ضروة هيكلة القطاع النفطي وحوكمته
يمر القطاع النفطي بمرحلة تغيير وإعادة هيكلة (Restructuring) ودمج لبعض شركاته مثل دمج شركة البترول الوطنية (KNPC) والشركة الكويتية للصناعات البترولية المتكاملة (KIPIC) كخطوة أولى في طريق الدمج الكامل بين الشركات النفطية، وقد تقدمت عندما كنت عضواً في المجلس الأعلى للبترول في عام 2015 بمقترح للمجلس بأهمية إعادة هيكلة القطاع النفطي بسبب كبر حجمه وتعدد الشركات النفطية والظروف والتغيرات التكنولوجية التي تشهدها الصناعات النفطية في تلك المرحلة، وبما يتناسب مع المتطلبات والتوجهات الاستراتيجية للقطاع النفطي 2030 ورؤية الكويت 2035، ولكن مع الأسف الشديد لم يحظ المقترح بالاهتمام والقبول في تلك الفترة بالرغم من إيماني التام بأهمية إعادة هيكلة القطاع النفطي.
وأرى في الوقت الحالي أهمية وضرورة إعادة هيكلة القطاع النفطى وحوكمته، حيث تهدف الحوكمة بشكل عام إلى مكافحة الفساد وسيادة القانون والمحاسبة والمساءلة والإفصاح وتحقيق العدل والمساواة وتعزيز النزاهة والشفافية في البيانات والمعلومات واتخاذ القرارات.
وتتطلب الحوكمة (Governance) في القطاع النفطي وجود ورؤية وخطة استراتيجية طويلة المدى مكتوبة وواضحة ومتفق عليها، وتتم متابعتها من خلال نموذج خطوط الدفاع الثلاثة (The Three Lines Model) وقياس الأداء المتوازن (Balanced ScoreCard) التي تركز على أهمية القيادات الإدارية الفاعلة والكفاءات البشرية المتميزة والمبدعة (Effective & Efficient Leadership) والثقافة التنظيمية والالتزام المهني والمساواة والعدالة المهنية والمساءلة والشفافية من خلال حسن إدارة المخاطر، والمحافظة على أهم قطاع في دولة الكويت وموردها الوحيد من خلال إعادة الهيكلة والحوكمة والإفصاح، وكشف تعارض المصالح والمحاسبة والشفافية، وتعزيز السلوك والتصرف الأخلاقي والاعتراف بدور وأهمية أصحاب المصالح واهتماماتهم.
والحوكمة أداة فعالة لتحويل النمو الاقتصادي الى تنمية بشرية مستدامة وتحسين المستوى المعيشي وتنمية لمصادر الدخل وسعادة المواطن، وعليه فإنني أرى أنه يجب على السلطة التنفيذية الحالية إعادة هيكلة القطاع النفطي (Restructuring of the Oil Sector) وكذلك حوكمة القطاع النفطي (Governance of the Oil Sector) حيث إن ذلك لم يعد خياراً، بل أصبح هدفاً استراتيجياً رئيساً ضرورياً ضمن خطة واستراتيجية ورؤية الكويت 2040، إذا كانت هذه الحكومة فعلًا جادة في خططها الاقتصادية والاجتماعية والتنمية البشرية لتحقيق التنمية المستدامة.
نعم إن متطلبات الحوكمة بشكل عام ومتطلبات إعادة هيكلة وحوكمة القطاع النفطي بشكل خاص ليست سهلة التنفيذ، وتتطلب الكثير من الجهد والمال والخبرات والموارد البشرية المدربة، لكنها ليست مستحيلة متى ما توافرت الإرادة والرغبة والنية الصادقة والعزم والحسم في اتخاذ القرار والإدارة الفاعلة والكفؤة والمتابعة والرقابة الإدارية والمالية الحثيثة والشفافية، وسيادة القانون، والاتفاق والتوافق بين مختلف أصحاب المصالح في المجتمع لتحقيق المصلحة العامة والمشتركة لكل فئات المجتمع.
إن الكويت في أشد الحاجة لوجود القائد الإداري والسياسي المحنك الذي يتبنى ويؤمن بالحوكمة كوسيلة ونهج لتحقيق التنمية المستدامة، وينتشل السلطة التنفيذية من الضبابية والتردد في اتخاذ القرار، ويعيد هيبة الدولة وقدسية أمنها الوطني.
ودمتم سالمين.