«الوطني»: لا فائز حتى الآن في الحرب على التضخم
موجة التفاؤل تعود إلى الواقع بعد تأكيدات على عدم اقتراب التشديد النقدي من ذروته
انخفضت طلبات الحصول على إعانة البطالة الحكومية هامشياً بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي، وظلت بالقرب من أدنى مستوياتها التاريخية، مما يؤكد قوة سوق العمل الأميركي في الوقت الذي بدأت بعض أجزاء أخرى من الاقتصاد في التباطؤ.
قد تساهم البيانات الاقتصادية الأميركية الأخيرة في تعقيد الأمور أمام العديد من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي الذين يضغطون من أجل رفع أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ خلال الأشهر المقبلة والتكهنات الجديدة حول اقتراب سياسات البنك المركزي من الوصول إلى ذروة تدابير التشديد النقدي.
وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، يتمسك المسؤولون بالتأكيد أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل غير مقبول، وأنه يجب أن تنخفض قراءات مؤشر أسعار المستهلكين الشهرية بوتيرة متوالية للتأكد من أن ضغوط الأسعار تتجه إلى مستويات تتسق مع المستوى المستهدف للبنك المركزي والبالغ 2 بالمئة.
وأشار نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، لايل برينارد، إلى تفضيل رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في وقت مبكر من الشهر المقبل، لكنه أضاف أنه لا يزال هناك «لدينا عمل إضافي بحاجة للتنفيذ فيما يتعلق برفع معدلات الفائدة»، في حين صرحت رئيسة البنك الفدرالي في سان فرانسيسكو، ماري دالي، بأنه بينما تتمثل الإستراتيجية في رفع الأسعار ثم الصمود لبعض الوقت، فإن هذا لا يعني أنهم كانوا على وشك إنهاء حملة التشديد الخاصة بهم، مؤكدة أن وقف رفع سعر الفائدة ليس خياراً في الوقت الحالي، ويبدو أن أسعار الفائدة في حدود 4.75 في المئة و5.25 في المئة مناسبة.
واتبع جيمس بولارد، رئيس «الفدرالي» في سانت لويس نبرة مماثلة، ودعا إلى رفع سعر الفائدة لتتراوح في نطاق 5 و5.25 في المئة على الأقل، مشيراً إلى أن المستوى الأدنى «مقيد بما فيه الكفاية». وقال نيل كاشكاري رئيس البنك في مينيابوليس «لم نصل إلى هذه المرحلة بعد» فيما يتعلق بالتوقف عن رفع سعر الفائدة، مضيفاً أنه يريد الاقتناع بأن معدل التضخم توقف عن الصعود.
تراجع الدولار
وتعرض الدولار لضربة قوية بعد صدور بيانات ضعيفة عن التضخم وإمكانية قيام مجلس الاحتياطي الفدرالي بإبطاء وتيرة تشديد السياسات النقدية. وعلى الرغم من تحسن مبيعات التجزئة، فإن مؤشر الدولار ظل يحوم حول مستوى 106 بعد أن وصل إلى 113 في الفترة الأخيرة، لينهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 106.969.
وشكل تراجع نمو مؤشر أسعار المنتجين الأميركي في أكتوبر مفاجأة غير متوقعة للأسواق، إذ سجلت قراءة المؤشر نمواً بنسبة 0.2% على أساس شهري، أي أقل من التقديرات البالغة 0.4% وانخفض معدل النمو السنوي من 8.4% إلى 8.0%.
وانخفضت طلبات الحصول على إعانة البطالة الحكومية هامشياً بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي، وظلت قرب أدنى مستوياتها التاريخية، مما يؤكد قوة سوق العمل في وقت بدأت بعض أجزاء أخرى من الاقتصاد في التباطؤ.
وعلى الرغم من الجهود الحثيثة لمجلس الاحتياطي الفدرالي للتحكم في وتيرة نمو الاقتصاد وكبح جماح التضخم، فإن معدلات التوظيف تواصل نموها بوتيرة قوية، وأضاف سوق العمل الأميركي وظائف أكثر مما كان متوقعاً الشهر الماضي، وما يزال هناك نحو منصبين شاغرين لكل أميركي يبحث عن عمل.
بصيص أمل في أوروبا
شهد الربع الثالث من العام الحالي تحسن وتيرة الإنتاج بشكل ملحوظ على مستوى المنطقة، وساهم تراجع مشاكل الامدادات في تعزيز نمو الإنتاج، إذ ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 0.9% في سبتمبر الماضي، مما أدى إلى تسجيل نمو بنسبة 0.5% على أساس ربع سنوي في الربع الثالث من العام.
لكن هناك أمل ضئيل في أن يمثل ذلك بداية انتعاش قوي، نظراً لإشارة الطلبات الجديدة وتوقعات الإنتاج وزيادة المخزونات إلى ضعف الإنتاج في المستقبل.
وارتفعت التقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بنسبة 0.2% في الربع السابق (1.7% على أساس سنوي).
ويعزى هذا الارتفاع جزئياً إلى تحسن بيانات الإنتاج الصناعي، لكن من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد في الربع الرابع من العام.
وتم تعديل مؤشر أسعار المستهلكين لمنطقة اليورو على أساس سنوي في أكتوبر وخفضه من 10.7% إلى 10.6%، بينما لم تشهد قراءة مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي لمنطقة اليورو تغيراً يذكر على أساس سنوي وظلت مستقرة عند مستوى 5%.
وتحسنت التوقعات الاقتصادية لألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، بشكل ملحوظ في نوفمبر مقارنة بشهر أكتوبر، لكنها لا تزال سلبية.
وكشف مؤشر الثقة الاقتصادية الصادر عن مؤسسة (ZEW)عن تحسن معنويات المستثمرين وسط توقعات بتباطؤ التضخم على مدار الأشهر المقبلة.
كما سجل مؤشر معنويات الاقتصاد الالماني مكاسب جيدة، لكنه ما يزال في المنطقة السلبية.
ووفقاً لتقارير صادرة عن وكالة بلومبرغ، تميل المناقشات الأولية للبنك المركزي الأوروبي تجاه رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع الشهر المقبل ما لم يكن هناك تسارع مفاجئ في وتيرة التضخم قبل ذلك الحين.
واستفاد اليورو من ضعف الدولار ووصل إلى أعلى مستوياته عند 1.04 قبل أن يتراجع إلى 1.03.
وكان لإصرار البنك المركزي الأوروبي على مواصلة رفع سعر الفائدة في وقت تؤدي المضاربات حول مجلس الاحتياطي الفدرالي دوراً في الحفاظ على قوة اليورو. وأنهت العملة الموحدة تداولات الأسبوع مغلقة عند مستوى 1.0325.
التضخم لأعلى مستوياته في 41 عاماً
ارتفع معدل البطالة في المملكة المتحدة إلى 3.6% في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر مقابل 3.5% المسجلة سابقاً، حتى مع ارتفاع نمو الأجور (بما في ذلك المكافآت) إلى 6% خلال الثلاثة أشهر المنتهية في سبتمبر الماضي.
وكشف مؤشر آخر عن تشديد سوق العمل وتقدم عدداً أقل من الأشخاص بطلبات للحصول على إعانات البطالة.
وبلغ عدد المتقدمين بطلبات إعانة البطالة 3.3 آلاف شخص، أي أقل بكثير من التوقعات التي أشارت إلى 17.3 ألفاً ومقابل 3.9 آلاف الشهر الماضي.
وكانت هناك علامات دالة على اعتدال وتيرة الطلب مع انخفاض عدد الوظائف الشاغرة، على الرغم من أنها ما تزال مرتفعة بالمعايير التاريخية. وبصفة عامة، ما تزال البيانات تشير إلى سوق عمل ضيقة حتى مع تباطؤ الاقتصاد.
وأدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة إلى ارتفاع معدل التضخم في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوياته المسجلة في 41 عاماً خلال أكتوبر. وسجل مؤشر أسعار المستهلكين نمواً بنسبة 11.1 المئة على أساس سنوي، فيما يعد أعلى من المتوقع ومقابل 10.1 المئة المسجلة في سبتمبر، بينما استقر مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي دون تغيير عند مستوى 6.5 المئة على أساس سنوي.
وقال مكتب الإحصاء الوطني: «في أكتوبر 2022، ارتفعت التكاليف في المتوسط، بنسبة 88.9 المئة مقابل الكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى أكثر مما كانت عليه قبل عام، وشهدت الأسعار المحلية للبنزين أكبر زيادة، إذ ارتفعت الأسعار في أكتوبر 2022 بأكثر من ضعف مستوياتها قبل عام».
ومن المرجح أن توفر تلك البيانات الدعم لأعضاء لجنة السياسات النقدية المنادين بتشديد السياسات، الذين من المتوقع أن يرفعوا أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الاجتماع القادم في ديسمبر. وفي حين يعتقد العديد من المحللين أن التضخم قد بلغ ذروته الآن، إلا أن البيانات تضغط على بنك إنكلترا للحفاظ على رفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع من المعتاد.
وتفضل سواتي دينجرا، أحدث المسؤولين في بنك إنكلترا، التحركات «التدريجية للغاية» على أسعار الفائدة وترى خطر المبالغة في سياسات التشديد، مشيرة إلى أنه إذا استمرت أسعار الفائدة في الارتفاع، فقد يدخل الاقتصاد في ركود أعمق بكثير، لأن الاقتصاد يبدو الآن أكثر تباطؤاً مما كان يعتقد في السابق.
فاتورة المذبحة الاقتصادية
وكشف وزير الخزانة جيريمي هانت النقاب عن حزمة زيادات ضريبية بقيمة 55 مليار جنيه إسترليني (65 مليار دولار) وخفض إنفاق المملكة المتحدة لسد فجوة الموارد المالية للبلاد، واستعادة المصداقية الاقتصادية لبريطانيا، وتتضمن الخطة خفض النفقات بنحو 30 مليار جنيه إسترليني، إلى جانب 25 مليار جنيه إسترليني في هيئة زيادات ضريبية، والتي تشمل الإجراءات التالية:
- تجميد حدود ضريبة الدخل حتى أبريل 2028 وخفض أعلى معدل إضافي لضريبة الدخل بنسبة 45 المئة، أي من 150 ألف جنيه إسترليني إلى 125 ألف جنيه إسترليني، والذي يتعارض بشكل مباشر مع التخفيضات الرئيسية التي عرضتها الميزانية المصغرة الكارثية في سبتمبر الماضي، مما يعني زيادة عدد دافعي الضرائب.
- خفض الإعفاء الضريبي لضريبة الأرباح الرأسمالية بمقدار النصف إلى 6 آلاف جنيه إسترليني العام المقبل، وخفضه إلى النصف مرة أخرى إلى 3 آلاف جنيه إسترليني اعتباراً من أبريل 2024، إلى جانب خفض بدل الإعفاء الضريبي لتوزيعات الأرباح إلى النصف ليصل إلى ألف جنيه إسترليني العام المقبل وإلى 500 جنيه إسترليني في عام 2024.
- مدفوعات إضافية لتكلفة المعيشة «للفئات الأكثر احتياجاً»، و900 جنيه إسترليني لمن يتلقون إعانات، و300 جنيه إسترليني لأسر المتقاعدين، و150 جنيه إسترليني لمن يتلقون مخصصات الإعاقة.
- رفع ضريبة الأرباح الاستثنائية على شركات النفط والغاز من 25 المئة إلى 35 المئة.
- تمديد الحد الأقصى لأسعار الطاقة المنزلية مدة عام واحد بعد أبريل، وبحد أقصى 3.000 جنيه إسترليني سنوياً بدلاً من 2.500 جنيه.
- زيادة مدفوعات الرعاية الاجتماعية والمعاشات التقاعدية بنسبة 10 المئة، بما يتماشى مع مستويات التضخم في سبتمبر.
- رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 9.7 المئة إلى 10.42 جنيهات في الساعة لمن يبلغون 23 عاماً فما فوق، والتي تعتبر أكبر زيادة مسجلة.
وتزيد هذه الإجراءات من المصاعب المالية التي يتعرّض لها ملايين البريطانيين في الوقت الذي يواجهون أسوأ أزمة تكلفة معيشية تشهدها البلاد منذ عقود وأطول ركود شهدته على الإطلاق. إلا أن هانت يعتقد أنها كانت خطوات ضرورية للحد من استمرار ارتفاع التضخم لأعلى مستوياته منذ 41 عاماً، واستعادة سمعة المملكة المتحدة. وقال هانت لمجلس العموم: «التخفيضات الضريبية غير الممولة تنطوي على مخاطر مثل الإنفاق غير الممول».
وكان بيان الخريف مصحوباً بتوقعات طال انتظارها من مكتب مسؤولية الميزانية في بريطانيا، والتي رسمت صورة اقتصادية قاتمة لبريطانيا. وتظهر التوقعات أن المملكة المتحدة الآن في حالة ركود، وتتوقع أن يستمر «أكثر قليلاً من عام»، ومن المقرر أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 1.4% العام المقبل. وقال هانت إن خطة الحكومة الجديدة تضمن أن يكون الانكماش أبطأ.
آسيا والمحيط الهادئ
تراجع أداء الاقتصاد الصيني في أكتوبر على خلفية التدابير التي تم اتخاذها بعد تزايد حالات الإصابة بفيروس كوفيد 19 في وقت سابق، وتعطيل أنشطة الأعمال وتدمير معنويات المستهلك، إذ تباطأ نمو الناتج الصناعي إلى 5% مقابل 6.3% في العام السابق، وانكمشت مبيعات التجزئة للمرة الأولى منذ مايو، متراجعة بنسبة 0.5% عن العام السابق، وظل معدل البطالة مرتفعا عند مستوى 5.5%، وشهد أكتوبر تزايد حالات الإصابة بالفيروس، حيث شددت السلطات الضوابط قبل مؤتمر الحزب الشيوعي وعدم التشجيع على السفر خلال عطلة العيد الوطني التي تستمر أسبوعاً.
واتخذت بكين مؤخراً خطوات أقوى حتى الآن لدعم استقرار سوق العقار وتقليل العبء الاقتصادي الناجم عن سياسات «صفر كوفيد»، مما أدى إلى تفاؤل المستثمرين. إلا أن الأمر سيتطلب عدة فترات ربع سنوية حتى يتحقق أي انتعاش، كما أنه وفي ظل إشارة توقعات الاقتصاديين إلى إمكانية استمرار اضطرابات فيروس كوفيد 19 خلال العام المقبل، يتعرض المسؤولون لضغوط للقيام بالمزيد. وقال المكتب الوطني للإحصاء إن أساس تعافي الاقتصاد ليس قوياً بعد، مضيفاً أن الصين ستتبنى اسلوباً «علمياً وفعالاً» لضوابط كوفيد والتنمية الاقتصادية.
وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، يتمسك المسؤولون بالتأكيد أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل غير مقبول، وأنه يجب أن تنخفض قراءات مؤشر أسعار المستهلكين الشهرية بوتيرة متوالية للتأكد من أن ضغوط الأسعار تتجه إلى مستويات تتسق مع المستوى المستهدف للبنك المركزي والبالغ 2 بالمئة.
وأشار نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، لايل برينارد، إلى تفضيل رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في وقت مبكر من الشهر المقبل، لكنه أضاف أنه لا يزال هناك «لدينا عمل إضافي بحاجة للتنفيذ فيما يتعلق برفع معدلات الفائدة»، في حين صرحت رئيسة البنك الفدرالي في سان فرانسيسكو، ماري دالي، بأنه بينما تتمثل الإستراتيجية في رفع الأسعار ثم الصمود لبعض الوقت، فإن هذا لا يعني أنهم كانوا على وشك إنهاء حملة التشديد الخاصة بهم، مؤكدة أن وقف رفع سعر الفائدة ليس خياراً في الوقت الحالي، ويبدو أن أسعار الفائدة في حدود 4.75 في المئة و5.25 في المئة مناسبة.
واتبع جيمس بولارد، رئيس «الفدرالي» في سانت لويس نبرة مماثلة، ودعا إلى رفع سعر الفائدة لتتراوح في نطاق 5 و5.25 في المئة على الأقل، مشيراً إلى أن المستوى الأدنى «مقيد بما فيه الكفاية». وقال نيل كاشكاري رئيس البنك في مينيابوليس «لم نصل إلى هذه المرحلة بعد» فيما يتعلق بالتوقف عن رفع سعر الفائدة، مضيفاً أنه يريد الاقتناع بأن معدل التضخم توقف عن الصعود.
تراجع الدولار
وتعرض الدولار لضربة قوية بعد صدور بيانات ضعيفة عن التضخم وإمكانية قيام مجلس الاحتياطي الفدرالي بإبطاء وتيرة تشديد السياسات النقدية. وعلى الرغم من تحسن مبيعات التجزئة، فإن مؤشر الدولار ظل يحوم حول مستوى 106 بعد أن وصل إلى 113 في الفترة الأخيرة، لينهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 106.969.
وشكل تراجع نمو مؤشر أسعار المنتجين الأميركي في أكتوبر مفاجأة غير متوقعة للأسواق، إذ سجلت قراءة المؤشر نمواً بنسبة 0.2% على أساس شهري، أي أقل من التقديرات البالغة 0.4% وانخفض معدل النمو السنوي من 8.4% إلى 8.0%.
وانخفضت طلبات الحصول على إعانة البطالة الحكومية هامشياً بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي، وظلت قرب أدنى مستوياتها التاريخية، مما يؤكد قوة سوق العمل في وقت بدأت بعض أجزاء أخرى من الاقتصاد في التباطؤ.
وعلى الرغم من الجهود الحثيثة لمجلس الاحتياطي الفدرالي للتحكم في وتيرة نمو الاقتصاد وكبح جماح التضخم، فإن معدلات التوظيف تواصل نموها بوتيرة قوية، وأضاف سوق العمل الأميركي وظائف أكثر مما كان متوقعاً الشهر الماضي، وما يزال هناك نحو منصبين شاغرين لكل أميركي يبحث عن عمل.
بصيص أمل في أوروبا
شهد الربع الثالث من العام الحالي تحسن وتيرة الإنتاج بشكل ملحوظ على مستوى المنطقة، وساهم تراجع مشاكل الامدادات في تعزيز نمو الإنتاج، إذ ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 0.9% في سبتمبر الماضي، مما أدى إلى تسجيل نمو بنسبة 0.5% على أساس ربع سنوي في الربع الثالث من العام.
لكن هناك أمل ضئيل في أن يمثل ذلك بداية انتعاش قوي، نظراً لإشارة الطلبات الجديدة وتوقعات الإنتاج وزيادة المخزونات إلى ضعف الإنتاج في المستقبل.
وارتفعت التقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بنسبة 0.2% في الربع السابق (1.7% على أساس سنوي).
ويعزى هذا الارتفاع جزئياً إلى تحسن بيانات الإنتاج الصناعي، لكن من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد في الربع الرابع من العام.
وتم تعديل مؤشر أسعار المستهلكين لمنطقة اليورو على أساس سنوي في أكتوبر وخفضه من 10.7% إلى 10.6%، بينما لم تشهد قراءة مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي لمنطقة اليورو تغيراً يذكر على أساس سنوي وظلت مستقرة عند مستوى 5%.
وتحسنت التوقعات الاقتصادية لألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، بشكل ملحوظ في نوفمبر مقارنة بشهر أكتوبر، لكنها لا تزال سلبية.
وكشف مؤشر الثقة الاقتصادية الصادر عن مؤسسة (ZEW)عن تحسن معنويات المستثمرين وسط توقعات بتباطؤ التضخم على مدار الأشهر المقبلة.
كما سجل مؤشر معنويات الاقتصاد الالماني مكاسب جيدة، لكنه ما يزال في المنطقة السلبية.
ووفقاً لتقارير صادرة عن وكالة بلومبرغ، تميل المناقشات الأولية للبنك المركزي الأوروبي تجاه رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع الشهر المقبل ما لم يكن هناك تسارع مفاجئ في وتيرة التضخم قبل ذلك الحين.
وضمن الأسباب التي تم الاستشهاد بها جاء تزايد مخاطر الركود في المقدمة، هذا إلى جانب إمكانية تراجع ضغوط أسعار المستهلكين، واحتمال أن يساهم رفع معدل الإيداع بمقدار 50 نقطة أساس إلى 2% في الاقتراب مما يسمى بالمستوى المحايد الذي لم يعد يحفز الاقتصاد.ضعف البيانات الأميركية يدفع الدولار إلى التراجع ومؤشره يحوم بالقرب من 106
واستفاد اليورو من ضعف الدولار ووصل إلى أعلى مستوياته عند 1.04 قبل أن يتراجع إلى 1.03.
وكان لإصرار البنك المركزي الأوروبي على مواصلة رفع سعر الفائدة في وقت تؤدي المضاربات حول مجلس الاحتياطي الفدرالي دوراً في الحفاظ على قوة اليورو. وأنهت العملة الموحدة تداولات الأسبوع مغلقة عند مستوى 1.0325.
التضخم لأعلى مستوياته في 41 عاماً
ارتفع معدل البطالة في المملكة المتحدة إلى 3.6% في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر مقابل 3.5% المسجلة سابقاً، حتى مع ارتفاع نمو الأجور (بما في ذلك المكافآت) إلى 6% خلال الثلاثة أشهر المنتهية في سبتمبر الماضي.
وكشف مؤشر آخر عن تشديد سوق العمل وتقدم عدداً أقل من الأشخاص بطلبات للحصول على إعانات البطالة.
وبلغ عدد المتقدمين بطلبات إعانة البطالة 3.3 آلاف شخص، أي أقل بكثير من التوقعات التي أشارت إلى 17.3 ألفاً ومقابل 3.9 آلاف الشهر الماضي.
وكانت هناك علامات دالة على اعتدال وتيرة الطلب مع انخفاض عدد الوظائف الشاغرة، على الرغم من أنها ما تزال مرتفعة بالمعايير التاريخية. وبصفة عامة، ما تزال البيانات تشير إلى سوق عمل ضيقة حتى مع تباطؤ الاقتصاد.
وأدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة إلى ارتفاع معدل التضخم في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوياته المسجلة في 41 عاماً خلال أكتوبر. وسجل مؤشر أسعار المستهلكين نمواً بنسبة 11.1 المئة على أساس سنوي، فيما يعد أعلى من المتوقع ومقابل 10.1 المئة المسجلة في سبتمبر، بينما استقر مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي دون تغيير عند مستوى 6.5 المئة على أساس سنوي.
وقال مكتب الإحصاء الوطني: «في أكتوبر 2022، ارتفعت التكاليف في المتوسط، بنسبة 88.9 المئة مقابل الكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى أكثر مما كانت عليه قبل عام، وشهدت الأسعار المحلية للبنزين أكبر زيادة، إذ ارتفعت الأسعار في أكتوبر 2022 بأكثر من ضعف مستوياتها قبل عام».
ومن المرجح أن توفر تلك البيانات الدعم لأعضاء لجنة السياسات النقدية المنادين بتشديد السياسات، الذين من المتوقع أن يرفعوا أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الاجتماع القادم في ديسمبر. وفي حين يعتقد العديد من المحللين أن التضخم قد بلغ ذروته الآن، إلا أن البيانات تضغط على بنك إنكلترا للحفاظ على رفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع من المعتاد.
وتفضل سواتي دينجرا، أحدث المسؤولين في بنك إنكلترا، التحركات «التدريجية للغاية» على أسعار الفائدة وترى خطر المبالغة في سياسات التشديد، مشيرة إلى أنه إذا استمرت أسعار الفائدة في الارتفاع، فقد يدخل الاقتصاد في ركود أعمق بكثير، لأن الاقتصاد يبدو الآن أكثر تباطؤاً مما كان يعتقد في السابق.
فاتورة المذبحة الاقتصادية
وكشف وزير الخزانة جيريمي هانت النقاب عن حزمة زيادات ضريبية بقيمة 55 مليار جنيه إسترليني (65 مليار دولار) وخفض إنفاق المملكة المتحدة لسد فجوة الموارد المالية للبلاد، واستعادة المصداقية الاقتصادية لبريطانيا، وتتضمن الخطة خفض النفقات بنحو 30 مليار جنيه إسترليني، إلى جانب 25 مليار جنيه إسترليني في هيئة زيادات ضريبية، والتي تشمل الإجراءات التالية:
- تجميد حدود ضريبة الدخل حتى أبريل 2028 وخفض أعلى معدل إضافي لضريبة الدخل بنسبة 45 المئة، أي من 150 ألف جنيه إسترليني إلى 125 ألف جنيه إسترليني، والذي يتعارض بشكل مباشر مع التخفيضات الرئيسية التي عرضتها الميزانية المصغرة الكارثية في سبتمبر الماضي، مما يعني زيادة عدد دافعي الضرائب.
- خفض الإعفاء الضريبي لضريبة الأرباح الرأسمالية بمقدار النصف إلى 6 آلاف جنيه إسترليني العام المقبل، وخفضه إلى النصف مرة أخرى إلى 3 آلاف جنيه إسترليني اعتباراً من أبريل 2024، إلى جانب خفض بدل الإعفاء الضريبي لتوزيعات الأرباح إلى النصف ليصل إلى ألف جنيه إسترليني العام المقبل وإلى 500 جنيه إسترليني في عام 2024.
- مدفوعات إضافية لتكلفة المعيشة «للفئات الأكثر احتياجاً»، و900 جنيه إسترليني لمن يتلقون إعانات، و300 جنيه إسترليني لأسر المتقاعدين، و150 جنيه إسترليني لمن يتلقون مخصصات الإعاقة.
- رفع ضريبة الأرباح الاستثنائية على شركات النفط والغاز من 25 المئة إلى 35 المئة.
- تمديد الحد الأقصى لأسعار الطاقة المنزلية مدة عام واحد بعد أبريل، وبحد أقصى 3.000 جنيه إسترليني سنوياً بدلاً من 2.500 جنيه.
- زيادة مدفوعات الرعاية الاجتماعية والمعاشات التقاعدية بنسبة 10 المئة، بما يتماشى مع مستويات التضخم في سبتمبر.
- رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 9.7 المئة إلى 10.42 جنيهات في الساعة لمن يبلغون 23 عاماً فما فوق، والتي تعتبر أكبر زيادة مسجلة.
وتزيد هذه الإجراءات من المصاعب المالية التي يتعرّض لها ملايين البريطانيين في الوقت الذي يواجهون أسوأ أزمة تكلفة معيشية تشهدها البلاد منذ عقود وأطول ركود شهدته على الإطلاق. إلا أن هانت يعتقد أنها كانت خطوات ضرورية للحد من استمرار ارتفاع التضخم لأعلى مستوياته منذ 41 عاماً، واستعادة سمعة المملكة المتحدة. وقال هانت لمجلس العموم: «التخفيضات الضريبية غير الممولة تنطوي على مخاطر مثل الإنفاق غير الممول».
وكان بيان الخريف مصحوباً بتوقعات طال انتظارها من مكتب مسؤولية الميزانية في بريطانيا، والتي رسمت صورة اقتصادية قاتمة لبريطانيا. وتظهر التوقعات أن المملكة المتحدة الآن في حالة ركود، وتتوقع أن يستمر «أكثر قليلاً من عام»، ومن المقرر أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 1.4% العام المقبل. وقال هانت إن خطة الحكومة الجديدة تضمن أن يكون الانكماش أبطأ.
وعلى الرغم من الآفاق السلبية للملكة المتحدة، فقد ارتفع الجنيه الإسترليني بفضل استفادته من انخفاض الدولار، وساهمت التوقعات التي تشير إلى مواصلة بنك إنجلترا رفع أسعار الفائدة بعد ارتفاع معدل التضخم مرة أخرى إلى تعزيز قيمة الجنيه قريباً من 1.19 مباشرة، لينهي تداولات الأسبوع عند مستوى 1.1892.بصيص أمل في أوروبا والكشف عن فاتورة المذبحة الاقتصادية بالمملكة المتحدة
آسيا والمحيط الهادئ
تراجع أداء الاقتصاد الصيني في أكتوبر على خلفية التدابير التي تم اتخاذها بعد تزايد حالات الإصابة بفيروس كوفيد 19 في وقت سابق، وتعطيل أنشطة الأعمال وتدمير معنويات المستهلك، إذ تباطأ نمو الناتج الصناعي إلى 5% مقابل 6.3% في العام السابق، وانكمشت مبيعات التجزئة للمرة الأولى منذ مايو، متراجعة بنسبة 0.5% عن العام السابق، وظل معدل البطالة مرتفعا عند مستوى 5.5%، وشهد أكتوبر تزايد حالات الإصابة بالفيروس، حيث شددت السلطات الضوابط قبل مؤتمر الحزب الشيوعي وعدم التشجيع على السفر خلال عطلة العيد الوطني التي تستمر أسبوعاً.
واتخذت بكين مؤخراً خطوات أقوى حتى الآن لدعم استقرار سوق العقار وتقليل العبء الاقتصادي الناجم عن سياسات «صفر كوفيد»، مما أدى إلى تفاؤل المستثمرين. إلا أن الأمر سيتطلب عدة فترات ربع سنوية حتى يتحقق أي انتعاش، كما أنه وفي ظل إشارة توقعات الاقتصاديين إلى إمكانية استمرار اضطرابات فيروس كوفيد 19 خلال العام المقبل، يتعرض المسؤولون لضغوط للقيام بالمزيد. وقال المكتب الوطني للإحصاء إن أساس تعافي الاقتصاد ليس قوياً بعد، مضيفاً أن الصين ستتبنى اسلوباً «علمياً وفعالاً» لضوابط كوفيد والتنمية الاقتصادية.
آفاق قاتمة لأسواق النفط |
تلاشت موجة عابرة من التفاؤل والتي نتجت عن قرارات تخفيف الصين لبعض قيود الحجر الصحي الأسبوع الماضي، حيث أصبح من الواضح أن حالات كوفيد المتزايدة هناك ستستمر في إعاقة حركة السفر، كما أدت البيانات الاقتصادية الضعيفة من الصين إلى تقليص إمكانية زيادة استهلاك النفط وزيادة تشديد أوضاع السوق. وواصلت أسعار النفط تراجعها في ظل توجيه المستثمرين تركيزهم مرة أخرى نحو المخاوف المتعلقة بتوقعات الطلب بعد هدوء وتيرة التوترات الجيوسياسية، وأنهى خام غرب تكساس الوسيط ومزيج خام برنت تداولات الأسبوع دون مستوى 90 دولار للبرميل. |