من ضمن الاقتراحات بقوانين المدرجة على جدول أعمال اجتماع اللجنة التشريعية البرلمانية الأحد المقبل، الاقتراح المقدم من النواب شعیب المويزري، ود. فلاح الهاجري، وأسامة الزيد، وسعود العصفور، وعبدالله فهاد، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960، والذي ينص على أن تضاف فقرة أخيرة إلى المادة 4 من القانون رقم 31 لسنة 1970 نصها الآتي: «ولا يسري هذا الحكم عند استعمال الفرد لحق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما بأي وسيلة كانت إعمالا للنص الدستوري».
كما ينص الاقتراح على أن تستبدل بنص المادة 15 من القانون رقم 31 لسنة 1970 المشار إليه النص الآتي: «يعاقب بالحبس المؤقت الذي لا تقل مدته عن ثلاث سنوات كل كويتي أو مستوطن في الكويت أذاع عمدا في الخارج أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للبلاد، ونتج عن ذلك انهيار الثقة المالية بالدولة أو باشر بأية طريقة كانت نشاطا نتج عنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد».
رأي النيابة العامة
وكانت «الجريدة» نشرت في سبتمبر الماضي رأي النيابة العامة الذي انتهت فيه إلى رفض هذا الاقتراح، وسط تأكيدها أن حرية الرأي والتعبير لم تكن يوما مطلقة، «فإن جاءت بإساءة أو تضمنت سبا أو قذفا يمس العلاقات الدولية يقع مرتكبوها تحت طائلة القانون»، مشددة على أن قضاء المحكمة الدستورية الذي ركن إليه مقدمو الاقتراح، «فُهِم في غير مرماه».
وأفادت النيابة، في رأيها، بأن «الدستورية» و«التمييز» كلتيهما «لم تُخرجا الآراء والأقوال من مفهوم الأفعال»، ورأت أن المذكرة الإيضاحية للاقتراح اجتزأت من مدونات حكم «الدستورية» عبارة لا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير وأخرجتها عن سياقها ليستدل من ذلك على ما يعزز وجهة النظر التي قام عليها التعديل المقترح.
وأشارت إلى أن حرية الرأي والتعبير لم تكن يوما حرية مطلقة، بل هي حرية مسؤولة - وفقاً لتعبير مقدمي الاقتراح المعروض بمذكرته الإيضاحية – وعليه فإن تلك الحرية «إن جاءت بإساءة أو تضمنت سباً أو قذفاً، يمس العلاقات الدولية، فلا ريب أنها ستُلحق بدولة الكويت أضراراً بالغة على الصعيد الدولي، وبالتالي يقع مرتكبها تحت طائلة القانون»، وبناء على ما تقدم ترى النيابة عدم الموافقة على الاقتراح برمته.
مقومات وضمانات
أما مقدمو الاقتراح فقد قالوا في مذكرته الإيضاحية: «قرر الدستور الكويتي في التصوير العام لنظام الحكم أن رقابة الرأي العام لا شك أن الحكم الديموقراطي يأخذ بيدها ويوفر مقوماتها وضماناتها، ويجعل منها مع الزمن العمود الفقري في شعبية الحكم، وأن هذه المقومات والضمانات في مجموعها هي التي تفيء على المواطنين بحبوحة من الحرية السياسية، فتكفل لهم إلى جانب حق الانتخاب السياسي مختلف مقومات الحرية الشخصية وحرية العقيدة وحرية الرأي وحرية الصحافة والطباعة والنشر وحرية المراسلة وحرية تكوين الجمعيات والنقابات وحرية الاجتماع الخاص وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات وحق تقديم العرائض إلى السلطات العامة».
وأضافوا: مما لاشك فيه أن حق التعبير هو أساس المقومات والضمانات المقررة للرأي العام، ومطلب ضروري، وهدف يبحث عنه الإنسان، إذ إن حق التعبير يعد قيمة تقاس بها الحضارة الإنسانية للدولة، ومنه تستكمل أسباب الحكم الديموقراطي، وترسو عنده الحريات جميعها، وبسببه تسود مبادئ العدالة والمساواة، ويتحقق ما جبلت عليه النفس من اعتزاز بكرامة الفرد والحرص على مصلحة المجموع، فإطلاق حق التعبير المسؤول يؤدي إلى تحرير الطاقات، ويمكن الفرد من الإبداع والبحث العلمي والمشاركة الحقة في الحياة العامة، ووقف السلطات إن حادت عن طريق الصواب.
وتابعوا: امتثالاً لما سبق فقد أعد مقترحو القانون المرافق لإطلاق حق التعبير المسؤول بعد أن لاحظ المشرع أن بعض أحكام القانون رقم 1 لسنة 1970 بتعديل قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 حملت حق التعبير أكثر مما يحتمل، فأرهقته هذه الأحكام، واتجهت به في التطبيق العملي إلى افتراض سوء نية الممارس لهذا الحق، فصدرت الأحكام الجزائية التي أنهكت الأفراد عند ممارستهم لحق التعبير، ومن هنا فإن المشرع أعد القانون المرافق لتلافي السلبيات التي أصابت حق التعبير وتحقيق ما نصت عليه المادة 36 من الدستور بأن حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، فلقد جاءت الأحكام الجزائية لتفسر عبارة العمل العدائي على أنه يشمل الآراء أيا كان مصدرها ووسيلتها وطرق نشرها.
واستدركوا: هذا التفسير جاء على غير مقتضى ومخالفا لأمرين، أولهما: ما قرره المشرع البرلماني في مجلس الأمة لفصله التشريعي الثاني في الجلسة المنعقدة بتاريخ 7 يوليو 1970 - دور الانعقاد الرابع - مضبطة رقم (241/ و)، بأن فسر المشرع آنذاك العمل العدائي بأنه (الفعل) دون استطالة هذا العمل الإجرامي إلى الأقوال والآراء والتصريحات والكتابة، وثانيهما: ما قررته المحكمة الدستورية في حكمها الصادر برقم 3 لسنة 2016 (دستوري) بتاريخ 11 مايو 2016 بأن المقصود بالعمل العدائي المذكور في المادة 4 من القانون رقم 31 لسنة 1971 بشأن جرائم أمن الدولة هو: كل فعل ظاهر الخطورة من جنس جمع الجند، ولا يكون للدولة شأن به، ويتعين في هذا العمل المؤثم أن يكون فعلاً مادياً وخارجياً ملموساً محسوساً.... ومتى كان ذلك وكان النص على النحو المتقدم إنما يتناول تجريم أفعال مادية لا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير المكفولة في الدستور والمنظمة قانونا.
إشاعات كاذبة
وقال مقدمو الاقتراح في المذكرة الايضاحية: كما نصت المادة الثانية من هذا المقترح على استبدال المادة 15 من القانون 31 لسنة 1970 المشار إليه بالنص الآتي: يعاقب بالحبس المؤقت الذي لا تقل مدته عن ثلاث سنوات كل كويتي أو مستوطن في الكويت أذاع عمدا في الخارج أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للبلاد، ونتج عن ذلك انهيار الثقة المالية بالدولة أو باشر بأية طريقة كانت نشاطا نتج عنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد.
وأكدوا أن هذا النص قبل تعديله جعل من حق التعبير محلا للظنون بأن افترض أن كل ما يكون نشرا للأخبار أو البيانات هو إشاعات مغرضة متى ما كان هذا النشر يؤدي فرضياً إلى إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو أن أي مباشرة لأي نشاط يؤدي فرضياً إلى الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وذلك كله دون تحديد مفهوم منضبط للأوضاع الداخلية للبلاد أو المصالح القومية لها، لذلك فقد رأى المشرع في المادة الثانية من مقترح القانون تحديد النتيجة الجرمية لنص المادة 15 بشكل جازم يزيل أي غموض في ماهية تطبيق النص وتحديد المسؤولية الجنائية لمرتكب الفعل الإجرامي المنصوص عليه، خاصة أن النص قبل التعديل يخالف ما استقر عليه القضاء الدستوري في الحكم رقم 12 لسنة 2010 دستوري، الصادر بتاريخ 15 مارس 2010 بأن «الركن المادي للجرائم لا يفترض».
وأضافوا: لذلك فإنه لما كان مفهوم الركن المادي يرتبط ارتباطاً لا يقبل التجزئة بالنتيجة الجرمية تطبيقا لمبدأ العلاقة السببية بين الفعل الإجرامي والنتيجة الجرمية، فإن تحديد هذه النتيجة على سبيل الجزم يؤدي في واقع الحال إلى تحديد الركن المادي للجريمة المنصوص عليها في المادة 15 سالفة البيان، بأن جعل المقترح أن الجريمة لا تكتمل الوقوع إلا إذا كان النشر للأخبار أو البيانات أو غيرهما قد نتج عنه فعليا انهيار الثقة المالية للدولة أو كان النشاط الذي باشره المتهم نتج عنه فعليا الإضرار بالمصالح القومية للبلاد.