شكّل تعيين الشيخ الدكتور محمد الصباح رئيسا لمجلس الوزراء وتكليفه تشكيل الحكومة الـ 45 في تاريخ البلاد، إحدى نقاط الإجماع بين أكثر الفئات الكويتية التي تعوّل على ما قد يقدّمه الرئيس العتيد للمرحلة المقبلة، استنادا الى ما له من باع طويل في المجالات السياسية والاقتصادية.

وعلى الرغم من نأيه نسبيا عن تجاذبات الساحة السياسية على مدى 13 عاما تقريبا، فإن مواقفه خلال السنوات الماضية تكشف عن نهج سياسي واقتصادي ثابت ومتقدم يمكن التأسيس عليه لمزيد من التطوير والتنمية في المستقبل.

وفي تصريحات ولقاءات إعلامية، يرى الرئيس المكلف أن المنصب تكليف وليس تشريفاً، وأن خدمة الكويت ورفعة شأنها وتقدمها ومستقبل أبنائها هاجس الجميع، وأن رئيس الوزراء يُعيّن من قبل سمو الأمير وليس لأحد الحق في الاعتراض على هذا الأمر.

Ad

ويحذّر الصباح من تداعيات العصبيات على الكويت والديموقراطية فيها، معتبرا أن الأزمات السياسية تهدد استقرار المجتمعات وتشلّ المشاريع الاقتصادية والتنمية، وأن المطلوب حشد كل الطاقات لتكريس الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ويعتبر الرئيس المكلف أن المطلوب البحث عن موارد أخرى غير النفط لتنويع مصادر الدخل كي نربح المستقبل.

وفي موازاة هذه الرؤية السياسية، تشكّل الرؤية الاقتصادية والتنموية العامل الأبرز لدى الرئيس المكلف، وهو ما عبّر عنه في منتدى التنمية بالكويت الذي أقيم عام 2014، بمواقف يمكن أن تكون عناوين المخارج المترحة للمرحلة المقبلة.

وقال الصباح: «من الواضح أن هناك أزمة هوية اقتصادية واجتماعية وسياسية بالدرجة الأولى»، لافتا الى أن احتياطي الأجيال لن يستطيع تغطية العجز التراكمي، خلال 15 عاماً، مع استمرار الإنفاق كما هو. وأوضح أن نسبة الزيادة في الرواتب من 2004 الى 2014 بلغت 25%، واعتبر أن استمرار زيادة الإنفاق غير المدروس يضع الحكومة في موقف صعب.

محمد الصباح مشاركاً في أحد لقاءات أبناء الأسرة

وكشف أن الكويت أقل دولة في دول مجلس التعاون الخليجي في معدل الاستثمار المحلي؛ فالنسبة في قطر (وفق إحصاءات عام 2014) أعلى بمقدار 5% من معدل الاستثمار الكويتي، كما أن البحرين معدل استثمارها المحلي أعلى من الكويت.

وحول مقاربته لجهة الريادة في التنمية وما اذا كان للقطاع الخاص أو العام، يقول الصباح إن إطلاق قوى السوق الحر يضمن إطلاق روح الإبداع والمبادرة والمنافسة، مضيفا أن كثيرا من الاقتصاديين العالميين يرون أن تدمير مراكز الابتكارات الاقتصادية وتدمير أنماط الإنتاج البالية وتدمير مراكز القوى المختبئة وراء جدار الحماية الحكومية، إما بحماية جمركية أو دعم وإما بشراء مباشر من دون منافسة.

ويضيف: «بمعنى آخر إعطا‍ء الريادة للقطاع الخاص هو في الجوهر إطلاق القوى الخلّاقة لإعادة تشكيل القطاع الخاص من جهة، وإعادة صياغة العلاقة المجتمعية بين القطاع الخاص والدولة من جهة أخرى، حيث ينحصر دور السلطات الدستورية في وضع شروط اللعبة الاقتصادية ومراقبة عدالة التطبيق. وفي الوقت الذي توفر فيه قوى السوق للمواطنين سلّم الارتقاء إلى الأعلى عبر المنافسة والإبداع، فإن دور الدولة يصبح حيوياً في توفير شبكة الأمان لكل من يفشل ويسقط من أعلى هذا السلم»

وفي مقارنة لأداء القطاع الخاص الكويتي في سباق المقارنة مع القطاع الخاص في دول مجس التعاون (خلال عام 2014 )، يشير الصباح الى أن مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي غير النفطي بلغت عام 2011 في البحرين 83% والإمارات 80%، وعمان 75%، والسعودية 70%، وفي كل من قطر والكويت 50%.

وأوضح أن مساهمة القطاع الخاص الكويتي في توليد الدخل غير النفطي من أقل المساهمات في دول مجلس التعاون.

وبينما ينتج القطاع الخاص في البحرين 83% من الدخل غير النفطي، «نرى القطاع الخاص في الكويت ينتج نصف الدخل غير النفطي في الكويت، بما يستدعي مضاعفة الجهود لتمكين القطاع الخاص الكويتي من مجاراة نظرائه في دول مجلس التعاون».

وختم رئيس الوزراء المكلف بأن المطلوب الارتقاء إلى المسؤوليات الوطنية الكبرى عبر التنمية وتجاوز الانتماءات الطائفية والقبلية والحزبية لإنتاج مشروع وطني يعزز ازدهار المستقبل.