشر). وتضمنت العديد منها مرثيات مكتوب عليها بالكتابة العربية.

زيارات رفيعة

* هل هناك أي زيارات رفيعة المستوى متوقعة في كلا الاتجاهين؟

- ليس بعد. نحن نعمل على ذلك أيضاً، وأمل أن يزور سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد بلدي وأنا متأكد من أن وجوده في مالطا سيكون فرصة ذهبية لكلا البلدين لمواصلة التخطيط والعمل معًا لتعزيز العلاقات الثنائية القائمة بالفعل، وأستطيع أن أؤكد لكم أن سموه، مثل أسلافه، يكنُّ لبلدي تقديراً عالياً.

الكويت متسامحة

* بعض السفراء يقولون إن الكويت هي أفضل مكان لأي دبلوماسي ليكون فيه... هل تتفق معهم؟

- نعم أوافق. وبصرف النظر عن كونها دولة مسالمة جدا ومتسامحة، فإن الكويت هي المكان الذي يشعر فيه الدبلوماسيون بالترحيب والراحة للغاية. لقد وجدت دائمًا الدعم من الوزارات والسلطات الحكومية ذات الصلة عندما كان ذلك مطلوبًا.

وأعتقد اعتقادا راسخا بأن السفير يجب أن يشعر بالنبض السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلد المضيف ولكن في سياق أوسع. وبهذا المعنى، من المهم مراقبة ومعرفة ما يحدث ليس فقط في الكويت ومالطا، بل في جميع أنحاء العالم.

من التعليم إلى الدبلوماسية

*كيف انتقلت من التعليم إلى العمل الدبلوماسي؟

-بعد أكثر من ثلاثة عقود أمضيتها بالتعليم في علم الآثار والأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية، ظهرت فرصة جديدة «الدبلوماسية»، حيث جاءت الدعوة من دون أن أتوقّعها على الإطلاق، وكان هناك دعم كبير من عائلتي.

كانت مهمتي الدبلوماسية الأولى في أرمينيا وجورجيا، ولقد عملت لمدة عامين تقريبًا سفيرا غير مقيم في هذين البلدين الرائعين، وقد منحني هذا فرصة فريدة للسفر إليهما وبناء جسور التعاون في مختلف المجالات. وفي عام 2022، كلفتني الحكومة المالطية بمنصب جديد سفيرا لدى دولة الكويت.

أدعو رجال الأعمال الكويتيين إلى الاستفادة من الاستثمار الآمن في بلادي

وصلت إلى هنا في 28 مارس 2023، وعند هبوطي في مطار الكويت الدولي في ذلك اليوم بالذات، كانت الجملة الأولى التي قلتها لنفسي هي أن الكويت هي بيتي الثاني. فكان الأمر كذلك. أشكر الله على هذه الفرصة الرائعة، وآمل أن أبقى هنا طالما كان ذلك مطلوبًا مني. وكوني سفيرًا يعني أنني هنا لخدمة بلدي وتقديم دعمي الكامل للمواطنين المالطيين والكويتيين الذين يرغبون في العمل أو القيام بأعمال تجارية في مختلف المجالات، وتلقي التعليم أو التدريب، ويقدرون ثقافة بعضهم البعض.

مسجد ومدرسة إسلامية في مالطا

كشف السفير زاميت أنه يوجد في مالطا مسجد واحد فقط، والمجتمع المسلم في مالطا ينمو بشكل كبير مع تزايد أعداد المغتربين.

وأضاف: توجد في مالطا أيضًا مدرسة إسلامية واحدة، كان يديرها لسنوات عدة مدير مسيحي، وهذا بالتأكيد مثال واضح على كيفية عمل المسلمين والمسيحيين معًا لمصلحة المجتمع.

وطوال اللقاء، لم يترك السفير زاميت مسبحة من يده، قال إنها هدية من صديق كويتي، علّمه كيفية استخدامها بطرق مختلفة، إضافة إلى هدية مميّزة أخرى، تلقاها من أحد المواطنين، ويضعها في صدر مكتبه، وهي نسخة قديمة جداً من القرآن الكريم.

الكويت يمكن أن تكون مركزاً للطلبة المالطيين لمواصلة تعليمهم المهني وتحديداً في الزراعة العضوية

back to top