ما الذي يجعل دولة مسيحية ترفع قضية إبادة جماعية ضد الكيان المحتل والعرب والمسلمون يرفعون اليدين وهم صامتون؟ هل هناك من يمنعهم؟
لست محللا استراتيجيا لأعطي رأياً في ذلك، لكنني أثير هذه القضية مستغربا ومستنكراً ما وصلنا إليه من انحطاط أخلاقي في هذه الدنيا، والشماتة التي نعيشها، والانحلال الإنساني والديني الذي لا يحرك مشاعرنا تجاه إخوة لنا في الدين والجغرافيا واللغة والمصير، وأين أخوّة الدين، في الآية الكريمة «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» من كل ما يحصل لإخوتنا في غزة؟ وأين قوله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا»؟ وأين التواد والتراحم والتعاطف بين المؤمنين الذي عبر عنه الرسول الأعظم، صلى الله عليه وسلم، كالجسد الواحد.
مع أنني لست محللا استراتيجيا كما ذكرت، لكني أرجح الأسباب في عدم رفع الدعوة ضد هذا المحتل قاتل البشر ومشرد الأطفال ومدمر الحياة في غزة لسببين: أولهما، الخوف من البعبع الأميركي أو تفادي غضبه، والثاني، قد تكون هناك علاقات مع الكيان مخفية للبعض، أو في طريقها لعلاقات قادمة للبعض الآخر.
إنه لشيء مريب لا تعرف من معك ومن ضدك، لا تشعر بِقيمتك الحقيقية في هذه الحياة، ولا تعرف السبب في صمتنا جميعا، هناك أدلة دامغة بأن هذا الكيان خرق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعيه لعام 1948، فما الذي يمنعنا كعرب ومسلمين من رفع قضية الإبادة الجماعية ضده؟
تنص الاتفاقية في المادة الثانية: «تعني الإبادة الجماعية أياً من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:
(أ) قتل أعضاء من الجماعة.
(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
(ج) إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
(د) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
(هـ) نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى».
وهذا كله مُرتكب من قبل هذا الكيان في غزة، إذ نلاحظ كل حيثيات الحكم جلية وواضحة، بدءاً من حصارها الخانق من أجل التجويع، والقتل والتدمير والتهجير بشكل يومي.
للأسف لدينا ما يقارب 43 دولة عربية وإسلامية موقعة على اتفاقية الابادة الجماعية، وهم يرون حالة غير مسبوقة في العصر الحديث، أي حالة فوضى، فترتكب دولة مجازر بشرية ولا تعتبر للقانون الدولي أي أهمية وكأنها فوق القانون، كما يؤسفنا أن هذه الـ(43) دولة لم ترفع حتى الآن قضية أخرى إسوة بجنوب إفريقيا.
* كاتب بحريني