فيما مثل، أمس، أمام محكمة الاستئناف في واشنطن للدفع بوجوب منحه حصانة من الملاحقة القضائية بتهم التآمر لإلغاء نتائج انتخابات 2020 التي خسرها أمام الرئيس الحالي جو بايدن، هدد الرئيس السابق دونالد ترامب بمحاكمة خلفه في حال وافق القضاء الأميركي على محاكمته على أفعاله كرئيس.

ورغم التغيرات الكبيرة، التي طرأت في غيبته، فإنّ احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض يشكّل معضلة كبرى تنتظر منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً أن «تأثيره» على العلاقات الدبلوماسية يزداد تعقيداً، في ظل التنافس المتزايد مع الصين.

Ad

وفي تقرير مطول لمجلة ناشونال إنتريست، حذّر الدبلوماسي والمحلل التركي هاشم تفينش من أن لهجة ترامب المباشرة والمستفزة قد تدفع المنطقة للانحياز لبكين، مما يهدد بتصاعد صراعها مع واشنطن واتساع نطاقه، مؤكداً أنه رغم اعتياد اللاعبين الإقليميين الأسلوب الفريد لترامب، فإنّ عودته ستكون لها تداعيات مهمة، لأن الولايات المتحدة مازالت أقوى لاعب بالمنطقة.

ومع أن نهج ترامب لا يختلف عن نهج سلفه باراك أوباما وخليفته جو بايدن فيما يتعلق بالوجود العسكري في المنطقة وسياسات مكافحة الإرهاب ودعم الحلفاء، لكنه يختلف مع إيران، التي عاقبها اقتصادياً وسياسياً، وأقدم على قتل أبرز قادتها، قاسم سليماني.

توازن دقيق

وتتمثل خطورة ترامب، في أن أغلب مشكلات المنطقة تحتاج إلى مهارة فائقة تحافظ على التوازن، في حين أنه يبدو مثل «ثور في متجر خزف». فدبلوماسية شخصية، ولا يعرف محتواها حتى أعضاء دائرته الضيقة. كما كان يقدّم وعودا متعارضة لقادة الدول المختلفين، ويدلي بتصريحات عشوائية ويتخذ خطوات غير متوقعة وجذرية، وهو ما كان يفجّر أزمات كبرى.

ويرى تقينش، الذي عمل لسنوات بـ «الخارجية» التركية، أن إعادة انتخاب ترامب لن تعيد الساعة للوراء بالمنطقة، التي شهدت تغييرات كبيرة أثناء غيابه، وأصبح قادتها أكثر اعتياداً على شخصيته وأسلوبه الفريد، ولكن قد لا يكون ذلك كافيا لاحتواء المخاطر والتحديات عند عودته.

وعندما وصل ترامب إلى السلطة عام 2017، كانت المنطقة غارقة بالإرهاب والحروب الأهلية والتنافس الإقليمي. وفي حين أنه لم يغيّر سياساته بشكل جذري، فإن «أسلوبه المدمر» كان له تأثير قوي.

وفي الولاية الثانية المحتملة لترامب، يمكن لقادة المنطقة التعامل بحكمة أكبر. فهم أولا يدركون أنه قد لا يترجم أقواله إلى أفعال. وهذا يمكن أن يجعلهم يفكرون مرتين قبل الرد على مواقفه.

وثانيا، أصبح اللاعبون الإقليميون أكثر خبرة في الدبلوماسية والتفاوض منذ غادر ترامب السلطة عام 2021، لذلك فإذا أدت رئاسته الثانية إلى فراغ بالقيادة، يمكن لهم بلورة آليات للمحافظة على الاستقرار. وتشير كثافة الاتصالات بين القوى الإقليمية والدولية في المنطقة منذ نشوب الحرب على غزة إلى تزايد الرغبة في الحوار والتعاون. فمع تصاعد الصراع، جرت محادثات بين السعودية وإيران وتركيا ومصر، وعقدت قمة منظمة التعاون الإسلامي بالرياض، وكل هذا يشير إلى أن اللاعبين يريدون المحافظة على الأمر الواقع، من خلال احتواء وإدارة الاضطرابات الإقليمية عبر الدبلوماسية.

ورغم ذلك، فإن الاعتياد على طريقة ترامب، الذي يصعب التنبؤ بتحركاته، لا يعني القدرة على إدارة المنطقة بطريقة عقلانية، لأن بلاده لا تزال أكبر قوة فيها، من خلال شبكة واسعة للقواعد العسكرية، ووجود أكثر من 40 ألف جندي. لذلك فإن عودة ترامب المحتملة يمكن أن تخلق حالة من الغموض والتذبذب بالمنطقة.

أكبر خطر

إلى ذلك، اعتبرت مجموعة أوراسيا، أمس الأول، أن الانتخابات الأميركية ستشكل أكبر خطر سياسي على العالم في 2024، بغضّ النظر عمّن سيفوز فيها.

وفي تقريرها السنوي، قالت مؤسسة تحليل المخاطر إن «انتخابات 5 نوفمبر ستختبر الديموقراطية الأميركية الأكثر انقساما واختلالا في العالم، لدرجة لم تشهدها الأمة منذ 150 عاماً»، في إشارة إلى الحرب الأهلية. وأضافت أن «الانتخابات ستؤدي إلى تفاقم المشكلة، بغضّ النظر عن الفائز، ونظرًا إلى أن نتيجة التصويت هي في الأساس خيار بين شخصين، فإن الشيء الوحيد المؤكد هو استمرار الضرر الذي يلحق بالنسيج الاجتماعي للأميركيين ومؤسساتهم ومكانتهم الدولية».

وقال التقرير إنه إذا خسر ترامب مرة أخرى أمام بايدن، فمن المرجّح أن يزعم مرة أخرى بحدوث عمليات تزوير و»يحرّض على شنّ حملات تخويف واسعة النطاق» ضد مسؤولي الانتخابات والعاملين فيها.

وفي حال فاز بايدن قد تواجه الولايات المتحدة أيضاً «أزمة سياسية غير مسبوقة» إذا دخل ترامب السجن في واحدة من القضايا الكثيرة المتهم فيها، رغم عدم ترجيح أن تشهد أعمال عنف على نطاق واسع.

وقدّم بايدن حملته على أنها نضال من أجل إنقاذ الديموقراطية ضد ترامب الذي هاجم مناصرون له مبنى «الكابيتول» في 6 يناير 2021.

ووفق مجموعة أوراسيا، فإن العديد من الديموقراطيين سينظرون إلى ترامب على أنه غير شرعي، وسيرفض البعض تأكيد فوزه، مستشهدين بالدستور الذي يحظر على أي شخص «يشارك في تمرّد» تولي مثل هذا المنصب.

وأضافت أنه من المتوقع أن يقوم ترامب إذا فاز باستخدام المؤسسات الحكومية لملاحقة مناوئيه وسحق أي معارضة له.

وصنفت المجموعة العنف بالشرق الأوسط باعتباره ثاني أكبر خطر عالمي، مع احتمال أن تكون الحرب بين إسرائيل وحركة حماس «المرحلة الأولى فقط من نزاع متّسع في 2024».

أما الخطر الثالث الأكبر، فهو أوكرانيا، إذ توقّع التقرير أنها ستنقسم فعليًا في 2024، مع سعيها لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها روسيا، موضحاً أنها ستتلقى ضربة كبيرة أخرى إذا انتُخب ترامب.

هيلي وأوستن

وقلّصت المرشحة الجمهورية نيكي هيلي تقدّم ترامب بالسباق التمهيدي في نيو هامبشاير إلى رقم فردي، وفقًا لاستطلاع أجرته «سي إن إن» وجامعة نيو هامبشاير. ولايزال ترامب يحتفظ بتقدم كبير وحصل على دعم 39 بالمئة في الولاية، مقارنة بنسبة 32 بالمئة لهيلي.

من جهة أخرى، لا يعتزم بايدن إقالة وزير دفاعه لويد أوستن، لتقاعسه لأيام عن الإبلاغ عن دخوله المستشفى، كما يطالبه الجمهوريون.

وقالت النائبة الجمهورية إليس ستيفانيك، في بيان: «يتعين أن تكون هناك مساءلة كاملة تبدأ باستقالة على الفور لأوستن والذين كذبوا لمصلحته، وإجراء تحقيق بالتقصير الخطير في أداء الواجب».