«الجريدة•» تكشف تفاصيل زيارة الرئيس الإيراني المفاجئة لكرمان ونجاته من تفجيرَي قبر سليماني
قآني وفدوي كانا في عداد الضحايا لولا توجههما إلى المطار لاستقبال رئيسي
• السفير الإيراني في بيروت طلب من نصرالله عدم التطرق للهجوم في خطابه
انفردت «الجريدة»، أمس الأول، بنشر خبر نجاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من الانفجار المزدوج الذي استهدف ضريح الجنرال قاسم سليماني في مدينة كرمان، حيث أكد مصدر أمني مقرب من رئيسي أن الأخير وصل بالفعل صباح أمس الأول بشكل مفاجئ إلى كرمان، حيث كان يخطط لإلقاء كلمة في «مقبرة الشهداء» التي تضم ضريح سليماني في الذكرى السنوية الرابعة لاغتيال القائد السابق لـ «فيلق القدس»، الذراع الخارجية للحرس الثوري.
وبحسب المصدر، كان من المقرر أن يلقي رئيسي كلمة في طهران بالذكرى، لكنه اتخذر قراراً مفاجئاً بالسفر إلى كرمان وإلقاء الكلمة هناك على أن يعود بعدها إلى العاصمة.
وأفاد المصدر بأن عدداً قليلاً فقط من كبار الشخصيات مثل محافظ كرمان، وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، اطلعوا على الزيارة في اللحظات الأخيرة فقط، وهو ما يعني أن رئيسي لم يكن على الأرجح مستهدفاً بالهجوم، مضيفاً أنه بمجرد وصول الأخير إلى مطار كرمان توجه لاستقباله هناك كل من اللواء الركن علي فدوي نائب قائد الحرس، وقائد «فيلق القدس» اللواء إسماعيل قآني اللذين كانا يشاركان في إحياء مراسم ذكرى الاغتيال.
وأضاف: بما أن الأجهزة الأمنية لم تكن مستعدة للزيارة، فإن رئيسي استقل سيارة قآني وفدوي المصفحة للتوجه إلى «مقبرة الشهداء» في حين توجه عدد من مرافقيه مع مسؤولين أمنيين في المحافظة إلى المقبرة لتأمين الموقع والطريق، موضحاً أن الانفجار الأول استهدف عامة الناس والمشاة في حين وقع الثاني بالضبط في مكان وجود القوى الأمنية التي كانت تهم بتأمين طريق تردد الرئيس، حيث إن ثلاثة من مرافقيه قتلوا في هذا الانفجار إلى جانب المارة وعدد آخر من عناصر القوى الأمنية.
وذكر المصدر أنه بمجرد وصول نبأ الانفجارين، عادت السيارة التي كانت تقل الرئيس فوراً إلى المطار بعد دقائق قليلة من خروجها منه، وتوجه رئيسي إلى طهران، وأصدر المجلس الأعلى للأمن القومي أمراً للجميع بالتكتم على زيارة الأخير، كما تم إعلام السفير الإيراني في بيروت كي يطلب من الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله عدم اتخاذ أي موقف من هذا التفجير في خطابه أمس الأول.
وأكد أنه لولا توجه قآني وفدوي إلى المطار لاستقبال رئيسي لربما كانا ضمن القتلى أو المصابين لأنهما كانا موجودين في المكان الذي حدث فيه الانفجار الثاني، موضحاً أن أوامر التكتم صدرت مباشرة من المرشد الأعلى علي خامنئي لأن الإعلان عن محاولة استهداف رئيسي أو حتى قآني وفدوي يترتب عليه رد إيراني متناسب في حين أن خامنئي أمر المجلس الأعلى للأمن القومي والأجهزة العسكرية والأمنية بالتزام ما يسمى «الصبر الاستراتيجي»، حسبما كشفت صحيفة «نيويورك تايمز».
وكشف المصدر لـ «الجريدة»، أن المجلس عقد اجتماعاً استثنائياً، مساء أمس الأول، شارك فيه خامنئي عبر الفيديو، وعاتب خلاله رئيسي، لأنه لم يلتزم بالتعليمات الأمنية وتوجّه إلى كرمان دون إجراء التنسيقات الأمنية المسبقة، وكاد يتسبب في كارثة، لأنه لو حدث له أي مكروه فإن إيران كانت مضطرة للرد، لافتاً إلى أن خامنئي شدد على ضرورة التكتم وعدم تسريب أي معلومات عن الحادث حتى يتم اتخاذ القرارات المناسبة.
وأوضح المصدر أن خامنئي جدد الدعوة إلى ضرورة التأهب على ضوء لائحة الاغتيالات الإسرائيلية التي قدمتها الأجهزة الأمنية الفرنسية للبنان ووصل إلى إيران، والتي كانت «الجريدة» نشرت عنها في 29 ديسمبر الماضي. وكانت اللائحة تضم القيادي في الحرس الثوري الإيراني رضا موسوي والقيادي في «حماس» صالح العاروري اللذين اغتيلا تباعاً في دمشق وبيروت.
وقال إن اللائحة كانت تضم أسماء تسعى إسرائيل لاغتيالها في سورية أو لبنان، لكن تبين أن تل أبيب عازمة على تنفيذ اغتيالات في إيران وحتى في دول أخرى عربية وخليجية.
وأضاف أن الأميركيين إلى جانب تصريحاتهم العلنية التي نفت أي تورط أميركي في تفجيري كرمان، أرسلوا رسالة مستعجلة عبر السفارة السويسرية في طهران أكدوا فيها أنهم غير ضالعين بأي شكل في الهجوم، كما أكدوا أنهم لم يطلعوا مسبقاً على عملية اغتيال العاروري في معقل «حزب الله».
إلى ذلك، أكد مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الحاضر حالياً في مدينة كرمان، أن التحقيقات الأولية بالنسبة للتفجيرين اللذين أديا إلى مقتل وجرح مئات الإيرانيين تؤكد أن المواد التي تم استخدامها في التفجيرين هي مواد شديدة الانفجار، وليست موجودة في السوق السوداء للأسلحة، بل هي مواد متوافرة فقط لدى بعض الجيوش الحديثة، إذ إنها تحدث انفجاراً ضخماً يعادل عشرات أضعاف حجمها من الـ «تي إن تي».
ورغم تبني تنظيم داعش الهجوم، قال المصدر إن مجموعات إرهابية مثل «داعش» أو «جند الله» يستخدمون عادة متفجرات صغيرة يمكن وضعها في أحزمة انتحارية، أو تكون قدرتها التفجيرية منخفضة لا تؤدي إلى أضرار بهذا الحجم.
وذكر أن أنظمة التفجير اللاسلكي التي تم الاستفادة منها كانت أيضاً أنظمة عسكرية متطورة وغير عادية، إذ تخطت كل أنظمة التشويش التي كانت القوات المسلحة الإيرانية تعتمدها.
وأشار إلى أنه منذ اللحظات الأولى للانفجار كان هناك تخبط بين الأجهزة الأمنية المتعددة الموجودة في المكان، إذ إن الأجهزة التابعة للحرس الثوري كانت تصر على أنه يجب توجيه الاتهام مباشرة إلى إسرائيل، في حين أصدر «الأعلى للأمن القومي» قراراً بالتأني في إصدار الاتهامات والصبر حتى اتخاذ القرار المناسب، لأن اتهام إسرائيل أو الولايات المتحدة سيخلق ضغطاً على طهران للرد بالمثل.