أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قادة إسرائيل شروط قادة دول عربية، زارها ضمن جولته الحالية بالمنطقة، للتعاون بشأن خطط لإعمار غزة وإدارتها بعد توقف الحرب الانتقامية التي تشنها تل أبيب على القطاع الفلسطيني منذ 96 يوماً.
وبحسب المعلومات، أطلع بلينكن المسؤولين الإسرائيليين خلال محادثاته معهم ومشاركته في اجتماع مجلس الحرب المصغر بزعامة بنيامين نتنياهو، على شرطين أساسيين لزعماء عرب هما: إنهاء حرب غزة، والعمل من أجل إقامة دولة فلسطينية.
وليل الاثنين ـ الثلاثاء، كشف بلينكن عقب لقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة العلا، أن السعودية والأردن وقطر والإمارات وتركيا مستعدة للعمل معاً ولتنسيق جهود مساعدة غزة على الاستقرار والتعافي، ورسم مسار سياسي إلى الأمام للفلسطينيين، والعمل على تحقيق السلام والأمن والاستقرار على المدى الطويل في المنطقة كلها.
ومن المتوقع أن يبلغ بلينكن هذه الشروط لرئيسَي مصر والسلطة الفلسطينية اللذين يجتمعان مع العاهل الأردني اليوم في مدينة العقبة في قمة مصرية ــ أردنية ــ فلسطينية.
وفي وقت أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه وسّع مناورته في خان يونس جنوب القطاع، نقلت «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين، أن تل أبيب أبلغت بلينكن تقليص عملياتها بشكل كبير، وسحب الآلاف من جنودها من شمال القطاع.
إلى ذلك، صعّدت إسرائيل من استهداف عناصر وقادة «حزب الله» اللبناني بالاغتيالات فيما بدا أنه تحول مستمر في «الحرب بالنقاط» التي يخوضها الطرفان في جنوب لبنان، منذ اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وبعد ساعات من مقتل وسام طويل مسؤول العمليات في «قوة الرضوان»، كتيبة النخبة في الحزب، أرفع مسؤول حزبي يقتل منذ 7 أكتوبر، شنت إسرائيل ضربة على سيارة في منطقة الغندورية أدت إلى مقتل ثلاثة عناصر من الحزب، بينهم كادران وسطيان، ومقاتل حسب المعلومات. وفي حين كانت بلدة خربة سلم تتأهب لتشييع طويل، استهدفت غارة سيارة لمشاركين في الدفن، وقالت وسائل إعلام عبرية إن المستهدف هو قائد إحدى الوحدات الجوية في الحزب.
في المقابل، أعلن «حزب الله» استهداف مقر قيادة المنطقة الشمالية الإسرائيلية في مدينة صفد بعدد من المسيّرات الهجومية الانقضاضية، انتقاماً للعاروري وطويل.
وأكد الجيش الإسرائيلي، أن قاعدة شمالية تعرضت لهجوم جوي دون وقوع أضرار أو إصابات، كما قال الحزب إنه شن هجمات أخرى وحقق إصابات أكيدة.
رغم ذلك، قال نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في كلمة أذاعها التلفزيون أمس، إن الحزب لا يريد توسيع الحرب، لكن إذا فعلت إسرائيل ذلك «فسنواصل المقاومة وسنجعلها أقوى وسنسلحها أكثر وستبقى على جاهزية دائمة».
وتقول إسرائيل إنها تعطي فرصة للدبلوماسية لمنع الحزب من إطلاق النار على سكانها في الشمال وإبعاد الحزب عن الحدود، محذرة من أن جيشها سيتخذ إجراءات لتحقيق هذه الأهداف.
وتقود الولايات المتحدة مساعي للتوصل إلى اتفاق بين الحزب وإسرائيل ينص على إنهاء كل الخلافات الحدودية بين إسرائيل ولبنان بشرط انسحاب الحزب من الحدود، وربما حصوله على مكاسب سياسية داخلية، حيث تعمل واشنطن مع أوروبا ودول عربية لإنهاء الفراغ الرئاسي المزمن. وأكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أمس، استعداد بلاده للدخول في مفاوضات لتحقيق الاستقرار في الجنوب، مطالباً «المجتمع الدولي بوقف العدوان الإسرائيلي».
وينتظر لبنان زيارة متوقعة للمبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، الذي كان في إسرائيل قبل أيام، والذي يقود المساعي الأميركية للتوصل إلى اتفاق حول الترسيم البري للحدود بعد أن نجح في انتزاع اتفاق تاريخي حول ترسيم الحدود البحرية.
وفي تفاصيل الخبر:
كشف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن أربع دول عربية رئيسية وتركيا اتفقت على البدء في التخطيط لإعادة إعمار غزة وإدارتها بمجرد انتهاء حرب إسرائيل الانتقامية، التي تشنها ضد حركة حماس منذ 95 يوماً، فيما أبلغ نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس بعد زيارات لعواصم عربية، أنه يرى «فرصاً أمام إسرائيل لبناء علاقات أوثق في المنطقة بعد تجاوز هذه اللحظة الصعبة جداً».
وقال بلينكن، عقب لقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة العلا، أمس الأول، إن السعودية والأردن وقطر والإمارات وتركيا ستفكر في المشاركة والمساهمة في سيناريوهات «اليوم التالي» المحتملة للأراضي الفلسطينية التي دمرتها ثلاثة أشهر من القصف الإسرائيلي القاتل، مضيفاً أن تلك الدول مستعدة لبدء هذا التخطيط وأن كل منها ستفكر في مشاركتها في كل ما يتم تحديده في النهاية.
وبحسب الوزير الأميركي، الذي يزور المنطقة للمرة الرابعة منذ اندلاع الحرب غير المسبوقة، اتفق زعماء تلك الدول على العمل معاً وتنسيق جهود مساعدة غزة على الاستقرار والتعافي، ورسم مسار سياسي للأمام للفلسطينيين، والعمل على تحقيق السلام والأمن والاستقرار على المدى الطويل في المنطقة ككل.
وأوضح أنهم «مستعدون لتقديم الالتزامات اللازمة لاتخاذ القرارات الصعبة لتحقيق كل هذه الأهداف لتحقيق هذه الرؤية للمنطقة».
ولم يقدم بلينكن تفاصيل بشأن المساهمات المحتملة في وقت يشكل الدعم المالي والعيني المحتمل من الإمارات والسعودية ضرورة ملحة لنجاح أي خطة مستقبلية في حال نجاح إسرائيل في إنهاء حكم «حماس» للقطاع المحاصر والمعزول.
فرصة إسرائيلية
وأمس، أكد وزير الخارجية الأميركي لنظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس في تل أبيب أن هناك «فرصاً حقيقية» لتعزيز العلاقات مع الدول العربية، في إطار سعيه لتهدئة العنف الإقليمي الناجم عن الحرب وتشجيع سلطات الاحتلال على تخفيف معاناة الفلسطينيين في المنطقة من أجل تحسين العلاقات مع جيرانها العرب.
وأشار بلينكن خلال محادثته مع المسؤولين الإسرائيليين إلى شرطين لزعماء العرب يصرون عليهما على الأقل لتحقيق التصالح أولاهما أنه يجب على إسرائيل إنهاء حرب غزة وثانيهما العمل من أجل إقامة دولة فلسطينية.
كما قال الوزيرالأميركي، في تصريحات علنية مع كاتس قبل بدء اجتماعهما: «إنني أتطلع إلى مشاركة بعض ما سمعته من دول المنطقة»، مضيفاً «أعرف جهودكم الخاصة، على مدى سنوات عديدة، لبناء اتصال وتكامل أفضل بكثير في الشرق الأوسط، وأعتقد أن هناك بالفعل فرصاً حقيقية هناك».
كما عقد اجتماعاً مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ تناول قضية اتهام سلطات الاحتلال بارتكاب جرائم حرب في غزة المقدمة من جنوب إفريقيا والتي يتوقع أن تنظرها محكمة العدل الدولية غداً.
ونقل الوزير الأميركي لزعماء الدولة اليهودية، خلال مشاركته في اجتماع لمجلس الحرب المصغر بزعامة بنيامين نتنياهو، استعداد واتفاق قادة المنطقة الذين التقى بهم عبر شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط منذ الجمعة الماضية للمساعدة في إرساء الاستقرار بغزة ما بعد الحرب «إذا كانت إسرائيل مستعدة للعمل معهم».
وجدد تأكيده على ضرورة منع اتساع نطاق حرب غزة، نظراً للتصعيد الأخير للعنف الذي شمل خصوصا «حزب الله» في لبنان والتحذيرات من انفجار كبير بالضفة الغربية المحتلة.
وناقش بلينكن مع القادة الإسرائيليين إمكانية التوصل إلى اتفاق آخر مع «حماس» بشأن إطلاق سراح الرهائن بوساطة قطرية.
ولدى وصوله، أكد ضرورة سماح إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين النازحين في غزة بالعودة إلى منازلهم. وشدد على ضرورة حماية المدنيين وضمان إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية للمتضررين من النزاع.
وجاء ذلك في وقت أفادت تقارير نقلا عن مصادر بأن قادة إسرائيل طالبوا بضرورة دعم إدارة الرئيس جو بايدن لاستمرار الحرب لمدة أطول، تصل إلى أشهر، بهدف القضاء على «حماس»، رغم ضغط واشنطن باتجاه إنهاء القتال خلال أسابيع.
قمة ورفض
في موازاة ذلك، عقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قمة في مدينة العقبة الأردنية لبحث آخر تطورات الصراع وسبل وقف العدوان الإسرائيلي.
وجاء ذلك في وقت زعمت تقارير أن محمود عباس ناقش اقتراحات بتعيين محمد مصطفى، الخبير الاقتصادي الذي يشغل منصب رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، بديلاً لرئيس الوزراء الحالي محمد اشتية بهدف ضخ دماء جديدة في السلطة الفلسطينية التي تسعى إدارة بايدن لإعادتها إلى حكم غزة رغم معارضة نتنياهو.
وفي القاهرة، شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال اجتماع مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك على أنه «لا بد من التركيز على وقف إطلاق النار حالياً، ولا يمكن أن نتحدث عن أمور قد يفهم منها قبول استمرار هذا الوضع من الأعمال العسكرية واستهداف المدنيين بالقطاع» في إشارة إلى التقارير عن بحث مستقبل غزة واليوم التالي للحرب.
من جهتها، قالت بيربوك إنّ المجتمع الدولي عليه التزام بتنظيم الأمن في غزة بعد الحرب، داعية «حماس» إلى إلقاء السلاح ومؤكدة أن لا سلام بدون «حل الدولتين».
وأكدت بيربوك تأييد برلين لإعادة سلطة فلسطينية «خضعت للإصلاح لحكم القطاع، مشددة على أن معاناة الفلسطينيين في غزة لا يمكن أن تستمر.
تمسك «حماس»
وأتت تلك التطورات في وقت شدد رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، على أن إسرائيل لن تسترد كل أسراها المحتجزين «إلا بالإفراج عن كل الأسرى الفلسطينيين من كل سجون الاحتلال»، معتبراً أن الجيش الإسرائيلي لم ينجح، حتى الآن، في تحقيق أي من أهدافه بالحرب رغم المجازر والإبادة التي يرتكبها بحق المدنيين.
ميدانياً، وسع جيش الاحتلال عملياته البرية في مدينة خان يونس بجنوب القطاع حيث اضطر الآلاف من النزوح باتجاه منطقة قرب الحدود المصرية، مضيفاً أنه قتل عشرات من المسلحين الفلسطينيين، وعثر على كميات كبيرة من الأسلحة وممرات أنفاق. وأكد الجيش مقتل 9 آخرين من جنوده لترتفع حصيلة قتلاه إلى 519 منذ الـ7 من أكتوبر.
وذكرت تقارير عبرية أن 30 من ضباط وجنود الجيش أصيبوا بانفجار على متن شاحنة كانت تحمل متفجرات معدة لتدمير أنفاق لـ«حماس» بوسط وجنوب القطاع، لكن منصات فلسطينية أكدت أن الحادث الذي تسبب في مقتل 6 من عناصر الجيش أمس الأول ناجم عن كمين معد مسبقا.