حرب غزة في شهرها الرابع وإسرائيل تواجه «معضلة» لبنان
انشقاق في «حكومة الحرب»... ونتنياهو يدعو «حزب الله» إلى تعلم «درس حماس»
دخلت حرب غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر الماضي بين حركة حماس وإسرائيل، شهرها الرابع، أمس، وسط غياب لأي بوادر بشأن احتمال توقفها قريباً، وتجدد المخاوف من احتمال تدحرجها باتجاه لبنان، رغم الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية الرامية لاحتواء الأزمة غير المسبوقة.
وحذر العاهل الأردني، عبدالله الثاني لدى لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في عمّان أمس، من التداعيات الكارثية لاستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، مشدداً على ضرورة وضع حد للأزمة الإنسانية المأساوية في القطاع الذي تسببت الحرب عليه في نزوح نحو 1.9 مليون نسمة من سكانه، بالإضافة إلى مقتل أكثر من 22700 أغلبهم من الأطفال والنساء.
وفي حين أكد عبدالله الثاني أهمية دور أميركا في الضغط باتجاه وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وصف بلينكن، المحادثات بشأن الوضع في غزة ومستقبلها بأنها «ليست سهلة»، لافتاً إلى أنه حضر للمنطقة وسط مخاوف حقيقية بشأن الحدود بين إسرائيل ولبنان.
وانتقل بلينكن من عمّان إلى الدوحة التي تقود جهود الوساطة بين «حماس» وسلطات الاحتلال بشأن تبادل إطلاق المحتجزين، ضمن جولته التي استهلها بزيارة تركيا واليونان.
ووسط خلافات متصاعدة بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وحكومة الحرب الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو، استبق الأخير زيارة بلينكن لتل أبيب غداً، بتصريحات نارية حول تمسكه بمواصلة حرب غزة حتى يتم تحقيق أهدافها التي تتمثل في القضاء على «حماس»، ملمحاً إلى اللجوء إلى الخيار العسكري لإزالة تهديد «حزب الله» الذي تسبب في إجلاء 100 ألف مستوطن من الشمال إلى المناطق الداخلية.
وقال نتنياهو: «أقول هذا لأعدائنا وأصدقائنا على حد سواء. لدي رسالة واضحة لأعدائنا: ما حدث في 7 أكتوبر لن يحدث مرة أخرى» في إشارة إلى هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس».
وقللت مصادر من المخاوف المرتبطة بالهجوم الذي شنه «حزب الله»، أمس الأول، باستخدام أكثر من 60 صاروخاً، ووُصف بأنه «الأدق والأثقل» على قاعدة عسكرية إسرائيلية، ووضعه الحزب ضمن رد أولي على اغتيال إسرائيل لنائب رئيس مكتب «حماس» صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وذكرت المصادر أنه كان متوقعاً حصول تصعيد ميداني تزامناً مع زيارة المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، الذي يتولى مفاوضات غير مباشرة بين «حزب الله» وإسرائيل، إلى تل أبيب.
رغم ذلك وجّه نتنياهو تهديدات للحزب اللبناني قائلا: «لقد تعلمت حماس في الأشهر الأخيرة. أقترح أن يتعلم حزب الله مما حدث».
في المقابل، قال عضو حكومة الحرب بيني غانتس، الذي قاطع أمس إلى جانب وزيرين آخرين اجتماع حكومة الحرب، إن اسرائيل مهتمة بحل دبلوماسي للوضع على الجبهة الشمالية، لكنها جاهزة لإزالة التهديد بالقوة.
وفي حين نقل موقع «والا» العبري عن ضباط إسرائيليين كبار دعواتهم إلى تحويل القتال ضد «حزب الله» من الدفاع إلى الهجوم، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن تقييم استخباري أميركي يستبعد قدرة إسرائيل على تحقيق انتصار في لبنان مع استمرار حربها ضد غزة، كما أشارت إلى قلق مسؤولين في إدارة بايدن من شن نتنياهو حملة عسكرية واسعة على الحزب اللبناني، بهدف إنقاذ مسيرته السياسية في ظل تصاعد الخلافات داخل حكومة الحرب المصغرة.
رسائل تحذير لنصرالله عبر قرصنة شاشات مطار بيروت
تعرضت شاشات المغادرة والوصول في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت لقرصنة إلكترونية، إذ ظهرت على شاشاته رسائل تحذير إلى «حزب الله وأمينه العام حسن نصرالله»، تُطالبهما بعدم إقحام لبنان في حرب، وتتهمهما بإدخال السلاح عبر المطار.
وتقول الرسائل المكتوبة بالعامية اللبنانية: «مطار رفيق الحريري ليس مطار حزب الله وإيران».
وأضافت: «يا حسن نصرالله لن تجد نصيراً إذا ابتُلي لبنان بحرب تتحمل مسؤولياتها وتبعاتها... يا حزب الله لن نقاتل نيابة عن أحد».
وفيما وجهت اتهامات لمجموعة «جند الرب» المسيحية بالوقوف وراء القرصنة، رجحت مصادر أن تكون إسرائيل هي المسؤولة.
وبحسب المعلومات تلقى اللبنانيون رسالتين مزيفتين على هواتفهم بعد هذا الاختراق.
وفي تفاصيل الخبر:
استبق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وصول وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن إلى تل أبيب غداً، بإطلاق الرسائل لـ «الصديق والعدو»، مؤكداً أن جيشه لن يتوقف عن العمليات العسكرية في غزة، حتى ينتصر وحتى يحقق أهدافه التي سبق أن قال إنها تتضمن تفكيك «حماس» المسيطرة على القطاع منذ 2007.
وقال نتنياهو، في افتتاح اجتماع الحكومة أمس، والتي قاطعها ثلاثة وزراء بينهم الوزير بيني غانتس: «أقول هذا لأعدائنا وأصدقائنا على حد سواء. لدي رسالة واضحة لأعدائنا: ما حدث في 7 أكتوبر لن يحدث مرة أخرى»، في إشارة إلى هجوم «طوفان الأقصى» غير المسبوق الذي شنته «حماس» والمخاوف من احتمال قيام «حزب الله» بعمل مماثل على الحدود الشمالية.
ووجه نتنياهو تهديدات إلى الحزب اللبناني الذي فتح جبهة مساندة ومشاغلة للضغط باتجاه وقف الحرب على القطاع الفلسطيني: «لقد تعلمت حماس في الأشهر الأخيرة. أقترح أن يتعلم حزب الله مما حدث».
وبعد إشارة الأمين العام للحزب حسن نصرالله إلى استعداده للتفاوض غير المباشر مع اسرائيل على ترسيم الحدود البرية في إطار ما يقول المراقبون إنه خطة أميركية متكاملة لخفض التوتر على الحدود اللبنانية، قال عضو مجلس الحرب بيني غانتس، إن «إسرائيل مهتمة بالحل الدبلوماسي في الجبهة الشمالية مع لبنان، ولكنها جاهزة لإزالة التهديد بالقوة».
وقال مسؤولون إسرائيليون أمس، التقوا المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون الطاقة، آموس هوكشتاين، الذي يقوم بوساطة بين لبنان وإسرائيل، إن الحل العسكري جاهز إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في تأمين الحدود مع لبنان بعد أن تم إجلاء أكثر من 100 ألف مستوطن إلى المناطق الداخلية.
جاء ذلك غداة قصف الحزب قاعدة مراقبة جوية بـ60 صاروخاً وطائرة مسيرة، واضعاً ذلك في إطار «الرد الأولي» على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، من قبل إسرائيل التي ردت على «الضربة المكثفة» بسلسلة غارات وسعتها إلى حدود خارج مناطق جنوب لبنان وصولاً إلى صيدا.
في موازاة ذلك، عبر رئيس حزب «عوتسما يهوديت»، الفاشي، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، عن تمسكه بمخطط تهجير الفلسطينيين إلى خارج غزة، وإقامة مستوطنات يهودية في القطاع.
وقال بن غفير، إن العودة إلى الاستيطان في القطاع هو «الأمر المطلوب الآن. وأعتقد أن الحل الصحيح هو تشجيع الهجرة الطوعية. أن نأخذهم ونرسلهم إلى عواصم حول العالم، إذ توجد ادعاءات مختلفة حول ظروف إنسانية، ومئات الآلاف منهم سيغادرون الآن».
وفي حين توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى القاهرة للقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، حيث ستطلع القاهرة الرئيس الفلسطيني على رؤيتها لمستقبل الأزمة في غزة وستتمنى عليه تبنيها حسب ما أفادت «بلومبرغ»، حذر العاهل الأردني عبدالله الثاني، لدى لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، من التداعيات الكارثية لاستمرار الحرب الإسرائيلية الانتقامية على القطاع الفلسطيني، مشدداً على ضرورة وضع حد للأزمة الإنسانية المأساوية في المنطقة المحاصرة والمعزول عن الضفة الغربية المحتلة.
وجدد التأكيد على «رفض الأردن الكامل للتهجير القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، والذي يشكل خرقاً واضحاً للقانون الدولي»، لافتاً إلى ضرورة تمكين أهالي القطاع الذين نزحوا من مناطقهم جراء المعارك والقصف من العودة إلى بيوتهم.
وعبر العاهل الأردني عن رفض المملكة لمحاولات الفصل بين غزة والضفة، باعتبارهما امتداداً للدولة الفلسطينية الواحدة.
وبيّن أن «ما يمارسه المستوطنون المتطرفون من أعمال عنف بحق الفلسطينيين وانتهاكات للأماكن المقدسة في القدس، أمر مرفوض ويجب التصدي له قبل أن يؤدي إلى تفجير الأوضاع في المنطقة».
محادثات صعبة
وقبل لقاء الملك عقد بلينكن مناقشات مع نظيره الأردني أيمن الصفدي ضمن جولته المكثفة في الشرق الأوسط، التي ترمي إلى تفادي توسع نطاق الحرب بين الدولة العبرية و«حماس».
وصرح بلينكن قبيل وصوله إلى عمان قادماً من اليونان، ثاني محطة بجولته التي استهلها من أنقرة أمس الأول، إنه «يجب علينا ضمان عدم اتساع النزاع».
ولفت إلى أن المحادثات التي سيجريها «لن تكون بالضرورة محادثات سهلة. ولكن من الأهمية بمكان أن ننخرط في هذه الدبلوماسية الآن من أجل مستقبل غزة نفسها، ومستقبل الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء».
وذكر بلينكن أن «الكثير من المحادثات التي سنجريها خلال الأيام المقبلة مع جميع حلفائنا وشركائنا ستدور حول الإجراءات التي يمكنهم اتخاذها باستخدام نفوذهم وعلاقاتهم لضمان عدم توسع الحرب».
وأضاف أن «أحد أوجه الخوف الحقيقية هي الحدود بين إسرائيل ولبنان، ونريد أن نفعل كل ممكن للتأكد من عدم تصعيد الوضع».
وساطة الدوحة
من جهة أخرى، أفاد موقع «والاه» العبري، نقلاً عن مصدر قطري كبير لم يسمّه، بأن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، التقى في الدوحة أمس الأول، عائلات ستة محتجزين إسرائيليين وأميركيين، وأخبرهم أن اغتيال العاروري، صعّب التقدّم في المفاوضات التي تتوسط بها بلده من أجل التوصل إلى صفقة تساهم في إطلاق سراح المزيد من المحتجزين في غزة منذ هجوم «حماس».
قصف واشتعال
ميدانياً، تواصلت المعارك العنيفة بين جيش الاحتلال وعناصر حركتي «حماس» و«الجهاد» خصوصاً في مدينة غزة بشمال القطاع، وفي مدينة خان يونس بالجنوب، في حين تسبب القصف الجوي والمدفعي والبحري في سقوط العشرات بين قتيل وجريح.
وأعلنت وزارة الصحة مقتل صحافيين في قصف إسرائيلي على مدينة رفح بجنوب القطاع قرب الحدود المصرية، أحدهما متعاون مع وكالة «فرانس برس»، وترددت أنباء أنه حفيد لمؤسس «حماس» الشيخ أحمد ياسين، والثاني نجل مدير مكتب قناة «الجزيرة» وائل الدحدوح.
وجاءت تلك التطورات بينما قُتل 8 فلسطينيين، بينهم 7 في قصف من طائرة مسيّرة على جنين خلال عملية للقوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المشتعلة.
وفي حوادث منفصلة، أفادت سلطات الاحتلال بمقتل مجندة جراء تفجير عبوة ناسفة بمركبة عسكرية في جنين، بالإضافة إلى مقتل شاب عربي من سكان القدس الشرقية بهجوم إطلاق نار قرب مستوطنة.