2024... أمل في مستهدفات التضخم تراوده مخاوف الركود
بيوت الخبرة تقيِّم أداء الاقتصاد العالمي العام الماضي وتتوقع الاتجاهات الاقتصادية والمالية للحالي
قامت «أرقام» برصد تعليقات عدد من بيوت الخبرة والمؤسسات المالية العالمية على أداء الاقتصاد العالمي خلال العام الماضي، وأهم التوقعات والاتجاهات الاقتصادية والمالية لعام 2024، والتي تدور بين الإشادات بأداء البنوك المركزية حيال سياساتها النقدية، المتمثلة في خفض أسعار الفائدة، أملاً في عودة معدلات التضخم إلى مستوياتها المستهدفة، وبين مخاوف من أي ركود قد يعصف بتلك الآمال.
الاقتصاد العالمي والتضخم
وقال «بنك أوف أميركا» إن عام 2023 تفوق على كل التوقعات، معتقداً أن عام 2024 ستنجح فيه البنوك المركزية بتحقيق الهبوط السلس، رغم يقينها بأن المخاطر تفوق الإيجابيات.
وتوقع أيضاً تراجع معدلات التضخم حول العالم، ليسمح للبنوك المركزية بتخفيض معدلات الفائدة خلال النصف الثاني 2024، متوقعاً أن يبدأ الاحتياطي الفدرالي في يونيو خفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في كل مرة وفق التقديرات.
وذكر كذلك «غولدمان ساكس»، أن أداء المؤشرات الاقتصادية خلال 2023 كان أفضل من المتوقع، متوقعاً تراجع نسبة النمو في 2024 إلى 2.4 في المئة، وانخفاض معدلات التضخم كذلك، مشيراً إلى أن مستوى المخاطر المحدقة بالاقتصاد العالمي أعلى من المعتاد، واحتمال حدوث ركود خلال الـ 12 شهراً القادمة لا يزال قائماً.
«جي بي مورغان» رجح تحقيق سيناريو الهبوط السلس في ظل النشاط الاقتصادي الجيد ومعدلات التضخم المتراجعة
إلا أن «جي بي مورغان» رجح تحقيق سيناريو الهبوط السلس، في ظل النشاط الاقتصادي الجيد ومعدلات التضخم المتراجعة، إلا أنه يرى أن إعلان البنوك المركزية انتصارها على التضخم قد يكون مبكراً، مشيراً إلى أن أسعار الفائدة قد تتأخر في الانخفاض، لكنها مع ذلك قد تنخفض بمعدلات أكبر من تلك التي توقعتها الأسواق.
ويرى أن تستقر معدلات التضخم بعد أن سجلت مستويات قياسية خلال عدة عقود، حيث انخفض التضخم بالولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة، ومن المتوقع أن يصل إلى المستويات المستهدفة من قبل البنوك المركزية، وهي 2 في المئة بنهاية عام 2024.
وفي السياق ذاته، أشارت «الجزيرة كابيتال» إلى أنه من المتوقع تباطؤ الاقتصاد العالمي، ليحقق هبوطاً ناعماً دون الدخول في ركود خلال 2024.
وأشارت إلى توقع صندوق النقد الدولي تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 2.9 في المئة في 2024، كما يتوقع أن يستمر استيعاب الاقتصاد الأميركي لذلك، نظراً لقوة نمو الاستهلاك مع تماسك سوق العمل، كما يتوقع انخفاض الدخل الحقيقي في أوروبا، بسبب ارتفاع التضخم، وكذلك تراجع نمو الاقتصادات الناشئة والمتقدمة إلى 4.8 في المئة في 2024 بسبب تباطؤ التعافي الصيني.
ولفتت إلى أنه من المتوقع استمرار تراجع التضخم العالمي إلى 5.8 في المئة في 2024 على خلفية ارتفاع الفائدة، وتراجع ضغوط سلاسل التوريد، مشيرة إلى أنها تتوقع خفض أسعار الفائدة الأميركية بمقدار 100 نقطة خلال 2024، وأن يتبع البنك المركزي السعودي ذلك الاتجاه، ليخفض معدل الريبو بقيمة 100 نقطة، ليصل إلى 5 في المئة.
وعلقت «أوبار كابيتال» على أداء الاقتصاد العالمي 2023 بأن سوق الأسهم شهد أداءً قوياً خلال 2023 بدعم من أداء الاقتصادات المتطورة والسوقين الأميركي والبريطاني، موضحة أن ذلك كان مدعوماً بالأداء القوي للسوق الأميركي مع تجنب الحكومة للعجز عن السداد، وارتفاع أرباح الشركات عن المستويات المتوقعة، وقوة أداء شركات التكنولوجيا، وأيضاً برفع الصين للقيود المتعلقة بمكافحة كورونا.
وبينت أن ذلك الأداء القوي للاقتصاد العالمي شهد حالة من التراجع خلال أواخر العام، بسبب الضعف الموسمي وبعض المؤشرات على التباطؤ الاقتصادي، ما دفع البنوك المركزية لوقف التحرك الصعودي في أسعار الفائدة، وهو ما أدى بدوره لدفعة قوية في أداء أسواق المال.
وبخلاف ذلك، رأت «أوبار كابيتال» أن أداء أسواق المال في الاقتصادات الناشئة كان أضعف من نظيراتها بالأسواق المتقدمة، بسبب التعثرات التي شهدها أداء سوق المال الصيني، نظراً لأزمة القطاع العقاري وسياسات التحفيز المالي الضعيفة.
فيما أوضح «بنك قطر الوطني» أن الاقتصاد العالمي أظهر مرونة أكثر مما كان متوقعاً خلال 2023، وحدد ثلاثة عوامل ساعدت على تجنب الاقتصاد العالمي سيناريو الركود، وكانت المحرك الرئيسي للنمو، وهي:
1 - قوة حركة الاستهلاك في السوق الأميركي، الذي يمثل 70 في المئة من الناتج المحلي الأميركي، والذي استفاد من قوة المراكز المالية للأسر، وكون الأسر كانت بحالة تحوط من أسعار الفائدة المرتفعة، نظراً لقيام العديد منها بإعادة تمويل القروض في أعقاب جائحة كورونا.
2 - أزمة الطاقة في الاتحاد الأوروبي لم تكن بالحدة المتوقعة، نظراً لاعتدال فصل الشتاء، وآليات توفير البديل لمصادر الطاقة الروسية، وتراكم مخزونات جيدة منذ الصيف السابق.
3 - عودة فتح الاقتصاد الصيني، والابتعاد عن السياسات النقدية التقيدية، والتخلي بعض الشيء عن التضييق على نشاط القطاع العقاري، وهو ما انعكس في مجمله على نمو الاقتصاد الصيني بنحو 5.2 في المئة خلال 2023.
وعلَّق «دويتشه بنك» على الأداء المتوقع للاقتصاد العالمي، بأن حالة الركود بالاقتصاد المتقدمة غير متوقعة في 2024، لكن في الوقت ذاته سيشهد حالة من التباطؤ خلال الأرباع المقبلة، وصولاً إلى حالة من التعافي بنهاية العام.
وتوقع البنك أن يبلغ معدل النمو بمنطقة اليورو قرابة 0.7 في المئة، والولايات المتحدة بنسبة 0.8 في المئة، فيما توقع أن ينمو الاقتصاد الهندي بنحو 6 في المئة، والصين بنسبة 5 في المئة، واليابان بنسبة 1 في المئة، لتظل آسيا المحرك الرئيسي لنمو الاقتصاد العالمي خلال 2024.
من جهتها، قالت شركة الأبحاث كولبرغ كرافيس روبرتس (KKR) إنها تعتقد أن النمو الاسمي في الناتج المحلي على المستوى العالمي في 2024 سيشهد تباطؤاً، كما ترى أن تضخم أسعار السلع قد يشهد اتجاهاً سالباً، وأن يرافق ذلك ارتفاع في معدلات البطالة.
وترى أن أسعار الفائدة سيتعين عليها أن تظل مرتفعة لبعض الوقت، وهو ما سيكون حافزاً لأصول الدخل الثابت خلال النصف الأول من 2024.
سياسة اقتصادية غير نقدية
وبعيداً عن السياسات المالية والنقدية المتبعة من قِبل البنوك المركزية وصانعي القرار باقتصادات العالم، فإن التطورات الجيوسياسية العالمية ألقت بثقلها على كاهل تلك الاقتصادات، لتصبح لاعباً رئيساً ومؤثراً في مجريات الأحداث، فقد توقعت «بلاك روك» أن تتسارع وتيرة تقييم العلاقات الاقتصادية الدولية على أساس من التطورات الجيوسياسية، ليتم إنتاج تكتلات جديدة ذات طابع جيوسياسي، مشيراً إلى أن درجة التقلبات في الوقت الراهن هي الأعلى منذ عقود.
كما أشارت الشركة، استناداً لمؤشرها لقياس المخاطر (BGRI)، إلى أن الأسواق أصبحت تولي اهتماماً متصاعداً أكثر من ذي قبل بالتطورات الجيوسياسية.