الصومال: تظاهرات ضد «اتفاق بربرة» وتحذير من غزو إثيوبي

مصر تؤكد دعمها لمقديشو... ودعوات لاحترام وحدة الأراضي الصومالية

نشر في 04-01-2024
آخر تحديث 03-01-2024 | 20:58
تلميذات صوماليات يحملن علم بلادهن خلال تظاهرة ضد الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال في مقديشو أمس (أ ف ب)
تلميذات صوماليات يحملن علم بلادهن خلال تظاهرة ضد الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال في مقديشو أمس (أ ف ب)

تظاهر مئات الصوماليين أمس في مقديشو، عاصمة البلاد احتجاجاً على اتفاقية وقعتها «أرض الصومال» (صوماليلاند) مع إثيوبيا، تحصل أديس أبابا عبرها على منفذ بحري في ميناء بربرة مقابل اعترافها بالجمهورية، التي أُعلنت في 1991 من طرف واحد، دولة مستقلة، في خطوة لم تحظ باعتراف دولي.

والاتفاق الذي وقعه رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد مع زعيم أرض الصومال موسى بيهي عبدي يمنح إثيوبيا، الدولة الحبيسة، مدة 50 عاماً منفذاً على البحر الأحمر بطول 20 كلم يضم خصوصاً ميناء بربرة وقاعدة عسكرية، وذلك مقابل أن تعترف أديس أبابا رسمياً بأرض الصومال جمهورية مستقلة.

وشارك في التظاهرات وزراء ونواب في البرلمان، إلى جانب رئيس بلدية مقديشو يوسف جمعالي. وقال وزير الداخلية أحمد فقي، خلال التظاهرات، إن إثيوبيا أخطأت حساباتها السياسية، معتبراً أن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد «يسعى إلى حل مشاكله الداخلية بالمشاكل الخارجية، لكن مساعيه لن تتحقق، والاعتداء على سيادة دول مجاورة لن يجلب للإثيوبيين منفذاً بحرياً». وأضاف أن أحمد «يشعل النار».

وفي تصريح يعكس تخوفاً من غزو إثيوبي، طالب نائب رئيس الوزراء الصومالي صلاح أحمد جامع، أمس، الشعب الصومالي بالدفاع عن أرضه من أي غزو أجنبي، بعد الاتفاق. ورفض المجلس الاستشاري الوطني برئاسة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أمس الاتفاق، داعياً الحكومة إلى «ضرورة الوفاء بالتزاماتها الدستورية للحفاظ على كرامة وشرف ووحدة أراضي الصومال». وأجرى الرئيس الصومالي، أمس الأول، حسن شيخ محمود اتصالاً هاتفياً مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، الذي أكد موقف مصر الثابت بالوقوف بجانب الصومال الشقيق ودعم أمنه واستقراره.

و‏أكدت وزارة الخارحية المصرية، أمس، ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة الصومال الفدرالية على كل أراضيه، ومعارضتها لأي إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، مشددةً على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.

ودعت المتحدثة باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي، في بيان، إلى احترام وحدة جمهورية الصومال. وأكد البرلمان العربي رفضه التام لأية محاولات لانتهاك سيادة واستقلال ووحدة الصومال، مشدداً على أن أمن واستقرار الصومال واحترام سيادته جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.

ودافعت الحكومة الإثيوبية، أمس، عن الاتفاق وقالت إنه «يتضمن بنوداً تتيح للحكومة الإثيوبية إجراء تقييم معمق تجاه اتخاذ موقف بشأن جهود أرض الصومال لنيل الاعتراف».

وشددت في بيان على أنه «لن يتأثر أي طرف أو دولة بمذكرة التفاهم هذه. لم تُفقد الثقة ولم تنتهك أي قوانين»، مضيفة أنه رغم عدم الاعتراف بأرض الصومال بالكامل، وقعت اتفاقيات مع دول مختلفة منها ما يشمل تطوير مرافئ.

وفي تفاصيل الخبر:

نظمت بلدية مقديشو، عاصمة الصومال، أمس، تظاهرة شعبية في ملعب «استاديو كونس» في حي شبس، شرقي العاصمة الصومالية، احتجاجاً على اتفاقية وقعتها «أرض الصومال» (صوماليلاند) مع إثيوبيا، تحصل أديس أبابا عبرها على منفذ بحري في ميناء بربرة مقابل اعترافها بالجمهورية التي أُعلنت في 1991 من طرف واحد دولة مستقلة، في خطوة لم تحظ باعتراف دولي.

والاتفاق الذي وقعه رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد مع زعيم أرض الصومال موسى بيهي عبدي يمنح إثيوبيا، الدولة الحبيسة، مدّة 50 عاماً منفذاً على البحر الأحمر بطول 20 كلم يضمّ خصوصاً ميناء بربرة وقاعدة عسكرية، وذلك مقابل أن تعترف أديس أبابا رسمياً بأرض الصومال جمهورية مستقلة.

وشارك في التظاهرات، وزراء ونواب في البرلمان إلى جانب رئيس بلدية مقديشو يوسف محمد جمعالي. وجاب المتظاهرون شوارع العاصمة حاملين صور الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وسط هتافات ضد الاتفاق الذي وقعته إثيوبيا من بينها «بحرنا ليس للبيع».

وقال وزير الداخلية أحمد معلم فقي، خلال التظاهرات، إن إثيوبيا أخطأت حساباتها السياسية، معتبرا أن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد «يسعى إلى حل مشاكله الداخلية بالمشاكل الخارجية، لكن مساعيه لن تتحقق، والاعتداء على سيادة دول مجاورة لن يجلب للإثيوبيين منفذاً بحرياً».

وأضاف أن أحمد «يشعل النار من خلال خطواته المتهورة وتصريحاته التي تثير حفيظة الدول المجاورة لإثيوبيا».

من جهته، قال رئيس بلدية مقديشو يوسف محمد جمعالي إن «التعايش السلمي هو مصلحة للجميع، وعلى إثيوبيا أن تدرك ذلك»، مشيرا إلى أن «الصومال لم يكن في موقف الضعف ليعتدي الطامعون على سيادته وثروته».

وأضاف أن «هذه المذكرة غير القانونية، وحّدت كلمة الصوماليين للدفاع عن سيادتهم وثرواتهم ضد كل من يحاول المساس بها».

ورداً على الاتفاقية الإثيوبية مع «صوماليلاند»، بدأ الصومال تحركات دبلوماسية لمنع مساعي أديس أبابا لانتهاك سيادته. وبحسب مكتب الرئاسة الصومالي، فإن الرئيس حسن شيخ محمود أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، وبحثا العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

وأضاف بيان المكتب، ان الجانبين تطرقا أيضا إلى سبل تعزيز العلاقات التاريخية وأهمية توحيد الجهود الثنائية لمواجهة التحديات المشتركة في المنطقة.

بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي، في تدوينة على صفحته في «فيسبوك»، إن «الرئيس المصري أكد موقف مصر الثابت بالوقوف بجانب الصومال الشقيق ودعم أمنه واستقراره».

كما أجرى الرئيس الصومالي اتصالا هاتفيا آخر مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تطرقا فيه للوضع في المنطقة والقضايا ذات الاهتمام المشترك. كما بحث الجانبان العلاقات الثنائية وفرص تطويرها لتعزيز التعاون بين البلدين.

ورداً على الاتفاق أعلنت الحكومة الصومالية أمس الأول أنّ «أرض الصومال جزء من الصومال بموجب الدستور الصومالي، وبالتالي يعتبر الصومال هذا الإجراء انتهاكا فاضحا لسيادته ووحدته».

كما طلبت مقديشو من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي العمل معاً في مواجهة هذا «العدوان من إثيوبيا والتدخّل في السيادة الصومالية» واستدعت سفيرها لدى أديس أبابا «للتشاور».

وتقع أرض الصومال في موقع استراتيجي بالقرن الإفريقي، ويحدها خليج عدن من الشمال وتشترك في حدودها مع جيبوتي في الغرب وإثيوبيا في الجنوب، وتبلغ مساحتها أكثر من 176 ألف كيلومتر مربع، مع خط ساحلي يمتد حتى 800 كيلومتر على طول البحر الأحمر.

ونالت أرض الصومال استقلالها عن بريطانيا في عام 1960 قبل أيام قليلة من حصول بقية الصومال الذي كان تحت الإدارة الإيطالية على استقلاله، ورغم أنها تنتخب حكومتها وتملك عملتها الخاصة وتصدر جوازات سفر فإنها لم تنل اعتراف الأسرة الدولية وتعاني العزلة والفقر.

وأمس، رفض المجلس الاستشارى الوطني برئاسة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود مجدداً الاتفاق الموقع بين إثيوبيا وأرض الصومال. وندد المجلس بشدة، في اجتماع افتراضي عاجل بـ «الانتهاك الصارخ الذي قامت به أديس أبابا ضد سيادة ووحدة جمهورية الصومال والشعب الصومالي»، داعيا الحكومة الصومالية إلى «ضرورة الوفاء بالتزاماتها الدستورية لحماية والحفاظ على كرامة وشرف ووحدة أراضي الصومال».

وعقدت وزارة الخارجية الصومالية، أمس، اجتماعاً مع السفراء الأجانب في العاصمة مقديشو للإبلاغ عن «انتهاك إثيوبيا للسيادة الإقليمية للصومال».

وذكرت وكالة الأنباء الصومالية أن القائم بأعمال وزير الخارجية علي بلقاد أبلغ وسائل الإعلام أن الاجتماع يهدف إلى إيصال قرار الحكومة بشأن العمل غير القانوني الذي ارتكبته أديس أبابا.

وطالب نائب رئيس الوزراء الصومالي صلاح أحمد جامع، أمس، الشعب الصومالي بالدفاع عن أرضه من أي غزو أجنبي، بعد الاتفاق.

في سياق المواقف الدولية، دعت المتحدثة باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي، في بيان لها، إلى احترام وحدة جمهورية الصومال غداة مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وإدارة أرض الصومال المحلية.

وأكدت المتحدثة أهمية احترام وحدة جمهورية الصومال وسيادتها وسلامة أرضيها وفقا لدستورها ومواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. وبحسب البيان، فإن «احترام وحدة الصومال هو مفتاح السلام والاستقرار في منطقة القرن الافريقي كلها».ودافعت الحكومة الإثيوبية أمس عن الاتفاق وقالت إنه «يتضمن بنودا تتيح للحكومة الإثيوبية إجراء تقييم معمق تجاه اتخاذ موقف بشأن جهود أرض الصومال لنيل الاعتراف».

وشددت في بيان على أنه «لن يتأثر أي طرف أو دولة بمذكرة التفاهم هذه. لم تُفقد الثقة ولم تنتهك أي قوانين»، مضيفة أنه رغم عدم الاعتراف بأرض الصومال بالكامل، وقعت اتفاقيات مع دول مختلفة منها ما يشمل تطوير مرافئ.

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي قال في اكتوبر الماضي، إن بلاده لا تنوي غزو أي بلد «ولن تلجأ أبدا للحرب لخدمة مصالحها»، وذلك خطاب أثار مخاوف حول مطالب أديس أبابا في البحر الأحمر. وكان أبي قال في خطاب بثه التلفزيون، إن «وجود إثيوبيا كأمة مرتبط بالبحر الأحمر»، وان بلاده محتاجة لميناء، مضيفا أن «السلام في المنطقة رهن بتقاسم متبادل ومتوازن» بين إثيوبيا المعزولة عن البحر وجيرانها.

وإثيوبيا هي ثاني أكبر بلد إفريقي ديموغرافيا مع نحو 120 مليون نسمة، لكن ليس لديها أي منفذ مباشر الى البحر الأحمر، الذي يعد أحد أكبر مسالك التجارة العالمية، خلافا لجارتيها إريتريا وجيبوتي.

وأثار خطاب أبي أحمد مخاوف مراقبين، خصوصا في ظل توترات مع إريتريا، على الرغم من تأكيده أنه «لا يريد التدخل في شؤون» بلدان أخرى، والعمل «سلميا» لخدمة طلبه بالحصول على ميناء في البحر الأحمر.

و‏أكدت وزارة الخارحية المصرية، أمس، ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة الصومال الفدرالية على كامل أراضيها، ومعارضتها لأي إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، مشددةً على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.

‏وأشارت «الخارجية»، في بيان، إلى «خطورة تزايد التحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها، التى تقوض من عوامل الاستقرار فى منطقة القرن الإفريقى، وتزيد من حدة التوترات بين دولها، في الوقت الذي تشهد فيه القارة الإفريقية زيادةً فى الصراعات والنزاعات التي تقتضي تكاتف الجهود من أجل احتوائها والتعامل مع تداعياتها، بدلاً من تأجيجها على نحو غير مسؤول».

‏وشددت على «ضرورة احترام أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، ومنها الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها، ومبادئ الاتحاد التى تنص على ضرورة احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال وعدم تدخّل أي دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى».

وطالبت مصر بـ «إعلاء قيم ومبادئ التعاون والعمل المشترك من أجل تحقيق مصالح شعوب المنطقة، والامتناع عن الانخراط في إجراءات أحادية تزيد من حدة التوتر وتعرّض مصالح دول المنطقة وأمنها القومى للمخاطر والتهديدات».

back to top