على مر عهد دونالد ترامب، نظّم الحزب الجمهوري صفوفه على شكل كيان يرفض استخلاص الدروس، فعمد إلى تجاهل المعلومات غير المحبذة أو إنكارها.
خسر ترامب التصويت الشعبي في عام 2016، وبفارق أسوأ من الأرقام التي حققها ميت رومني في عام 2012، لكن لم يهتم الحزب بهذه النتيجة وأعلن تحقيقه فوزاً تاريخياً ساحقاً.
لم يحصد ترامب نسبة تأييد تفوق الخمسين في المئة (في استطلاعات الرأي الجديرة بالثقة) في أي يوم من عهده الرئاسي، لكن لم يهتم الجمهوريون بهذا الوضع، بل ركّزوا على آراء الداعمين له.
سُحِق الجمهوريون عام 2018 بعد مشاركة أكبر عدد من الناخبين المؤهلين في الانتخابات النصفية منذ حقبة ما قبل الحرب العالمية الأولى، لكنهم لم يهتموا بهذه النتيجة بل اعتبروها دليلاً على تأييد الناخبين لترامب ورغبتهم في توسيع ظاهرة «الترامبية».
كذلك، هُزِم ترامب بفارق 8 ملايين صوت عام 2020، وفاز جو بايدن بثاني أكبر نسبة من التصويت الشعبي مقارنةً بأي مرشّح رئاسي منذ عام 1988، بعد باراك أوباما الذي حقق فوزاً ساحقاً عام 2008، ومع ذلك تجاهل الجمهوريون هذه المعطيات، وفي النهاية، أعلن رودي جولياني ودينيش دسوزا أن الانتخابات سُرِقت، وفضّل هذا الفريق التركيز على الأصوات التي حصدها ترامب في أوساط اللاتينيين.
انطلاقاً من ثقافة رفض التعلّم، بدأ المحافظون يعتبرون جميع الأحداث غير المحبذة دليلاً على صوابية أكثر الأشخاص تطرفاً، ففي ولاية فلوريدا مثلاً، يتعامل الجمهوريون مع فترة ما بعد الانتخابات عبر تشديد قوانين منع الإجهاض التي كلّفت زملاءهم خسائر كبرى في أنحاء البلد، ويُصِرّ المحللون المحافظون على أنهم لم يخسروا الانتخابات عام 2022، بل تعرّضوا للخداع مجدداً بسبب نظامٍ قائم على التزوير.
يُفترض أن يلاحظ المحافظون سوء نتائجهم وسط النساء غير المتزوجات وفئة الشباب، لكنهم لا يهتمون بهذا الواقع بل يهينون النساء غير المتزوجات، لا سيما الشابات، ويسخرون منهنّ، فبعد مهاجمة شخصيات مثل ميت رومني، وجون ماكين، وجورج بوش الابن، واستبعاد ليز تشيني وجمهوريين آخرين من أصحاب المبادئ من الكونغرس، يُعبّر معسكر اليمين اليوم عن استيائه لأن هؤلاء القادة المرفوضين لم يهبّوا لمساعدة المرشحين الذين تغاضوا عن حركة التمرد في 6 يناير وعارضوا تقديم المساعدات إلى أوكرانيا.
نادراً ما يحقق فريق الرئيس نتائج إيجابية في الانتخابات النصفية، فقد حصل ذلك في حالات استثنائية خلال القرن الماضي، وتحديداً في الأعوام 2002، و1998، و1962، و1934، وخلال تلك السنوات الأربع الاستثنائية، حصد حزب الرئيس دعماً كبيراً بسبب عامل إيجابي مستجد مثل توحيد صفوف البلد بعد هجوم 11 سبتمبر، والازدهار الاقتصادي في أواخر التسعينيات، والانفراج بعد أزمة الصواريخ الكوبية، وبداية التعافي من الكساد العظيم.
هذه السنة، بدت جميع المؤشرات سلبية بالنسبة إلى حزب الرئيس، ومع ذلك حقق حزب بايدن انتصارات متلاحقة، حيث تتعدد الأسباب التي دفعت الناخبين إلى التصويت لمصلحة الحزب الديموقراطي في 2022، لكن يصعب ألا نرصد المواقف التي ترفض الحزب الجمهوري بعد عهد ترامب، وتعارض حركة التمرد ضد مبنى الكابيتول في 6 يناير، وتقاوم الأجندة الثقافية الجمهورية التي تبدو قمعية ورجعية بنظر الكثيرين.
على وقع الصدمة الأولية التي رافقت هذه الهزائم عام 2022، كتب السيناتور جوش هولي التغريدة التالية: «الحزب الجمهوري مات، وحان وقت دفنه وبناء كيان جديد»، فهو محق في موقفه، لكن بالمعنى المعاكس، يحتاج الحزب الجمهوري اليوم إلى تقليص كل ما يؤمن به الجمهوريون المستبدون والرجعيون مقابل توسيع مظاهر الديموقراطية والحداثة التي يقاومها المعسكر الجمهوري منذ فترة.
إنه الدرس الذي يعطيه الناخبون الأميركيون مراراً وتكراراً، ويجب أن يسمعه الجمهوريون ويستوعبوه ويتقبّلوه أخيراً.
* سانتوش شارما بوديل
خسر ترامب التصويت الشعبي في عام 2016، وبفارق أسوأ من الأرقام التي حققها ميت رومني في عام 2012، لكن لم يهتم الحزب بهذه النتيجة وأعلن تحقيقه فوزاً تاريخياً ساحقاً.
لم يحصد ترامب نسبة تأييد تفوق الخمسين في المئة (في استطلاعات الرأي الجديرة بالثقة) في أي يوم من عهده الرئاسي، لكن لم يهتم الجمهوريون بهذا الوضع، بل ركّزوا على آراء الداعمين له.
سُحِق الجمهوريون عام 2018 بعد مشاركة أكبر عدد من الناخبين المؤهلين في الانتخابات النصفية منذ حقبة ما قبل الحرب العالمية الأولى، لكنهم لم يهتموا بهذه النتيجة بل اعتبروها دليلاً على تأييد الناخبين لترامب ورغبتهم في توسيع ظاهرة «الترامبية».
كذلك، هُزِم ترامب بفارق 8 ملايين صوت عام 2020، وفاز جو بايدن بثاني أكبر نسبة من التصويت الشعبي مقارنةً بأي مرشّح رئاسي منذ عام 1988، بعد باراك أوباما الذي حقق فوزاً ساحقاً عام 2008، ومع ذلك تجاهل الجمهوريون هذه المعطيات، وفي النهاية، أعلن رودي جولياني ودينيش دسوزا أن الانتخابات سُرِقت، وفضّل هذا الفريق التركيز على الأصوات التي حصدها ترامب في أوساط اللاتينيين.
انطلاقاً من ثقافة رفض التعلّم، بدأ المحافظون يعتبرون جميع الأحداث غير المحبذة دليلاً على صوابية أكثر الأشخاص تطرفاً، ففي ولاية فلوريدا مثلاً، يتعامل الجمهوريون مع فترة ما بعد الانتخابات عبر تشديد قوانين منع الإجهاض التي كلّفت زملاءهم خسائر كبرى في أنحاء البلد، ويُصِرّ المحللون المحافظون على أنهم لم يخسروا الانتخابات عام 2022، بل تعرّضوا للخداع مجدداً بسبب نظامٍ قائم على التزوير.
يُفترض أن يلاحظ المحافظون سوء نتائجهم وسط النساء غير المتزوجات وفئة الشباب، لكنهم لا يهتمون بهذا الواقع بل يهينون النساء غير المتزوجات، لا سيما الشابات، ويسخرون منهنّ، فبعد مهاجمة شخصيات مثل ميت رومني، وجون ماكين، وجورج بوش الابن، واستبعاد ليز تشيني وجمهوريين آخرين من أصحاب المبادئ من الكونغرس، يُعبّر معسكر اليمين اليوم عن استيائه لأن هؤلاء القادة المرفوضين لم يهبّوا لمساعدة المرشحين الذين تغاضوا عن حركة التمرد في 6 يناير وعارضوا تقديم المساعدات إلى أوكرانيا.
نادراً ما يحقق فريق الرئيس نتائج إيجابية في الانتخابات النصفية، فقد حصل ذلك في حالات استثنائية خلال القرن الماضي، وتحديداً في الأعوام 2002، و1998، و1962، و1934، وخلال تلك السنوات الأربع الاستثنائية، حصد حزب الرئيس دعماً كبيراً بسبب عامل إيجابي مستجد مثل توحيد صفوف البلد بعد هجوم 11 سبتمبر، والازدهار الاقتصادي في أواخر التسعينيات، والانفراج بعد أزمة الصواريخ الكوبية، وبداية التعافي من الكساد العظيم.
هذه السنة، بدت جميع المؤشرات سلبية بالنسبة إلى حزب الرئيس، ومع ذلك حقق حزب بايدن انتصارات متلاحقة، حيث تتعدد الأسباب التي دفعت الناخبين إلى التصويت لمصلحة الحزب الديموقراطي في 2022، لكن يصعب ألا نرصد المواقف التي ترفض الحزب الجمهوري بعد عهد ترامب، وتعارض حركة التمرد ضد مبنى الكابيتول في 6 يناير، وتقاوم الأجندة الثقافية الجمهورية التي تبدو قمعية ورجعية بنظر الكثيرين.
على وقع الصدمة الأولية التي رافقت هذه الهزائم عام 2022، كتب السيناتور جوش هولي التغريدة التالية: «الحزب الجمهوري مات، وحان وقت دفنه وبناء كيان جديد»، فهو محق في موقفه، لكن بالمعنى المعاكس، يحتاج الحزب الجمهوري اليوم إلى تقليص كل ما يؤمن به الجمهوريون المستبدون والرجعيون مقابل توسيع مظاهر الديموقراطية والحداثة التي يقاومها المعسكر الجمهوري منذ فترة.
إنه الدرس الذي يعطيه الناخبون الأميركيون مراراً وتكراراً، ويجب أن يسمعه الجمهوريون ويستوعبوه ويتقبّلوه أخيراً.
* سانتوش شارما بوديل