تحت شعار «ديموقراطية لا تتزعزع»، ترأس رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا المعرو ف بـ «لولا»،
أمس، مراسم للتنديد بأعمال الشغب التي استهدفت المقار الحكومية في البرازيل قبل سنة، وقام بها أنصار اليمين المتطرف، فيما يصفه بأنه «محاولة انقلاب» ينسبها إلى سلفه جايير بولسونارو.
ويشدد لولا الزعيم اليساري الذي عاد إلى السلطة العام الماضي على الوحدة الوطنية خلال المراسم التي احتضنها البرلمان في برازيليا، بحضور أبرز مسؤولي المؤسسات الحكومية.
في الثامن من يناير 2023، بعد أسبوع من تنصيب لولا، اقتحم الآلاف من أنصار بولسونارو مباني القصر الرئاسي والبرلمان والمحكمة العليا، ودعوا الجيش للتدخّل للإطاحة باليساري المخضرم.
ودمر المشاغبون أعمالاً فنية لا تقدر بثمن وأثاثاً نادراً، تشكل جزءاً من التراث الوطني، احتجاجاً على هزيمة زعيمهم في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أكتوبر 2022.
والجمعة، قال لولا لوسائل الإعلام البرازيلية «أعتبر أن هناك مسؤولاً مباشراً خطط للأمر وبجبن توارى عن الأنظار مغادراً برازيليا، وهو الرئيس السابق للجمهورية».
واتهم لولا سلفه بولسونارو، الذي كان في الولايات المتحدة عند وقوع أعمال الشغب، بأنه «رحل وترك أتباعه ينجزون» ما أراده.
ويواجه بولسونارو اليميني المتطرف الذي تولى السلطة من 2019 إلى 2022، تحقيقاً قضائياً للاشتباه بتحريضه على أعمال الشغب هذه. وأدين نحو ثلاثين من مثيري الشغب بجرائم مختلفة، من بينها محاولة انقلاب، وصدرت في حقهم عقوبات سجن يصل بعضها إلى 17 عاماً.
لكن الكثير من ممولي أعمال الشغب والمحرضين عليها لم يقعوا بعد في قبضة الشرطة التي أصدرت الاثنين 46 مذكرة تفتيش ومذكرة توقيف واحدة.
وأكد بولسونارو السبت لقناة «سي إن إن برازيل» أن المتظاهرين توجهوا إلى برازيليا بناء على دعوة أطلقتها «مواقع للتواصل الاجتماعي لا علاقة لنا بها» من أجل القيام بأعمال «ندينها منذ البداية». وأوضح أن «هذا ليس أبداً سلوك أشخاص من اليمين (...). لقد كان فخاً نصبه اليسار»، نافيا أي محاولة انقلابية ومندداً بحدوث تلاعب.
وشبّه كثيرون تلك المشاهد بأحداث الشغب التي حصلت في واشنطن في السادس من يناير 2021 عندما اقتحم أنصار للرئيس الأميركي المنتهية ولايته في حينه دونالد ترامب مبنى الكونغرس في محاولة فاشلة لمنع المصادقة على فوز خصمه جو بايدن بالانتخابات الرئاسية.
ومنذ ذلك الحين، سيطر مناخ أكثر هدوءاً على المناقشات العامة، وإن استمرت أجواء تشبه «الحرب الثقافية» حول القضايا الاجتماعية البارزة، من حيازة الأسلحة إلى الإجهاض.
وكتب لولا في مقال رأي نشرته صحيفة واشنطن بوست الاثنين «تُوفّر عدم المساواة أرضًا خصبة للتطرف والاستقطاب السياسي»، مروجًا لبرامجه المخصصة لمكافحة الفقر.
وترأس لولا الفعاليات في القاعة السوداء، وهي غرفة استقبال واسعة في الكونغرس نهبها مثيرو الشغب.
وحضر المراسم أعضاء الحكومة ومسؤولون في البرلمان وقضاة المحكمة العليا وغيرهم من القادة العسكريين، إلا أن الغياب المعلن لبعض الشخصيات اليمينية يشير إلى أن «الوحدة» التي يدعو إليها لولا لاتزال بعيدة المنال.
وينطبق ذلك خصوصا على حاكم ساو باولو النافذ، تارسيسيو دي فريتاس، الوزير السابق خلال ولاية بولسونارو، والذي أعلن أنه يمضي إجازة في أوروبا.
وسيغيب عن المراسم أيضًا لأسباب عائلية رئيس مجلس النواب أرتور ليرا الحليف السابق لبولسونارو، والذي أصبح حاليًا شريكًا للولا كزعيم للوسط.