«الكيمتريل في سماء الكويت»... خرافة وتلاعب بعقول البشر
خبراء لـ «الجريدة•»: ما يخرج من الطائرات بلورات ثلجية تذوب قبل أن تصل إلى الأرض
• الهاشم: خيوط «الدخان الأبيض» ليس لها انبعاثات غازية بل عبارة عن تكثيف لبخار الماء
• عادل السعدون: «الكيمتريل» هو خزانات ماء تتم تجربتها لبيان سعة الطائرة وطاقة حمولتها
• الحربي: أعراض «كورونا» مختلفة عن التسمم بالغاز... و«الكيمتريل» لا ينشر الإيدز أو الأوبئة
في أعقاب لغط وجدل أثارهما النائب شعيب المويزري في الشارع الكويتي بحديثه عن رش طائرات منذ عام 2020 لغاز «الكيمتريل» السام والملوث للبيئة والخطر على الصحة العامة في سماء الكويت، كشف خبراء في العلوم العسكرية والفلك والأوبئة والمناخ أن ما يخرج من الطائرات هو بخار ماء نتيجة احتراق الوقود والبرودة الشديدة على ارتفاع 10 كم، والتي تصل إلى 20 أو 40 تحت الصفر، موضحين أن ذلك البخار يتكثف ويتحول إلى بلورات ثلجية «كريستالات» تبقى فترة حتى تذوب قبل أن تصل إلى الأرض.
وأضاف الخبراء، في تصريحات متفرقة لـ «الجريدة»، أن هذه الشكوك والأقاويل عن نظريات المؤامرة ما هي إلا خرافة تستهدف التلاعب بعقول الناس، داعين إلى عدم الالتفات إليها، فـ «الكيمتريل» لا ينشر الإيدز أو الأوبئة.
وكشف الباحث المختص بمجال الطيران والعلوم العسكرية علي الهاشم أن الطائرات عندما تبدأ التحليق فوق ارتفاع 26 ألف قدم (ما يوازي 8 كلم) فوق سطح الأرض تنبعث منها خيوط بيضاء في السماء، نتيجة لتحول بخار الماء والجسيمات الناعمة من حرق الوقود إلى بلورات ثلجية.
وبينما نفى رئيس جمعية الفلك عادل السعدون، نظرية المؤامرة بشأن «الكيمتريل»، مؤكداً أن صور خزانات الطائرات المنشورة هي خزانات ماء تتم تجربتها على أي طائرة جديدة لمعرفة الحد الأقصى لحمولتها، شددت أستاذة علم الأوبئة والحشرات د. جنان الحربي، على أن ما يشاع ليس نظرية علمية موثوقة، بل مجرد شكوك للتلاعب بعقول الناس.
ودعت الحربي إلى عدم الالتفات إلى ما يثار، مشيرة إلى أن أعراض «كورونا» تختلف عن أعراض التسمم بالغازات، كما أن «الكيمتريل» لا ينشر الإيدز أو الأوبئة.
وفي تفاصيل الخبر:
في البداية، قال الباحث المختص بمجال الطيران والعلوم العسكرية علي الهاشم، إنه منذ أن بدأت الطائرات تحلق فوق ارتفاع 26 ألف قدم (ما يوازي 8 كلم) فوق سطح الأرض، بدأت خيوط بيضاء في السماء تنبعث منها، نتيجة لتحول بخار الماء والجسيمات الناعمة من حرق وقود الطائرات إلى بلورات ثلجية.
وأضاف الهاشم، أن هذه الجزيئات تستمر بالتكوّن في حالة الرطوبة المرتفعة، وبدرجة حرارة تساوي ناقص 34 درجة مئوية (-34° C)، وينتهي بها الأمر بتكوين مسارات بخار مرئية في مناطق واسعة من السماء.
وتابع: يكون بخار الماء المسؤول عن تكوّن تلك الخطوط التي تسمى «كونتريل» أي «المخر» باللغة العربية أو خيوط التكثف، والتي تظهر في السماء الصافية، والتي اتهمت بأنها محلول كيميائي مصنع ينفث عمداً مما يتسبب بالأمراض والأوبئة والتحكم بأدمغة البشر خطأ والذي يطلق عليه «كيمتريل».
البلورات الكريستالية
أما رئيس جمعية الفلك عادل السعدون، فأشار تعليقاً على الظاهرة، إلى أنه تحدّث عنها عشرات المرات بعيداً عن نظرية المؤامرة، وقال إن ما يخرج من الطائرة هو بخار ماء نتيجة احتراق الوقود ونتيجة البرودة الشديدة على ارتفاع 10 كم، حيث تصل درجة الحرارة إلى 20 أو 40 درجة تحت الصفر، بالتالي فإن بخار الماء يتكثف ويتحول إلى بلورات ثلجية (كريستالات) تبقى فترة حتى تنزل وتذوب قبل أن تصل إلى الأرض.
وأوضح السعدون أن ما ينشرونه عن صور خزانات «كيمتريل» بالطائرات هو خزانات ماء لكي تتم تجربتها على أي طائرة جديدة ومعرفة مدى قدرتها بالحمولة من ركاب وصناديق شحن وما الحد الأقصى لوزن الحمولة للطائرة. ووفقاً لخبراء الأرصاد الجوية، فإن الرطوبة العالية في الجو تعني أن مسارات البخار يمكن أن تستمر فترات طويلة وتتحول إلى طبقات رقيقة من السحب الرقيقة على ارتفاعات عالية من الارض تتشتت قبل وصولها للأرض.
شكوك وأقاويل
بدورها، ردت أستاذة علم الأوبئة والحشرات الدكتورة جنان الحربي على الإشاعات المنتشرة وما يثار عن غاز «الكيمتريل»، مشددة على أنها ليست نظرية علمية موثوقة، بل مجرد شكوك وأقاويل تتناقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتلاعب بعقول الناس.
ودعت الحربي إلى عدم الإلتفات إليها، مشيرة إلى أن أعراض كورونا تختلف عن أعراض التسمم بالغازات و«الكيمتريل» لا ينشر الإيدز والأوبئة. وأضافت: هناك من يدعون أن غاز «الكيمتريل» سام وينتشر حول العالم ولديه أعراض خطيرة تصيب الإنسان والكائنات الحية بعدما رأوا الطائرات تخرج خيوطاً بيضاء، لكنها غير ذلك وهي بالفعل بخار ماء.
لا أساس علمياً
من ناحيتها، أكدت جمعية طياري الخطوط الجوية البريطانية (BALPA) لمحطة (BBC) في مقابلة أجريت معها بتاريخ 22 يوليو 2022 أنها على علم بنظريات الكيمتريل هذه «بدون أساس دليلي».
وأضافت: «أن تشتيت انتباه هذه النظريات الكاذبة ينتقص من الأمور المهمة حقاً ومن المجالات التي نعتقد أنه ينبغي دراستها بشكل أكبر».
نظرية المؤامرة
وبالعودة إلى تاريخ تداول نظرية مؤامرة كيمتريل، فإنه بدأ في بداية التسعينيات والحقيقة أن خيوط المخر أو الكونتريل كانت منذ الحرب العالمية الثانية موجودة على الطائرات القديمة ذات المحركات المكبسية (البستن) حيث بلغت القاذفات ارتفاعات عالية (فوق 26 ألف قدم) وكانت المسؤولة عن كشف وتتبع القاذفات من قبل قوات الدفاع الجوي، بالتالي ليس هناك أي دليل علمي دامغ من أن هذه الخيوط هي تقنية العبث بالمناخ وبجو الأرض.
وللأسف اعتنق الكثيرون ومنهم أصحاب درجات علمية أكاديمية عالية هذه النظرية ولم يكلفوا أنفسهم التفكير والبحث بالمصادر الحقيقية.
تقنية الاستمطار
أما تقنية الاستمطار، فهي ما يعرف بتحفيز المطر اصطناعياً أو تشتيت ومنع هطوله من الغيوم وتبديدها حسب الحاجة إلى ذلك، وكل ما سبق يتم بارتفاع منخفض ولا يلامس حاجز 26 ألف قدم.
ونستنتج من كل ذلك، أن خيوط الدخان الأبيض التي نشاهدها حالياً ما هي إلا انبعاثات عادية ذات ضرر ضئيل وربما معدوم كلياً على البيئة والبشر وما هي سوى تكثف لبخار الماء.
والمسارات البيضاء (النفاثات) تتشكل خلف الطائرات عندما يتكثف بخار الماء الحار الجسيمات الصغيرة الناتجة من حرق وقود الطائرات إلى بلورات ثلجية صغيرة بسبب مواجهتها لدرجات الحرارة المنخفضة في الجو.
قوى غامضة
أما فكرة أن الحكومات أو القوى الغامضة تقوم بشكل روتيني برش الكوكب بالمواد الكيميائية السامة قد ترسخت في التسعينيات، إذ في البداية، ادعى المؤيدون لنظرية الكيمتريل أن هناك من يرش العالم عن طريق الطائرات بمعادن سامة مثل الباريوم وثبت أنه بعيد عن الصحة.
لكن الفكرة تطورت على طول الطريق، مما يعني أن هناك اليوم عدة فروع لنظرية «الكيمتريل» وخصوصاً من الناس الذين يعتقدون أن «كورونا» مفتعلة وهي مؤامرة للحد من تعداد سكان الأرض.
تاريخ ولادة نظريات المؤامرة عن المواد الكيميائية الخطرة |
محلول الكيمتريل هو عبارة عن مركبات كيميائية يتم نشرها جواً بواسطة الطائرات على ارتفاعات معينة ومحددة وأغلبها على ارتفاع منخفض. لكن في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، أي قبل عقود من ولادة نظريات المؤامرة، تم رش جزء كبير من بريطانيا بالمواد الكيميائية المحمولة جواً في سلسلة من اختبارات الحرب الجرثومية السرية. وفي عام 1950، تم رش سان فرانسيسكو بعامل كيميائي من سفينة لقياس آثار هجوم بالأسلحة البيولوجية على منطقة مأهولة بالسكان، حيث استبدل العمال الكيميائي بالعامل الجرثومي، وذلك لخطورة انتشار وعدم السيطرة على الجرثومي. ويشير منظرو مؤامرة Chemtrails إلى مثل هذه التجارب السرية لدعم قضيتهم، لكن ادعاءاتهم تضرب السجل التاريخي بشكل غير متناسب، حيث يزعمون أننا نتعرض باستمرار - بشكل واضح للغاية - للرش عمداً بأطنان من المواد الكيميائية الخطرة، لمجموعة متنوعة من الأسباب المتغيرة باستمرار. ولا يوجد دليل على صحة الادعاء الوارد والمتداول في «السوشيال ميديا»، كما أنه لا يفسر درجات الحرارة القياسية في جميع أنحاء أوروبا في نفس الوقت. |