إذا حجت البقر على قرونها
مروان سلامة كاتب وباحث اقتصادي جاد في مجتمع الأغلبية فيه من غير الجادين، لا يتجرعون الفكر الملتزم الأصيل، ولا يهمهم غير أحاديث وكتابات الإثارة في متابعات «تويتر»، وسوالف شاي الضحى، وما قاله فلان وعلان عن الحكومة الجديدة، ولماذا تأخر تشكيلها... ويقولون وقالوا عن خلافات بين الكبار.. وفي النهاية ما دام الكل متأكداً أن الشيوخ أبخص... فلماذا صداع الرأس الأبدي في بلد الملل والتكرار وقيادة الجنون للسيارات... ولا شيء غير ذلك؟
مروان سلامة هو ابن الراحل د. أحمد سلامة الذي أسس المستشفى الصدري، وعالج إصابات السل التي كانت منتشرة في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات عند الكثيرين، ونسيته الدولة كما تناست غيره من الذين أعطوا للبلد من غير مقابل، فلا شارع ولا مستشفى ولا غيره باسمه، فالشوارع تتم تسمية أغلبها بأسماء كل من هبّ ودبّ من الذين لا نعرفهم، ولم يكونوا شيئاً في تاريخ الدولة.
كتب مروان في «القبس» بتاريخ 9 الجاري أن «معظم الحكومات تميل للصق مجموعة من رؤوس أقلام خطط حكومات سابقة مع مجموعة من الأهداف العامة مستوحاة من خطة التنمية السارية، ثم تضيفها إلى قِدر يحتوي مصطلحات مطمئنة تطرب المستمعين: مثل إصلاح اقتصادي، وتنويع مصادر الدخل والتخصيص ومعالجة العجز...».
ويمضي مروان في مقاله ذاكراً جوانب القوة والضعف في الدولة عندما تختار بين الخيارات الممكنة، فمن جوانب القوة أن هناك إيرادات عامة نفطية ضخمة، ولدى الدولة احتياطيات مالية كبيرة، وسوق تجاري متطور ونشط... وغيرها.
ومن جوانب الضعف «قطاع عام ضخم ومكلف تنخر به البطالة المقنعة... وعجوزات مزمنة في ميزانية الدولة، وقوى عمل وطنية غير منتجة وتنقصها الخبرات والمهارات، وبيروقراطية حكومية خانقة للقطاعين العام والخاص، وندرة بالأراضي التجارية أو الصناعية».
ويتحدث مروان عن الفرص المتاحة والمخاطر المحتملة، مثل «تفاقم العجوزات المالية، ورؤية عالمية سلبية تجاه مستقبل قطاع إنتاج النفط».
من المهم قراءة مقال مروان بتمهُّل، ولكن، حتى لو تم ذلك، فمن يملك ترجمة الكلمات إلى واقع حي ينقلنا من دولة «تعال باجر» لدولة الحياة والإنجاز والمستقبل والجدارة؟ متى يتحقق ولو القليل من الحلم... متى؟ ربما إذا حجت البقر على قرونها.