توترات البحر الأحمر تقترب من الخليج العربي
إيران تحتجز ناقلة تحمل نفطاً عراقياً متجهة إلى تركيا كانت محور نزاع مع واشنطن
• الحوثي يتعهد بالرد على أي هجوم أميركي... وفرنسا لا تنوي تكثيف وجودها البحري
• بلينكن يدعو من القاهرة إلى إقامة دولة فلسطينية «تعزل طهران»
في خطوة تشير إلى أن التهديدات التي تواجه الشحن البحري في الشرق الأوسط، والتي وصلت فعلياً إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، يمكن أن تنتشر من البحر الأحمر إلى الخليج العربي، استولى الجيش الإيراني، أمس، على ناقلة نفط مرتبطة بالنزاع بين طهران وواشنطن في بحر عمان بمنطقة تقع بين السلطنة وإيران على بوابة الخليج.
وكانت «الجريدة» كشفت، أمس الأول، عن توقف المفاوضات بين طهران وواشنطن في مؤشر إلى أن التوتر الإقليمي يتصاعد رغم تكثيف المساعي الدبلوماسية للوصول إلى ما يصفه خبراء بأنه تسوية إقليمية شاملة تنهي الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ نحو 97 يوماً على قطاع غزة، وترسم حدود النفوذ الإقليمي في المنطقة.
وكذلك يأتي هذا التطور في وقت لا يزال الغموض يحيط بالمفاوضات حول مقترح جديد لتهدئة لم تتضح معالمها في غزة، حيث بدا أن الأمور تعود مجدداً إلى مربع السباق بين المساعي الدبلوماسية والتصعيد الإقليمي.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية عن العلاقات العامة للجيش الإيراني أن قواته البحرية «احتجزت ناقلة نفط أميركية بموجب أمر قضائي»، في حين صرحت السلطات البحرية البريطانية بأن أفراداً يرتدون زياً عسكرياً أسود داهموا الناقلة أمس، واقتادوها باتجاه المياه الإقليمية الإيرانية.
وقالت شركة «إمباير نافيغيشن»، المالكة للناقلة التي تدعى «سانت نيكولاس» وترفع علم جزر مارشال ومقرها أثينا، إن على متن السفينة طاقماً مكوناً من يوناني و18 فلبينياً، مضيفة أن السفينة تحمل شحنة نفط عراقية لمصلحة شركة «توبراش» التركية لإنتاج النفط، وكانت متجهة إلى ألياجا في تركيا عبر قناة السويس.
وكانت السلطات الأميركية احتجزت هذه السفينة، التي كانت تسمى سابقًا «سويس راجان»، العام الماضي خلال نقلها نفطاً إيرانياً للصين. وكانت السفينة في السواحل الشمالية الشرقية لسنغافورة عندما قرر قبطانها الامتثال لطلب إحدى المحاكم الأميركية والتعاون مع البحرية الأميركية للتوجه إلى الولايات المتحدة وإفراغ شحنة النفط الإيرانية في ولاية تكساس حيث تم بيع نحو مليون برميل نفط منها.
وردت إيران باحتجاز انتقامي لناقلة تحمل نفطاً كويتياً لشركة شيفرون الأميركية، كما أصدرت محكمة إيرانية حكماً قضائياً بحجز السفينة واعتقال القبطان، وبعدها قامت الشركة اليونانية المالكة بتغيير اسم السفينة.
وجاء الحادث بعد ساعات من اتخاذ مجلس الأمن الدولي قراراً دعا فيه إلى وقف فوري لهجمات جماعة أنصار الله الحوثية على سفن في البحر الأحمر، مطالباً كل الدول باحترام حظر الأسلحة المفروض على الجماعة اليمنية، في إشارة إلى إيران.
وشن المتمردون الحوثيون في اليمن أكثر من 25 هجوماً على السفن التجارية في جنوب البحر الأحمر منذ نوفمبر الماضي. ومع تصاعد حدة التهديدات الأميركية برد عسكري، حذر زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي من أن «أي هجوم أميركي لن يمر دون رد»، ملوحاً بهجوم أكبر من ذلك الذي شنته قواته الثلاثاء ضد سفن أميركية وبريطانية ووصفته واشنطن ولندن بأنه الأكبر والأعقد.
وفي القاهرة، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، بعد لقائه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في ختام جولة إقليمية حول غزة وترتيبات «اليوم التالي لانتهاء الحرب»، إن «أمن اسرائيل وإدماجها (في المنطقة) مرتبطان بفتح طريق نحو إقامة دولة فلسطينية»، مضيفاً «دولة فلسطينية من أجل عزل وتهميش إيران... الرؤية واضحة، ولكن علينا أن نمضي قدماً بها». وكان موقع أكسيوس الأميركي نقل عن مسؤولين أميركيين أن السعودية التي زارها بلينكن كذلك شددت على أنه لن يكون هناك أي تطبيع مع إسرائيل من دون موافقتها على دولة فلسطينية.
وقال قائد كبير بالبحرية الفرنسية إن القدرات الفرنسية الحالية في منطقة البحر الأحمر كافية، في مؤشر إلى التعقيدات التي تواجهها واشنطن في تشكيل جبهة متماسكة، مضيفاً أن التفويض الفرنسي الحالي في المنطقة لا يشمل شن ضربات مباشرة على الحوثيين.
وشدد المسؤول الفرنسي على أن بلاده لا تنسق مع عملية «حارس الازدهار» التي تقودها واشنطن، لكنها ليست تحت قيادتها، لافتاً إلى أن 80 في المئة من حركة الملاحة ما زالت تمر عبر مضيق باب المندب بفضل الجهود العسكرية الدولية.