هناك من ادّعى أن طاعة الأمير مفهوم قديم لا وجود له في نظامنا الدستوري، وهذا القول خطأ فادح، فمع إعمالنا قاعدة أنه «لا مشاحة في الاصطلاح»، فسنجد أن الدستور وضع حقوقاً وسلطات معيّنة للأمير يجب أن يُطاع بها، ولا معقّب عليه فيها، مثل الأوامر الأميرية بتعيين رئيس الوزراء وإعفائه من منصبه، وتعيين نائب للأمير.

كذلك نص الدستور، في شرحه للمادة 57، على تشكيل الحكومة على النحو الذي يرتئيه الأمير، على أن يكون هذا التعيين نهائياً وغير معلّق على قرار بالثقة من مجلس الأمة، ويكون دور المجلس هو الرقابة والمحاسبة على أعمال الحكومة بعد الالتزام بتعيينها، وليس للأعضاء رفض تعيين الحكومة قبل عملها، وهو الخطأ الذي وقعت فيه المعارضة بالمجلس الماضي، وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ للأمير حق التصديق على القوانين بعد موافقة المجلس عليها (م 79)، ويكون الالتزام بها واجباً والخروج عليها جريمة، فلا تجوز مخالفة القوانين إلا بعد تغييرها بنفس أسلوب إقرارها وتصديق الأمير على التغيير، أما إذا رأى الأمير عدم التصديق عليها، فإنه يعيدها إلى المجلس لطلب إعادة التصويت بأغلبية خاصة (م 66)، أو يقوم بحلّ المجلس (م 107).

Ad

وحق حل المجلس للأمير يكون بمرسوم مسبب لمدة شهرين، بسبب خلاف بين المجلس والحكومة أو لعدم الرضا عن عمل المجلس، على أن تُجرى الانتخابات خلالهما، ولا يجوز وقف قرار الأمير بالحل إلا إذا كان بسبب خطأ في الإجراءات، وعندها تُعاد الإجراءات مرة أخرى دون الإخلال بحق الأمير.

وأيضاً، فإن للأمير حق إصدار مراسيم الضرورة (م 71) التي يجب إمضاؤها إلى أن يلغيها مجلس الأمة بأغلبية خاصة بعد عودته أو بحكم من المحكمة الدستورية إذا كان فيها خطأ دستوري، وهذا يبين خطأ الإخوة الذين تظاهروا في الشوارع محاولين إيقاف مراسيم الضرورة بغير الطريق الدستوري.

وفي مقابل سلطات الأمير، ترك الدستور سلطات أخرى للشورى، مثل التصويت على المعاهدات والقوانين، أما محاسبة الوزراء فهي حق للأمير، كما هي حق للمجلس أيضاً، حيث نص الدستور على أن الوزير مسؤول عن عمله أمام الأمير (م 58) ومجلس الأمة (م 101)، فلو أراد الأمير إعفاء أي وزير فهذا حقه المطلق، ولا يجوز عدم طاعته.

كما لا ننسى أن أعضاء المجلس يقسمون قبل عملهم على الإخلاص للوطن والأمير، ولا شك في أن من الإخلاص عدم الخروج على سلطات الأمير الدستورية أو محاولة الاستيلاء عليها، كما فعل أحد الأعضاء السابقين في إحدى الساحات وصفّق له الجهلة.