منصور يلون الأساطير في معرض الرياض
بريشة فنية تداعب الضوء وتغازل القمر وتلون الأساطير، اجتمعت باقة من لوحات الفنان صبري منصور في غاليري «إرم» بالعاصمة السعودية الرياض، من خلال معرض تشكيلي جديد يحمل توقيع الفنان المصري المعروف، جرى تنظيمه بالتعاون مع «غاليري مصر» في القاهرة، ويواصل من خلاله منصور شغفه بالخيال والأساطير والتاريخ، معتمداً لغة الضوء التي ينطق بها الكثير من أعماله.
رسائل خافية
المعرض الذي اختتم فعالياته الخميس الماضي، يعكس ولع منصور بالضوء، كأنه يداعبه أو يتلاعب به على سطح لوحاته بمهارة فنان محترف قادر على توظيف الضوء لنقل رسائل خافية يمكن أن يستشفها المتلقي من تركيز مبدعها على رموز تراثية ذات طابع مصري، وفرعوني تحديداً في بعض الأحيان، مثلما هو واضح في بعض لوحاته التي يقدم من خلالها تيمات مصرية، كالرسوم الفرعونية وأشجار النخيل، رابطاً الطابع المصري بنظيره العربي الأصيل عبر تضمين أعماله عناصر تترجم هذا المعنى، كالحصان العربي والصحارى وطائر النسر.
وفوق هذه التكوينات المختلفة من عمل لآخر يشع مصدر ضوء، من قمر في حالة البدر المكتمل أو الهلال المولود حديثاً، أو ربما يستشعره المتلقي من دون إدراك مصدر الضوء بشكل مباشر، وهنا تتجلى براعة الفنان في استخدام الألوان لإعطاء هذا الإيحاء بهالات النور. وهو في كل الأحوال يبدو أن الفنان يوظِّف الخيال والعوالم الأسطورية عبر إسقاطها على الواقع.
في هذا الإطار، قال الناقد ياسر سلطان: «إن الضوء يُشكِّل عنصراً محورياً في لوحات منصور، وهو بطل المشهد في كثير من الأحيان، وأجمل ما فيه خفاء مصدره».
كائنات نورانية
وتابع: «لا ترهقوا أنفسكم في البحث عن مصدر الضوء، فهو ينبثق من العناصر.
هكذا تتشكل مفردات منصور على مساحة اللوحة، كأنها كائنات نورانية ذائبة في التكوين، وسابحة في فضاء أسطوري، أو أنه يشكل تفاصيلها وملامحها من الضوء وحده دون سواه. ويضيف: «الولع بضوء القمر فرضته أجواء الغموض وطبيعة التكوين والميل الشخصي المتأرجح بين المنطق الخيالي والرمزي في رؤية الوجود والعناصر».وأرجع رئيس غاليري إرم، محمد السعوي، السبب وراء استضافة هذا المعرض إلى السعي لتقديم نماذج من تجارب كبار وأهم التشكيليين المصريين، لتعريف الجمهور والفنانين السعوديين، خصوصاً الفنانين من جيل الشباب، بتجارب مميزة من الفن الحديث والمعاصر من الحركة التشكيلية المصرية، التي وصفها بأنها «حركة مشهود لها بميراث هائل يرتكن إلى تاريخ من السبق والريادة في منطقة الشرق الأوسط».
صياغة بصرية
من جانبه، قال منظِّم المعرض، مدير غاليري مصر، الفنان محمد طلعت: «يأتي هذا المعرض استمراراً للتعاون الناجح مع غاليري إرم وإدارته المحترفة، وهذه المرة نقدِّم عالم الفنان صبري منصور، أحد علامات المشهد الفني المصري وتجربته المعروفة بأنماطه التعبيرية وصياغاته البصرية المتفردة، التي تُعد بثرائها واختلافها عنواناً خاصاً لشخصيته الإبداعية».
يُشار إلى أن الفنان منصور ينتمي إلى مسيرة ممتدة من الفنانين الكبار الذين أثروا الساحة الإبداعية المصرية منذ بداية القرن الماضي، وقد وُلِد في 27 مارس 1943، وهو ناقد وفنان تشكيلي، أقام عدة معارض في مصر وإيطاليا وإسبانيا وإنكلترا وسورية. حاصل على شهادة البكالوريوس في التصوير من كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان (1964)، وعلى الماجستير عام 1972، وحاصل على الأستاذية في الرسم من كلية الفنون الجميلة في سان فرناندو بمدريد (1978).
ونال منصور العديد من الجوائز، أبرزها: جائزة الشراع الذهبي من بينالي الكويت (1985)، وجائزة الدولة التشجيعية بمصر في فن التصوير (1986)، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون (2017).