جاءت توجيهات النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ طلال الخالد، للهيئة العامة للقوى العاملة، بمخاطبة وزارة التجارة لتعديل قرار تحديد أسعار استقدام العاملة المنزلية، لتشمل كلفته تذكرة السفر، لتثلج صدور المواطنين وتنال قبولاً واستحساناً واسعاً لديهم، في موازاة قيام بعض ضعاف النفوس من أصحاب شركات ومكاتب الاستقدام، بالتلاعب في أسعار التذاكر، مُثقلين كاهل المواطنين بأعباء مالية إضافية لكسب المزيد من الأموال بطرق ملتوية.
توجيهات الخالد، التي تهدف في المقام الأول إلى منع استغلال المواطنين وحمايتهم من عمليات النصب حال رفض العاملة المنزلية العمل لدى كفيلها المُستقدمة بواسطته أو تركه إلى جهة غير معلومة، جاءت لرأب الصدع الحاصل حالياً في سوق العمل المنزلي، الذي يشهد، رغم كثرة أعداد عمالته، عدم استقرار منذ فترة طويلة، نتيجة لأسباب عدة أبرزها عدم اضطلاع بعض الجهات المعنية بمسؤولياتها، وإخفاقها الشديد في القيام بدورها المنوط بها، ويأتي في مقدمة تلك الجهات شركة الدّرة لاستقدام وتشغيل العمالة المنزلية.
خسارة نصف رأس المال
وتأسست «الدّرة للعمالة» في أكتوبر 2016 (قبل 8 سنوات) برأسمال بلغ 3 ملايين دينار، موزعة بنسبة 60 في المئة لاتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية بواقع 1.8 مليون دينار، و40 في المئة موزعة على مؤسسة التأمينات الاجتماعية، والهيئة العامة لشؤون القصر، والخطوط الجوية الكويتية أو الشركات التابعة لها، والهيئة العامة للاستثمار، بواقع 10 في المئة لكل منها، وذلك لتقوم باستقدام العمالة المنزلية وتدريبها في مراكز متخصصة بهامش ربح رمزي وأسعار تنافسية للمقدمة من شركات ومكاتب الاستقدام المحلية، غير أن الشركة فشلت في القيام بالدور الذي أُنشئت من أجله، مخيّبة آمال وطموحات المواطنين الذين استبشروا خيراً بها، إلا أنها لم تفِ بوعودها بشأن توفير العمالة أو تقليص تكاليف استقدامها المرتفعة مقارنة بالدول الأخرى، فضلاً عن ضعف تعاقداتها الخارجية، وإخفاقها في توسيع دائرة الدول المصدّرة للعمالة المنزلية، وإيجاد أسواق جديدة إلى جانب الحالية، لاسيما في ظل قرار وقف إصدار تصاريح العمل للعمالة الجديدة من الفلبين.
ولم تكتفِ الشركة بالنكوص بوعودها وغاياتها، بل ذهب الأمر إلى أبعد من ذلك بخسارتها ما يزيد على 50 في المئة من رأسمالها، مع تكبدها خسائر متراكمة منذ تأسيسها بناء على الميزانيات السنوية بلغ مجموعها 1.518 مليون دينار، مما يعني تآكل رأسمالها وتبخره إلى حد حضّ اتحاد الجمعيات على مخاطبة وزارة الشؤون رسمياً للتخلي عن حصته (60 في المئة من رأسمال الدرة) نظراً للفشل الذريع المتكرر للشركة، والذي دفع السواد الأعظم من المواطنين إلى المطالبة بإلغائها.
تعزيز القطاع الخاص
وأشارت تقارير حكومية إلى أن تأسيس شركة حكومية لاستقدام العمالة المنزلية جاء دون دراسة الجدوى الاقتصادية من ذلك، للوقوف على مدى إمكانية خلق قيمة مضافة لهذا النشاط، وهو الأمر الذي تأكد على مدى 8 سنوات من عجز الشركة عن الوفاء بالهدف منها، كما أن تأسيس الشركة لا يتماشى مع التوجه العام للدولة بإفساح الطريق أمام تعزيز دور القطاع الخاص من جانب، والتقليل التدريجي للهيمنة الحكومية على الشركات المملوكة للدولة من جانب آخر، معتبرة أنه من المناسب السماح للقطاع الخاص بتأسيس شركات لاستقدام العمالة المنزلية، بما يحقق التنافس الحر الذي يضمن تحسين جودة الخدمة المقدمة.
إلى ذلك، أهاب مراقبون لسوق العمل برئيس مجلس الوزراء المكلف الشيخ د. محمد الصباح بضرورة اتخاذ موقف جاد حاسم حيال الشركة بمحاسبة كل من تسبب في ضياع أهدافها التي تأسست لأجلها، والتحقيق في أسباب خسائرها المالية الفادحة، وأين ذهبت هذه الأموال؟، مشددين على ضرورة تفعيل الشركة لتقوم بمهامها ضمن ضوابط محددة، أو إلغائها وتفكيكها طالما لم تحقق المرجو منها.
لجنة ثلاثية لضمان الالتزام بالأسعار
دعت وزارتا الداخلية والتجارة والهيئة العامة للقوى العاملة، في بيان مشترك، المواطنين إلى التعامل مع مكاتب تقديم استقدام العمالة عبر بطاقات الـ K-Net، فقط، كما دعتهم إلى تقديم شكوى ضد المكاتب غير الملتزمة بالأسعار المعلنة أو عدم التعامل بالـ K-Net، وذلك بسرعة التواصل مع الخط الساخن لـ «القوى العاملة» (96966595)، والخط الساخن لوزارة التجارة (135) لتقديم شكواهم في حال عدم التزام المكاتب بالأسعار الصادرة بالقرار الوزاري الصادر في 7 الجاري.
وأكدت الجهات الثلاث أنها بصدد تشكيل لجنة عمل مشتركة بشأن التفتيش على مكاتب استقدام العمالة، وأنهم لن يتوانوا عن اتخاذ أشد الإجراءات القانونية تجاه مكاتب استقدام العمالة المخالفة للقرارات الوزارية ولقانون العمالة المنزلية ولائحته التنفيذية، وذلك لحماية وضمان حقوق المواطنين.
«درة» المزايدات النيابية
عندما تبتعد شركة الدرة عن تحقيق أبسط أهدافها، تصبح صفحة سوداء جديدة في دفتر القوانين الشعبوية الفاشلة ونموذجاً صارخاً على هدر المال العام والمزايدات النيابية البغيضة التي أوجدت شركة عاجزة كل العجز عن حل مشكلة أنشئت خاصة لحلها.
ومع مرور سنوات طويلة على إنشائها، أثبت الواقع أن تلك الشركة لم تنجح في أن تقدم أو تؤخر أو تحرك ساكناً في حل ركام مشكلات العمالة المنزلية، لتبقى شاهداً على فشل قانون أخرجته إلى النور الشعارات النيابية البراقة، ليغدو صاحب المسؤولية الأولى عما ترتب على إنشاء تلك الشركة من ضياع للوقت والجهد والأموال هو مجلس الأمة.
750 ديناراً تكلفة الاستقدام من آسيا و575 من إفريقيا و350 للجواز الخاص
بناءً على توجيهات النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أصدر وزير التجارة والصناعة محمد العيبان القرار الوزاري رقم (2) لسنة 2024 الصادر بتاريخ 7 الجاري، بتحديد سعر استقدام العمالة المنزلية، يشمل تذكرة السفر، ليكون الحد الأقصى لاستقدام العمالة كالآتي: 750 ديناراً من دول آسيا، و575 من الدول الإفريقية، و350 للجواز الخاص المقدم من الكفيل.