بعدما خذله مجلس الأمة في جلسة استجوابه لوزير الصحة الأسبق د. علي العبيدي في يناير 2016، عبر الاكتفاء بمناقشة محاوره فقط، رغم ما كشفه بالدليل من فساد كان مستشرياً حينئذ في «الصحة»، جاء القضاء الكويتي أمس لينصف النائب السابق راكان النصف، بحكم أصدرته محكمة الجنايات يقضي بحبس متهمَين في قضية الاستيلاء على أموال العلاج بالخارج، والتزوير في محررات رسمية.
ويعود الفضل في كشف تفاصيل تلك القضية إلى صحيفة استجواب النصف، وتحديداً في محوره الثالث تحت عنوان «التلاعب بالعقود وتضليل الجهات الرقابية وهدر المال العام».
وأمرت المحكمة، في حكمها، بحبس المتهم الأول، وهو وافد مصري، 10 سنوات، وتغريمه 6 ملايين دينار، مع سجن الثاني، وهو مدير سابق بوزارة الصحة، 7 سنوات مع الشغل والنفاذ، وتغريمه 300 ألف دينار، بعدما نسبت النيابة العامة إلى الأول استيلاءه على 6 ملايين و71 ألف دينار من أموال إدارة العلاج بالخارج عبر تزويره بيانات رسمية، في حين اتهمت الثاني باتفاقه مع الأول على تسلم مبلغ 300 دينار من كل مريض، وحصوله على مبلغ 580 ألفاً.
وإلى جانب الاستيلاء على الأموال، وجهت النيابة إلى المتهم الأول تهم غسل المبالغ المستولى عليها من حساب «الصحة»، فضلاً عن التزوير، عبر اصطناع الفواتير والمستندات التي استولى من خلالها على المبالغ، كاشفة عن مفاجأة بشهادة الشهود أنه تم صرف مخصصات مالية لشركة سياحة دون حق عن مرضى لم يغادروا البلاد للعلاج، وتكرار صرف المخصصات لآخرين بعد انتهاء مدة علاجهم.
وكشفت تفاصيل القضية أن عدد المرضى المبتعثين عن طريق تلك الشركة يبلغ 1942، بواقع 1127 عام 2015، و815 عام 2016، إلى جانب ضبط عقد اتفاق مبرم بين المتهمَين بصرف عمولة للمتهم الثاني 300 دينار عن كل مريض مسافر للعلاج بالدول محل العقد الأصلي المبرم بين «الصحة» وشركة السفريات.
وفي تفاصيل الخبر:
قضت محكمة الجنايات، أمس، بحبس متهمين اثنين في قضية الاستيلاء على أموال العلاج بالخارج والتزوير في محررات رسمية، حيث أمرت بحبس المتهم الأول، وهو وافد مصري، 10 سنوات، وتغريمه 6 ملايين دينار، وسجن الثاني، وهو مدير بوزارة الصحة، 7 سنوات مع الشغل والنفاذ، وتغريمه 300 ألف دينار.
وكانت النيابة العامة نسبت للمتهم الأول أنه استولى على 6 ملايين و71 ألف دينار من أموال إدارة العلاج بالخارج عبر التزوير في البيانات الرسمية، واتهمت الثاني باتفاقه مع المتهم الأول على تسلم مبلغ 300 دينار من كل مريض، وحصوله على مبلغ 580 ألفاً.
ووجهت النيابة إلى المتهم الأول إلى جانب الاستيلاء على الأموال، تهم غسل المبالغ المستولى عليها من حساب وزارة الصحة، وكذلك التزوير بعدما قام باصطناع الفواتير والمستندات التي استولى من خلالها على المبالغ. وكانت النيابة وجهت الى المتهمين تهم الاستيلاء على الأموال بعدما ثبت من التحقيقات استيلاء الأول على المخصصات الخاصة بالعلاج بالخارج بعد اسناد «الصحة» للشركة التي يديرها تسهيل سفر المرضى للعلاج.
تقرير الاتهام
وكان تقرير الاتهام المقدم من النيابة العامة إلى محكمة الجنايات في القضية المقيدة برقم 1083 لسنة 2017 حصر نيابة الأموال العامة، أشار إلى أن المتهم المصري ارتكب جريمة غسل الأموال المقدرة بمبلغ 6.7 ملايين دينار، والمتحصل عليها من الجريمة موضوع الاتهام، بأن تعمّد اكتسابها وحيازتها بعد اصطناع المستندات، وتحصل بموجبها على المبلغ المذكور خصماً من حساب وزارة الصحة بشأن التعاقد المبرم بينه وبين الجهة الأخيرة لإيفاد مرضى الوزارة للعلاج بالخارج عن طريقها، فقام بتحويلها من حساب الشركة التي يديرها لحساباته الشخصية بدولة الكويت، وتحويلها عبر بعض الشركات والمصارف إلى مصر بقصد إخفاء وتمويه المصدر غير المشروع لتلك الأموال.
وأشار التقرير إلى أن المتهم المصري ارتكب كذلك جريمة تزوير في محررات رسمية وعرفية، بقصد استعمالها على نحو يوهم أنها مطابقة للحقيقة هي عروض أسعار، وفواتير علاج، وطلبات الصرف، وكان ذلك بطريق الاصطناع بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة، بقصد استعمالها على نحو يوهم أنها مطابقة للحقيقة مع علمه بتزويرها، بأن أثبت بها عروض أسعار الخدمات الطبية المقدمة من المستشفيات والمصحات والمراكز العلاجية بدول الإيفاد، ومطالبته بمبالغ مالية نظير خدمات طبية، وتكاليف علاج المبتعثين للعلاج بالخارج على نفقة الدولة بدول التشيك، وسلوفاكيا، والبوسنة، وسلوفينيا، وبولندا خلافاً للحقيقة، وأفرغت تلك المبالغ وفواتيرها بمستندات صرف «الصحة» وتم اعتمادها من موظفيها المختصين.
وقد توصل المتهم بطريق التدليس إلى الاستيلاء على مبلغ 6.7 ملايين دينار المملوك للوزارة، وكان ذلك بطريق التحايل، مما حمل «الصحة» على تحويل تلك المبالغ لحسابات شركته، وتمكن بتلك الوسيلة من الاستيلاء عليها لنفسه، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
المتهم الثاني
وأشار تقرير النيابة بشأن المتهم الثاني، بصفته موظفا عاما ومديرا لإدارة المحاسبة المالية بوزارة الصحة «وله شأن في إدارة المحاسبة المالية بإدارة العلاج بالخارج، وإصدار فواتير الصرف والشيكات الخاصة بذلك، إلا أنه حاول وحصل بطريق غير مشروع لنفسه على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفته، بأن استغل سلطته الوظيفية، وأبرم مع المتهم الأول تعاقداً بتاريخ 2015/4/12 (ذات تاريخ تعاقد المتهم الأول مع وزارة الصحة) بموجبه فرض لنفسه عمولة قدرها ۳۰۰ دينار عن كل مريض مسافر إلى دول (التشيك وسلوفاكيا والبوسنة) بعدد فعلي بلغ 1942 مبتعثاً للعلاج بعد تحصيل الفواتير وصرفها من «الصحة»، مما كان سيعود عليه بربح مادي دون حق بمبلغ 582 الف دينار، وما عاد عليه فعلاً من ربح تمثل في تملكه وحدة سكنية بمدينة السادس من أكتوبر بمصر، يبلغ قيمتها أكثر من 70 ألف دينار، سددت قيمتها من المتهم الأول عبر الشركة التي يدير حسابها، وتذاكر سفر له وتابعيه بإجمالي مبلغ 44 ألف دينار.
وانتهى تقرير النيابة إلى أنه بناء على تلك الوقائع يكون المتهمان قد ارتكبا عدداً من الجنايات والجنح المنصوص عنها في قوانين حماية الأموال العامة والجزاء ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وطلبت من «الجنايات» معاقبة المتهمين طبقاً لمواد الاتهام الموثقة بأدلة الإثبات، ومنها شهادات 8 أشخاص تؤكد حصول الارتكابات المذكورة، علما بأن الشهود الذين استندت النيابة إلى إفاداتهم يعملون في الإدارات المالية والقانونية بوزارة الصحة، وفي وحدات غسل الأموال ببعض المصارف المحلية، وشركات الصيرفة وتحويل الأموال التي تم تحويل الأموال من خلالها إلى بعض دول الجوار ثم مصر، بالإضافة الى عاملين بشركتين للسياحة والسفر يملكهما المتهم الأول.
وأشارت النيابة إلى أن الإقرار الأهم كان من المتهم الكويتي، الذي أقر بالتحقيقات معه بتوقيعه على العقد المحرر بينه وبين المتهم الأول، والذي بموجبه يتقاضى عمولة قدرها 300 دينار عن كل مريض مسافر للعلاج في بعض الدول، وأن العمولة تحصل بعد سداد «الصحة»، وأن مدة العقد سنة، وفي حالة إلغاء العقد أو إنهائه مع الوزارة يتم التوقف عن دفع العمولة، كما أقر بشرائه عقاراً بمصر، وسداد المتهم الكويتي للمقابل المادي للعقار، كما أقر المتهم الكويتي بسداد المتهم المصري مبلغ 44 ألف دينار قيمة تذاكر سفر له ولأسرته.