أصدرت الأسواق الناشئة كميات قياسية من السندات منذ بداية 2024 سعياً منها للاستفادة من تزايد الإقبال على الإصدارات الجديدة من السندات، إضافة إلى تأمين معدلات منخفضة وسط تراجع عائدات السندات بوتيرة حادة منذ الربع الرابع من 2023.

وحسب تقرير صادر عن شركة «كامكو إنفست»، تم بالفعل تسعير الجزء الأكبر من التخفيضات المتوقعة لأسعار الفائدة من مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي والبنوك المركزية العالمية الأخرى في عائدات السندات الحالية، مما قد يؤدي إلى استمرار انخفاض العائدات على المدى القريب.

Ad

كما يتوقع الاقتصاديون تزايد المخاطر هذا العام خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والمشاكل الاقتصادية في الصين، إضافة إلى الانتخابات الكبرى هذا العام.

كما ساهمت حالة عدم اليقين تجاه خفض أسعار الفائدة في الحفاظ على جاذبية العائدات لكل من الجهات المصدرة والمشترين، الذين تقدموا بطلبات قياسية للسندات الصادرة عن بعض الجهات السيادية.

وانخفضت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى نسبة 3.8 في المئة خلال الأسبوع الأخير من ديسمبر 2023، وأنهت تداولات الأسبوع الماضي عند مستوى 4.0 في المئة.

وبلغ إجمالي قيمة السندات التي تم إصدارها منذ بداية العام الحالي نحو 37.0 مليار دولار، واحتلت السعودية مركز الصدارة مستحوذة على النصيب الأكبر من إجمالي الإصدارات بقيمة 12.0 مليار دولار في ظل وصول قيمة طلبات الشراء إلى 30 ملياراً، حيث تسعى المملكة إلى سد فجوة العجز المالي المتوقع بنحو 25 ملياراً في 2024.

تبعتها المكسيك التي نجحت في جمع 7.5 مليارات، ووصول قيمة طلبات الشراء إلى 20 ملياراً في 2024.

من جهة أخرى، حصلت سندات إسبانيا لأجل 10 سنوات البالغة قيمتها 15 مليار يورو على عدد قياسي من الطلبات بقيمة 137 مليار يورو (150 مليار دولار).

ويساعد تزايد الطلب الجهات المصدرة على تقليص الفارق لهذه السندات الجديدة.

وتشير تقديرات وكالة «بلومبرغ» إلى إمكانية قيام الجهات السيادية بإصدار نحو 2.1 تريليون دولار من السندات الجديدة خلال 2024 لتمويل خطط إنفاقها الخاصة بـ 2024، مما يؤدي إلى زيادة بنسبة 7 في المئة عن العام الماضي.

وبلغ إجمالي قيمة إصدارات السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 95.9 مليار دولار في 2023 مقابل 80.6 ملياراً دولار في 2022.

ويعزى هذا النمو بصفة رئيسية إلى ارتفاع إصدارات الشركات في المنطقة، مما ساهم في تعويض انخفاض إصدارات السندات السيادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وعلى مستوى كل دولة على حدة، كان النمو مدفوعاً بارتفاع إصدارات الشركات والجهات السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي في 2023، مما ساهم في تعويض تراجع إصدارات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خارج مجلس التعاون الخليجي خلال العام.

وكانت الإمارات أكبر الجهات المصدرة للسندات على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال 2023، تليها السعودية ثم المغرب.

إصدارات السندات في المنطقة

بعد تراجعها بأكثر من نسبة 50 في المئة على أساس سنوي في 2022، انتعشت إصدارات السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 2023 وبلغت قيمتها 95.9 مليار دولار، مسجلة نمواً بنسبة 19.0 في المئة على أساس سنوي أو ما يعادل 15.3 ملياراً، إلا أن إجمالي قيمة الإصدارات ظل أقل بكثير من متوسط السنوات الـ5 الماضية. ويعزى نمو قيمة الإصدارات في 2023 بصفة رئيسية إلى تزايد إصدارات الشركات في المنطقة، وهو الأمر الذي عوض انخفاض إصدارات السندات من الجهات السيادية.

وبلغ إجمالي قيمة إصدارات سندات الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 40.0 مليار دولار في 2023 مقابل 23.1 ملياراً في 2022.

من جهة أخرى، تراجعت الإصدارات الحكومية هامشياً من 56.5 مليار دولار في العام 2022 إلى 55.5 ملياراً في 2023.

وبالنسبة لأداء القطاعات المختلفة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كان هناك نمو واسع النطاق خلال العام، إذ اقتصر التراجع على قطاعي المرافق العامة والتأمين ضد الحوادث فقط خلال العام، بينما شهدت بقية القطاعات نمواً.

واحتفظت البنوك بصدارتها كأكبر الجهات المصدرة للسندات على مستوى المنطقة، إذ بلغ إجمالي قيمة السندات التي أصدرتها 25.2 مليار دولار في 2023 مقابل 15.7 ملياراً في 2022.

وجاءت شركات الخدمات المالية وشركات خطوط الأنابيب في المرتبة التالية بإصدارات بلغت قيمتها 8.1 مليارات دولار (7.4 مليارات دولار في 2022) و3.0 مليارات (2.5 مليار دولار في 2022)، على التوالي.

وضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كانت دول مجلس التعاون الخليجي المحرك الرئيسي لتزايد إصدارات السندات خلال العام، إذ بلغ إجمالي قيمة إصدارات السندات لدول مجلس التعاون الخليجي 58.2 مليار دولار في العام 2023 مقابل 40.4 مليار دولار في 2022، بنمو بلغت نسبته 44.2 في المئة، أو ما يعادل نحو 17.8 مليار دولار.

من جهة أخرى، انخفضت قيمة إصدارات السندات من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي (مصر والمغرب والأردن وتونس ولبنان) خلال عام 2023 لتصل إلى 37.7 مليار دولار مقابل 40.2 ملياراً في 2022.

وكان التراجع الأكبر في قيمة الإصدارات من نصيب مصر، إذ وصلت قيمة إصداراتها من السندات إلى 9.6 مليارات في 2023 مقابل 24.0 ملياراً في 2022، بانخفاض قدره 14.4 ملياراً.