فيما كشفت تقارير أميركية أن مسؤولين عراقيين أبلغوا واشنطن سراً رغبتهم في الإبقاء على الوجود الأميركي في العراق، قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن حكومته تريد خروجاً سريعاً ومنظماً للقوات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة عن طريق التفاوض لكنه لم يحدد موعداً نهائياً.
واكتسبت الدعوات التي أطلقتها منذ فترة طويلة فصائل أغلبها شيعية، والعديد منها قريب من إيران، لرحيل التحالف الذي تقوده واشنطن، زخماً بعد سلسلة من الضربات الأميركية على فصائل مرتبطة بطهران تهاجم القواعد الأميركية، رغم أنها تشكل جزءاً من قوات الأمن العراقية الرسمية.
وقال السوداني في مقابلة مع «رويترز» في بغداد، إن هناك «ضرورة لإعادة ترتيب هذه العلاقة بالشكل الذي لا تكون هدفاً وملفاً ومبرراً لأي جهة داخلية أو خارجية للعبث باستقرار العراق والمنطقة».
وبعد إفصاحه عن التفاصيل الأولى لأفكاره بشأن مستقبل التحالف منذ إعلانه في الخامس من يناير أن العراق سيبدأ عملية إنهاء مهامه، قال السوداني إن الخروج يجب أن يتم التفاوض عليه في إطار «عملية تفاهم وحوار»، مشيراً إلى أن الحل الوحيد لعدم اتساع الصراع في المنطقة حالياً هو وقف الحرب في غزة مع تكثيف جهود إدخال المساعدات الإنسانية بأقرب وقت ممكن.
ومن المرجح أن يؤدي الانسحاب الأميركي إلى زيادة القلق في واشنطن بشأن نفوذ العدو اللدود إيران على النخبة الحاكمة في العراق.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) يوم الاثنين الماضي إنها لا تخطط لسحب القوات الموجودة في العراق بناء على دعوة من حكومته.
ويقول معارضون إن الفصائل المسلحة لاسيما كتائب حزب الله وحركة حزب الله النجباء تستخدم مكانتها كمكونات في قوات الحشد الشعبي كغطاء.
وعندما تستهدف الفصائل القوات الأميركية، فإنها تعمل خارج التسلسل القيادي تحت راية «المقاومة الإسلامية في العراق»، وعندما ترد واشنطن فإنها تندد بخسائرها بصفتها جزءاً في قوات الحشد الشعبي وتستفيد من تصاعد المشاعر المناهضة للولايات المتحدة.
الدعوات لانسحاب التحالف كانت موجودة منذ سنوات، وحتى الآن لم يتغير الكثير. وصوت البرلمان العراقي في عام 2020 لصالح رحيله بعد أيام من اغتيال الولايات المتحدة للقائد الإيراني البارز قاسم سليماني وقيادي كبير في إحدى الفصائل العراقية في غارة خارج مطار بغداد.
وفي العام التالي، أعلنت الولايات المتحدة نهاية مهمتها القتالية في العراق، والتحول إلى تقديم المشورة والمساعدة لقوات الأمن، وهي خطوة لم تغير سوى القليل على أرض الواقع.
وأعادت حرب غزة القضية إلى الواجهة من جديد، إذ دعت العديد من الجماعات العراقية التي أوصلت حكومة السوداني إلى السلطة والمقربة من طهران إلى الخروج النهائي لجميع القوات الأجنبية، وهي خطوة سعت إليها إيران وحلفاؤها الإقليميون منذ فترة طويلة.
وقال السوداني إنه يسعى لخروج التحالف، لأن العراق يستطيع الآن الدفاع عن نفسه في مواجهة الإرهاب، وينبغي أن يمارس سيادته الكاملة على أراضيه، وبالتالي يتجنب إعطاء أي طرف ذريعة لجر العراق إلى صراع إقليمي.
وذكر أن «إنهاء وجودها سيمنع المزيد من التوترات وتشابك الملفات الأمنية الداخلية والإقليمية».
وتابع «لا نريد أن يكون إنهاء التحالف وكأنه عملية طرد لهذه القوات إنما العملية عملية تفاهم وحوار تؤدي إلى الانسحاب بشكل طبيعي».
في المقابل، نقلت صحيفة «بوليتيكو» عن «برقية للخارجية الأميركية تشير الى أن السوداني ومسؤولين آخرين أبلغوا واشنطن رغبتهم في بقاء القوات الأميركية في البلاد».
وقالت الصحيفة الأميركية إن «رئيس الوزراء العراقي صرح لمسؤولين أميركيين بشكل خاص أنه يريد التفاوض بشأن إبقاء القوات الأميركية في البلاد رغم إعلانه الأخير أنه سيبدأ عملية إخراجهم من البلاد».
ووفقاً لما جاء ببرقية لوزارة الخارجية حسب الصحيفة، فإن «كبار مستشاري السوداني قالوا لمسؤولين أميركيين إن إعلانه كان محاولة لإرضاء الجماهير السياسية المحلية».