100 يوم على حرب غزة... لا أفق لحل والنزاع يتمدد إقليمياً
مصر تنفي الاتهامات الإسرائيلية بمنع دخول المساعدات للقطاع وتخاطب المحكمة الدولية
واصلت إسرائيل قصف غزة أمس مع اقتراب حربها الدامية في القطاع الفلسطيني الذي تديره حركة حماس من دخول يومها المئة، من دون أن تلوح في الأفق نهاية لهذه الحملة.
وسقط عشرات القتلى حسب «حماس» في القطاع الذي يشهد انقطاعا كاملا جديدا للاتصالات أمس في اليوم التاسع والتسعين من الحرب، فيما بدا أن النزاع قد امتد إلى اليمن بعد أن وجهت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات إلى مواقع للمتمردين الحوثيين الذين يهاجمون سفنا في البحر الأحمر «تضامنا» مع الفلسطينيين.
وقالت وزارة الصحة التابعة لـ «حماس» التي تسيطر منذ 2007 على القطاع الصغير المحاصر والمكتظ بالسكان، إن الغارات الإسرائيلية أودت أمس بحياة أكثر من ستين شخصا معظمهم من النساء والأطفال، وأدت إلى جرح العشرات، مضيفة أن 23843 شخصا قتلوا في القطاع منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر، وأن أغلبية القتلى من النساء والفتية والأطفال، وأنها أحصت 60317 جريحا، في حين ما زال آلاف الأشخاص تحت الأنقاض.
«انقطاع كامل»
ومنذ أمس الأول تفاقمت الكارثة الإنسانية التي تندد بها المنظمات الدولية مع الانقطاع الكامل لخدمات الاتصالات والإنترنت في غزة، الذي نسبته شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) إلى الجانب الإسرائيلي الذي «فصل الخوادم». وقطعت الاتصالات في غزة مرات عدة منذ بدء الحرب، وفي كل مرة يشكو رجال الإنقاذ من تأثيرها على تنسيق خدمات الطوارئ.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان، إن «قطع الاتصالات يزيد من حجم التحديات التي تواجه طواقم الهلال الأحمر في تقديم خدماتها الإسعافية والوصول للجرحى والمصابين بالسرعة اللازمة».
كما أدى نقص الوقود إلى إغلاق المولد الرئيسي في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح في وسط القطاع، بحسب مصدر في وزارة الصحة التابعة لـ «حماس».
قصف عنيف وانقطاع الاتصالات في القطاع و«الشاباك» يحذر نتنياهو من انفجار في الضفة
وتعارض إسرائيل إدخال الوقود مع المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى خطر وصولها إلى «حماس»، التي تعتبرها الدولة العبرية ومعها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة «منظمة إرهابية».
وأفاد مصدر في «الصحة» بأن نفاد الوقود أدى إلى توقف مولد الكهرباء الرئيسي في مستشفى شهداء الأقصى.
وأعرب المكتب الإعلامي الحكومي التابع لـ «حماس» عن خشيته من «حالات وفاة قد يتعرض لها المرضى والأطفال خاصة في أقسام العناية المركزة والحضانة».
في رفح لم تمنع الحرب والمواجهات أفنان ومصطفى من الاقتران في هذه المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة إلى حيث نزح مئات الآلاف من الفلسطينيين هربا من المعارك. وقال أيمن شملخ عم العريس النازح من مدينة غزة لفرانس برس: «تهدم البيت الذي كان يجب أن يتزوجا فيه وطالت الحرب. فرأينا من الأنسب أن يتزوجا».
وأضاف «عندنا شهداء وعندهم شهداء وعندنا دمار وعندهم دمار، لكن يجب ان نعيش ونتعايش». بينما أكد محمد جبريل والد العروس: «نحن شعب يحب الحياة رغم الموت والقتل والدمار»
اتفاق الأدوية
في الوقت نفسه تتواصل المفاوضات بشأن مصير الرهائن الذين تنظم عائلاتهم مسيرات للمطالبة بإعادتهم. وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو امس الاول، التوصل إلى اتفاق بوساطة قطر لإيصال أدوية «في الأيام المقبلة» إليهم. وأفاد دبلوماسي مطلع على المفاوضات بأن «الطرفين» إسرائيل و«حماس» «أبديا عزمهما على السماح بوصول الأدوية»، وأن «الوسطاء يضعون اللمسات الأخيرة» على التفاصيل اللوجستية.
الانفجار الكبير
وتغذي الحرب في غزة العنف على الحدود اللبنانية ــ الاسرائيلية وفي الضفة الغربية وسورية والعراق حيث تضاعفت الهجمات على القواعد الأميركية. في الضفة الغربية المحتلة، قال الجيش الإسرائيلي، إنه قتل أمس الأول ثلاثة أشخاص هاجموا مستوطنة أدورا اليهودية. وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن القتلى هم شاب في التاسعة عشرة واثنين من الفتية.
ونقلت القناة 13 العبرية أن جهاز الأمن العام (الشاباك) حذر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من «تصعيد فوري» في مناطق الضفة الغربية المحتلة.
وبحسب القناة، فإن القلق الأمني الإسرائيلي ينبع من عدم السماح للعمال الفلسطينيين من الضفة بالدخول إلى إسرائيل منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في أكتوبر.
كما يعود القلق الأمني إلى رفض الحكومة الإسرائيلية تحويل أموال الضرائب (المقاصة) إلى السلطة الفلسطينية، واشتراطها أن تقتطع أموال غزة منها، وذلك ما ترفضه السلطة الفلسطينية.
ونقلت القناة عن مسؤولين في الشاباك، قولهم إن «هناك سيناريو ملموسا بأن تقوم أجهزة أمن السلطة بتوجيه أسلحتها نحو الإسرائيليين والمستوطنات».
وأشارت القناة 13، إلى أنه «على الرغم من التحذير الخطير الذي قدمه الشاباك، فإن نتنياهو لم يطرح الموضوع للمناقشة في الكابينيت».
ورجحت أنه «من المحتمل أن يكون قراره نابع من اعتبارات سياسية لا سيما أن وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، يعارضان إدخال عمال من الضفة وتحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية». وقال مسؤول أمني رفيع، إنه «لأسباب سياسية لا يتم القيام بما يكفي لمنع ذلك».
محكمة لاهاي
وأمام محكمة العدل الدولية في لاهاي دافعت إسرائيل عن نفسها، أمس الأول، من تهمة ارتكاب «أعمال إبادة» في قطاع غزة.
من جهتها، نفت مصر «أكاذيب» أطلقها فريق الدفاع الاسرائيلي أمام المحكمة بادعائه أن القاهرة «مسؤولة» عن منع دخول المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة.
وقال رئيس هيئة الاستعلامات المتحدث الرسمي باسم الدولة ضياء رشوان، في بيان ليل الجمعة- السبت «ننفي بصورة قاطعة مزاعم وأكاذيب فريق الدفاع الإسرائيلي بأن مصر هي المسؤولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة من معبر رفح».
وقال عضو فريق الدفاع عن اسرائيل كريستوفر ستاكر في مرافعته أمام المحكمة الجمعة إن «دخول غزة من مصر هو تحت سيطرة مصر، واسرائيل ليست ملزمة بموجب القانون الدولي أن تتيح الوصول الى غزة من أراضيها».
وأوضح رشوان لاحقا في مقابلة مع شبكة إم بي سي مصر أن «السلطات سترسل تعليقا الى محكمة العدل الدولية بخصوص المزاعم الاسرائيلية للتأكيد على أن مصر لم تغلق معبر رفح».
وفي بيانه أكد رشوان أن «سيادة مصر تمتد فقط على الجانب المصري من معبر رفح، بينما يخضع الجانب الآخر منه في غزة لسلطة الاحتلال الفعلية، وهو ما تجلى في آلية دخول المساعدات من الجانب المصري إلى معبر كرم أبوسالم الذي يربط القطاع بالأراضي الإسرائيلية، حيث يتم تفتيشها من جانب الجيش الإسرائيلي، قبل السماح لها بدخول أراضي القطاع».
وأضاف أن مصر أعلنت «عشرات المرات أن معبر رفح من جانبها مفتوح بلا انقطاع، مطالبة الجانب الإسرائيلي بعدم منع تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع والتوقف عن تعمد تعطيل أو تأخير دخول المساعدات بحجة تفتيشها».
وتابع: «إن العديد من كبار مسؤولي العالم وفي مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة زاروا معبر رفح من الجانب المصري، ولم يتمكن واحد منهم من عبوره إلى قطاع غزة، نظرا لمنع الجيش الإسرائيلي لهم، أو خوفهم على حياتهم بسبب القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع».
كمما نفى مصدر مصري مسؤول، امس، ما تناولته بعض وسائل الإعلام عن وجود تنسيق مصري- إسرائيلي، بشأن تدابير أمنية جديدة على محور فيلادلفيا، وفقاً لقناة «القاهرة» الإخبارية المصرية.
ويمتد محور صلاح الدين «فيلادلفيا»، من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً، بطول الحدود المصرية مع قطاع غزة، التي تبلغ نحو 14 كيلومتراً.