هل يجب السماح لترامب بالترشح وترك مصيره للناخبين؟

أوستن انتهك القانون وخالف بروتوكولات بالتستّر على مرضه

نشر في 11-01-2024
آخر تحديث 10-01-2024 | 19:14

رغم المبدأ المتّبع بالولايات المتحدة أن الجميع أبرياء حتى تثبت إدانتهم، يرغب العديد، ولا سيما الديموقراطيين وذوي الميول اليسارية، في حرمان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، من الوصول إلى الانتخابات التمهيدية، بموجب المادة الثالثة من التعديل الرابع عشر لقانون الانتخابات.

ووفق صحيفة لوس أنجلس تايمز، فإن «هذا منطقي تماماً، لأنه في حال حارب المرء من أجل تدمير الأمة بعد أن تعهّد بحمايتها، فإنه يجب ألا يُسمح له بالمساعدة في قيادتها فور أن يفشل في القيام بذلك».

وهناك حركة حالية تهدف إلى منع ترامب من الترشح مجدداً، بسبب مزاعم أن خطابه الحماسي دفع أنصاره لاقتحام «الكابيتول» في 6 يناير 2021، لمنع «الكونغرس» من التصديق على فوز الرئيس جو بايدن عليه في الانتخابات.

الانتخابات فوق الحزبية

ولم ينضم الديموقراطيان الليبراليان، حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم، ووزيرة خارجية الولاية شيرلي ويبر - وهي أكبر مسؤولة انتخابية في كاليفورنيا - إلى المعسكر الذي ينادي بمنع وصول ترامب إلى الانتخابات.

وقال نيوسوم في تعليقه العلني الوحيد على الأمر: «ليس هناك شك في أن ترامب يشكّل خطراً على حرياتنا وديموقراطيتنا، لكننا في كاليفورنيا نهزم المرشحين الذين لا نحبهم في صناديق الاقتراع، وأي شيء آخر يعد تشتيتاً سياسياً».

ووضعت ويبر ترامب ضمن مرشحي الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، رغم ضغوط مارستها نائبة حاكم كاليفورنيا الديموقراطية، إيليني كونالاكيس، لمنعه من الترشح.

وأكدت ويبر، في بيان لها: «يجب أن أضع قدسية هذه الانتخابات فوق السياسات الحزبية». وأضافت: «بينما يمكننا أن نتفق على أن الهجوم على الكابيتول، وسلوك الرئيس السابق، كانا بشعين، هناك قضايا قانونية معقّدة تحيط بهذه المسألة»، موضحة أن سلوك ترامب «معيب ويستمر في غرس عدم ثقة العامة بالحكومة وبشرعية الانتخابات، لذلك صار تأمين الانتخابات بطريقة تتجاوز الانقسامات السياسية، أكثر أهمية من أي وقت مضى».

لا إدانة

ويقول الكاتب السياسي في صحيفة لوس أنجلس تايمز، جورج سكيلتون: «من وجهة نظري، ستكون الأمة وبالتأكيد الديموقراطية أفضل حالاً بكثير في حال لم يُسمح لترامب بالاقتراب من السلطة مجدداً». وأضاف: «لكن ترامب لم تتم إدانته بالعصيان. كما لم يوجّه إليه أي ممثل ادعاء اتهاماً بذلك».

وتساءل سكيلتون: «أين الإجراءات القانونية التي يكفلها الدستور والحق في المحاكمة أمام هيئة من محلفين واستجواب شهود الادعاء؟ وما هو العصيان على أي حال؟ من الأفضل أن يكون لدينا تعريف ثابت له قبل حرمان شخص من الترشح لمنصب عام لأنه شارك فيه».

وأضاف: «قمت بالاتصال ببعض علماء القانون، وأخبروني جميعاً أنه ليس من الضروري - على ما يبدو - أن تتم الإدانة بتهمة التمرد من أجل إبعاد ترامب عن صناديق التصويت في الولاية».

وأوضح أن «الترشح للمنصب ليس حقاً وفق ما أخبرني الأساتذة، بل إنه امتياز» معتبراً أنه «حتى الشخص المزعج، مثل دونالد ترامب، يستحق فرصة عادلة. ولا تجوز معاقبته قبل إدانته».

وهو ما أكده عميد كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، إروين تشيميرينسكي، الذي قال: «لا يوجد شيء في المادة الثالثة من التعديل الرابع عشر يتطلب الإدانة».

ولفت ريتشارد هاسن، وهو أستاذ في قانون الانتخابات بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلس، إلى أن حرمان شخص ما من الوصول إلى صناديق الاقتراع «لا يُعد عقوبة جنائية، فهو ليس إيداعاً في السجن، ولا دفع غرامة، وليس حرماناً من أحد الحقوق، ومع ذلك فهناك مسألة تتعلق بالإجراءات القانونية الواجبة».

وأمس الأول حضر ترامب (77 عاماً) جلسة محكمة استئناف تنظر في ادّعاءاته بأن من حقّه كرئيس سابق الحصول على حصانة من الملاحقة القضائية بتهم التآمر لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020.

وأنصت ترامب بصمت إلى المرافعات التي تمّت أمام لجنة من 3 قضاة قبل أن يتوجّه إلى الصحافيين محذّراً من «فوضى» إذا تم المُضيّ بملاحقته قضائياً.

ومن المقرر أن تتم محاكمة ترامب في 4 مارس بتهم التآمر لقلب نتيجة انتخابات 2020 التي فاز فيها الديموقراطي جو بايدن.

وتم عزل ترامب مرّتين في مجلس النواب الذي كان يهيمن عليه الديموقراطيون فيما برّأه مجلس الشيوخ في كلا المرّتين. وأفاد محاميه جون سوير القضاة بأنه لا يمكن ملاحقة الرئيس قضائيا إلّا لأفعال قام بها عندما كان في البيت الأبيض وشرط عزله أولاً وإدانته في «الكونغرس».

وقال سوير إن «السماح بملاحقة رئيس قضائياً بسبب أفعاله الرسمية سيفتح صندوق باندورا، والذي لن يكون بإمكان هذه الأمة التعافي منه إطلاقاً».

وأضاف أن «فكرة عدم وجود حصانة جنائية لرئيس أمر صادم». وتابع أن ذلك «سيأذن مثلاً بتوجيه اتهامات للرئيس بايدن في محكمة منطقة تكساس الغربية بعد مغادرته السلطة لسوء إدارته الحدود».

من جهته، وصف المحامي عن وزارة العدل، جيمس بيرس، ذلك بأنه سيناريو «مخيف بشكل استثنائي» يسمح لأي رئيس بالاستقالة قبل عزله للإفلات من العقاب.

ولم يكن يجب على ترامب حضور الجلسة، لكنّ حضوره قبل أيام فقط من انطلاق الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في أيوا يؤكد هدفه تحويل معاركه القضائية العديدة إلى جزء من حملته الانتخابية.

انتهاكات أوستن

من جهة أخرى، فجّر المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، مفاجأة جديدة بشأن صحة وزير الدفاع لويد أوستن بتأكيده أن بايدن لم يعلم بإصابته بسرطان البروستاتا إلا أمس الأول، وذلك بعد دقائق من كشف «البنتاغون» عنها للعامة.

وأثارت وزارة الدفاع (البنتاغون) انتقادات سياسية واسعة النطاق بإخفائها عن الأميركيين والبيت الأبيض و«الكونغرس» لمدة 5 أيام نقل أوستن، (70 عاماً)، في أول يناير لمركز والتر ريد الطبي العسكري، . كما ظلت نائبته كاثلين هيكس تجهل الأمر عدة أيام، حتى بعد أن طُلب منها خلال إجازة في بورتوريكو أن تتولى بعض مهامه في الثاني من يناير.

وبعد 9 أيام، أعلنت وزارة الدفاع، أمس الأول، أن أوستن، الذي يخلف بايدن مباشرة في قمة التسلسل القيادي للجيش، يتلقى الرعاية بعد إصابته بعدوى في المسالك البولية عقب خضوعه لجراحة في ديسمبر لعلاج سرطان البروستاتا.

ويبدو أن طريقة تعامله مع الموقف تمثّل انتهاكاً صارخاً للبروتوكول الخاص بالمسؤولين رفيعي المستوى الذين عادة ما يبلّغون الرأي العام بالغياب لأسباب طبية معروفة سلفاً وتحديد مَن سيحلّ محلهم.

وقال خبراء قانونيون، إن أوستن ربما انتهك القانون بشأن «الإبلاغ عن الشغور الوظيفي» الذي يلزم الوكالات التنفيذية إبلاغ مجلسَي النواب والشيوخ عن حالات غياب كبار المسؤولين، واسم أي شخص يعمل بالنيابة عنهم. وهذا القانون إجرائي إلى حد كبير، ولا ينص على أي عقوبات.

وأشار خبراء قانونيون إلى أنه يبدو أن أوستن انتهك القانون بصورة واضحة، لكن من المرجح أن يتلقى توبيخاً وتحذيراً فحسب من بايدن، وهي الحال أيضاً بالنسبة لكبار الموظفين في وزارة الدفاع.

وربما يكون أوستن قد انتهك أيضاً بروتوكولات وزارة الدفاع الداخلية، ويقول مسؤولون إنهم يجرون مراجعة شاملة للواقعة لتحديد كيفية الحيلولة دون وقوع هفوات مماثلة في المستقبل.

back to top