صالح الغازي: رواية «الباص» محاولة لفهم الآخر

رابطة الأدباء نظمت ندوة لمناقشة جماليات السرد

نشر في 07-01-2024
آخر تحديث 06-01-2024 | 18:34

نظمت رابطة الأدباء الكويتيين ندوة لمناقشة رواية «الباص» للروائي صالح الغازي، قدمها أستاذ المنطق وفلسفة العلوم في كلية الآداب بجامعة الكويت أ.د. محمد السيد، والكاتبة هدى الشوا، والإعلامي الكاتب د. حمد الجدعي، وأدارها أستاذ الترجمة في الجامعة د. محمد بن ناصر.

وحول الرواية، قال الغازي إن «الباص» خطوة لفهم الآخر، حيث إن باص الكويت له سمات مميزة ولم يتناوله أحد من قبل، وهو مختلف تماماً عن باصات الدول التي الأخرى، مبيناً أن الرواية تشمل حالتي الغربة والحنين.

وأشاد بمبادرة «الباص وينه»، وأوضح أن ساعة الشركة والموجودة على الغلاف الخلفي للكتاب كانت تنظم أيضاً حركة الحياة في مدينة المحلة الكبرى من خلال صوت دقاتها، في إشارة حسبما يبدو إلى أنها توازي «الباص» كرمز لمدينة اخرى. كما تقدم بالشكر للحاضرين على المناقشات الجادة فضلا عن توجيه شكر خاص لدار النشر مكتبة ذات السلاسل.

بدوره، قال السيد إن الرواية تتميز بجماليات السرد، وعرض الحوادث، أو نقل حادثة من صورتها في الواقع إلى صورة لغوية، فالرواية عجيبة تشعر أحياناً أنها مجموعة من الذكريات التي سجلتها كاميرا لمصور بارع يلتقط ويتذكر أدق التفاصيل، موضحا أن الغازي اختار مكاناً لم يتناوله أحد من قبل بهذه الكيفية طوال الرواية.

وذكر السيد أن «الباص» إحدى الروايات المتميزة الفريدة، فهي مختلفة اختلافاً كبيراً عن سائر الروايات التي قرأناها، وتحمل في طياتها مناقشة قضايا مجتمعية، وثقافية، واقتصادية، وسياسية كثيرة ومتعددة، مضيفاً أن «الرواية تحمل بعدا فلسفيا عميقا»، وتصلح لعدة مجتمعات، خصوصاً المجتمعات الخليجية، فلو تحدثنا مثلا في قطر أو السعودية أو الإمارات، فسنجد أن الهواجس واحدة والهموم متشابهة، والكاتب استطاع أن ينفذ إلى ما رواء الحياة اليومية الرتيبة، وينقل لنا نقلاً أميناً، وكأنه يحمل كاميرا يسجل بها أحداث الحياة اليومية، ولكن بمسحة إنسانية فريدة من نوعها.

ابنة المدينة

من جانبها، قدمت الكاتبة الشوا ورقة بعنوان «قراءة في رواية الباص لصالح الغازي بين التغريب والتغييب»، قالت فيها إنْ صح وصف الرواية بأنها «ابنة المدينة» في علاقات سكانها الإنسانية المعقدة، التي تشكلها التسلسلات الهرمية للرأسمالية المتوحشة، السريعة، الطاحنة لكل من يقف في طريقها، فإن رواية الباص تجعل من الباص، تلك الوسيلة المواصلاتية، الفضاء المكاني المتحرك لرصد حركة تداول الرأسمالية الخليجية بنسخة كويتية».

وأضافت الشوا أن «الباص» في سردية الرواية وسيلة لنقل القوى العاملة من فئة المقيميين في الكويت إلى أماكن الإنتاج، فلا غرابة أن تتخذ الرواية من قلب مدينة الكويت، النابض بالأسواق التجارية والمالية، مسرحاً لأحداثها بين مسارات خطوط النقل العام في محطات المرقاب، والمالية، ودوار الشيراتون، في حين يكون بطلها أحمد صابر، ذلك الموظف في شركة اتصالات كبيرة «بي يو إس»، والذي يجد نفسه تائهاً في قاعة اجتماعات ضخمة في أول أيام دوامه، محاطاً ببحر من الموظفين في زي موحد، كأنه ذلك الترس في ماكينة الشركات العالمية الضخمة، ومراكز القوة والمال.

وتابعت «يمسك سارد العمل، أحمد صابر، راكب الباص يوميا إلى مكان عمله، بزمام مقود الحكاية، بضمير المتكلم في أغلب فصول الرواية، وهو الذي يرينا عبر شباب الباص، المدينة بعين المغترب من منظور الآخر».

رسائل وأبعاد

من جانبه، قال الكاتب د. حمد الجدعي إن رواية «الباص» من الروايات التي طرحت أكثر المواضيع حساسية في المجتمع الكويتي، ولكن تم طرحها في عمل أدبي روائي حمل رسائل وأبعاداً إنسانية كبيرة، مضيفا أن الرواية عمل إبداعي، حيث صنع الكاتب من «باص» المواصلات عالماً لرواية وذكر فيه التفاصيل الدقيقة لحياة المغترب في الكويت، كيف يعيش، ويفكر، يحلم، ويطمح، وسرد كل المصاعب والمتاعب التي يواجهها في حياته وأماكنه اليومية.

وأضاف الجدعي «سبق أن قلت إن رواية الباص عمل إبداعي نفتخر به، وهو عمل كويتي ــ مصري، ومصري ــ كويتي، والرواية جاءت بجديد، وإن صح التعبير فهي أول عمل أدبي يكتب عن جانب من جوانب المغتربين في الكويت والخليج العربي، ويصور كيف يعيش المغترب في دول الخليج، ويسرد معاناته بين ما يسمى شوك الغربة والحنين للوطن والأهل».

حياة كاملة

أما الكاتبة د. رحاب إبراهيم، فقالت إن هناك أحداثاً في رواية الباص تبدو عابرة لكنها تحمل حياة كاملة لأفرادها في كلمتين مثل السيدة التي تضطر للعودة إلى بلدها فجأة بعد وفاة زوجها في حادث، إنها حياة كاملة تتبدل في لحظة.

وأشارت إبراهيم إلى أن هناك تعليقات تدعونا للتفكير والدهشة مثل «كأن المدينة لم تصمم لغريب» والتركيز على الرمزية مثل الكرة الصغيرة التي ترافق البطل منذ البداية، والتي جاءت له من الحلم وكأنها كرة القدر وعليه أن يتبعها للنهاية.

وفي مداخلة لها، ذكرت رئيسة قسم التحرير في مجلة العربي الكاتبة وفاء شهاب أن العرب في الدول العربية لا يليق بنا أن يطلق عليهم «الغرباء أو المغتربين»، وذلك لوحدة العادات واللغة والتاريخ.

back to top