المنطقة أمام أسابيع خطيرة بعد «مئوية غزة»
الأمور تخرج عن سيطرة واشنطن وطهران رغم تبادلهما رسائل التهدئة بعد ضربات الحوثيين
• لبنان يبلَّغ بتصميم إسرائيل على شن حملة ضد «حزب الله»... ونصرالله جاهز لحرب دون أسقف
• «الخارجية» الأميركية لـ الجريدة.: لن نتوانى عن اتخاذ الإجراءات المناسبة للدفاع عن مصالحنا
أنهت الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، أمس، يومها الـ 100، دون أن تتمكن تل أبيب التي قتلت نحو 24 ألف فلسطيني، في حمام دم لا يبدو أنه سيتوقف قريباً، من تحقيق أيٍّ من أهدافها المعلنة في تدمير حركة حماس، أو تصفية قيادتها، وتغيير الواقع السياسي في القطاع، في وقت لم يعد تمدد النزاع في الإقليم مجرد احتمال، بعد أن شنت واشنطن ولندن في نهاية الأسبوع الماضي ضربات ضد جماعة أنصارالله الحوثية اليمنية، في محاولة لدفعها إلى وقف هجماتها على السفن في البحر الأحمر، في وقت تزايدت المؤشرات على أن إسرائيل قررت شن حملة واسعة ضد «حزب الله» اللبناني.
وغداة تصريح للرئيس الأميركي جو بايدن قال فيه إن واشنطن بعثت برسالة خاصة إلى الإيرانيين بعد ضرب الحوثيين، مؤكداً أن بلاده «مستعدة جداً»، وهو ما اعتبره مراقبون تحذيراً لطهران، كشف مصدر في وزارة الخارجية الإيرانية، لـ «الجريدة»، أن طهران تلقت بالفعل رسالة أميركية عبر دولة خليجية تؤكد فيها إدارة بايدن أن الرد على الحوثيين كان إجراءً دفاعياً ضرورياً بعد إقدامهم على مهاجمة بارجة أميركية في البحر الأحمر، وأن الإدارة ليست معنية بالتصعيد، ولا تريد أن تتطور الأمور إلى أكثر من ذلك، أو تصل إلى حد التصادم مع إيران وحلفائها في المنطقة.
وبحسب المصدر، فإن الإيرانيين أجابوا على الرسالة بأنهم كذلك لا يسعون إلى حرب شاملة، وأن السبيل الأقصر والأسهل لخفض التصعيد في المنطقة، هو إجبار إسرائيل على وقف الحرب على قطاع غزة والبدء بإعطاء الفلسطينيين حقوقهم، مشددين على أن طهران لا يمكنها إعطاء أي ضمانات بشأن الحوثيين.
وتظهر هذه التطورات بأن التفاهمات الأميركية ـ الإيرانية التي نجحت إلى حد ما في منع توسع حرب غزة إلى لبنان بدأت تفقد فعاليتها، وأن التناقضات باتت أكبر وأعقد من القدرة على احتوائها، وأن الأمور مرشحة للخروج عن السيطرة.
وفي أول مؤشر على أن الضربات الأميركية ـ البريطانية في اليمن لن تكون كافية لردع الحوثيين، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية أمس إنها تلقت تقريراً عن واقعة تتضمن زورقين صغيرين على بعد 23 ميلاً بحرياً (43 كيلومتراً) شمال غربي مدينة عصب الساحلية الإريترية على البحر الأحمر. جاء ذلك في وقت أجرى الحوثيون أمس الأول مناورة عسكرية في محافظة صعدة بالقرب من الحدود السعودية، في حين توعد قادتهم برد وشيك على ضربة أميركية فجر السبت الماضي قالت واشنطن إنها مجرد متابعة لموجة الضربات الواسعة ليل الخميس ـ الجمعة.
وحذر وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون من أن بلاده مستعدة لتنفيذ مزيد من الضربات على أهداف للحوثيين في حال استمرار تعرض السفن التجارية والعسكرية للهجوم، وهو ما كان لوّح به الرئيس بايدن أمس الأول.
وقال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية ساميويل وربيرغ، لـ «الجريدة»، إن الولايات المتحدة لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب للدفاع عن مصالحها، مؤكداً أن بلاده ستتخذ مع حلفائها وشركائها التدابير المتاحة لعرقلة «الأنشطة المزعزعة للاستقرار والتي تهدد حقوق وحريات الملاحة والتجارة البحرية الدولية»، التي تقوم بها الجماعة الحوثية في اليمن.
وحول إمكانية توسيع القوات الأميركية لنطاق القصف في اليمن، قال وربيرغ إن بايدن «كان واضحاً جداً عندما قال إن الولايات المتحدة لن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة لديها للرد على التهديدات التي يفرضها الحوثي على العالم، والتهديدات التي يوجهها للكثير من الدول في المنطقة».
وفي تصريحات منفصلة، نقلت قناة «العربية» السعودية عن الخارجية الأميركية أن الضربات على اليمن لن تكون الأخيرة.
ومن جانبه، شدد الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله، في كلمة أمس، على أن ضربات لندن وواشنطن تدمر أمن الملاحة العالمي، لأن هجمات الجماعة اليمنية تستهدف فقط الملاحة المرتبطة بإسرائيل، معتبراً أنه «إذا كان بايدن ومن معه يظنون أن اليمنيين سيتوقفون عن مواجهة الإسرائيليين في البحر الأحمر فهم مخطئون وجاهلون».
ووجه نصرالله سهام انتقاداته لمملكة البحرين، وقال إن «حزب الله» لا يخشى الحرب، ولن يتردد في خوضها من دون أسقف، كاشفاً عن رسائل تهديد أميركية وصلت إلى لبنان، تفيد بأن إسرائيل تستعد لتنفيذ عملية عسكرية بعد الانتهاء من حرب غزة، لكنه قلل من ذلك.
وذكرت مصادر دبلوماسية في بيروت لـ «الجريدة» أن الأسابيع المقبلة ستكون خطيرة على لبنان، في حين أشارت المعلومات إلى تلقي بيروت رسائل جديدة عبر قنوات دبلوماسية ودولية تقول بوضوح إن قدرة القوى الدولية على استمرار الضغط على إسرائيل لمنعها من تنفيذ عمل عسكري واسع في لبنان أصبحت تتراجع وتتقلص، وأن أقصى ما يمكن تحقيقه في هذا الصدد هو تأخير الحرب أو العملية العسكرية وسط إصرار إسرائيلي على ضرورة تحقيق إنجاز بالمعنى العسكري لا السياسي أو الدبلوماسي، طالما أن «حزب الله» لا يلتزم بالمفاوضات، ويربط وقف عملياته بانتهاء الحرب على غزة.
وفي تطورين لافتين، شهدت الحدود اللبنانية الجنوبية عملية تسلل قامت بها مجموعة فلسطينية تطلق على نفسها اسم «كتائب العز الإسلامية»، مرتبطة بـ «حماس» إلى مزارع شبعا ونصبت كميناً لقوة إسرائيلية واشتبكت معها، مما أدى إلى إصابة 5 جنود إسرائيليين مقابل مقتل 3 عناصر من المجموعة، كما قُتلت امرأة إسرائيلية بصاروخ مضاد للدبابات أطلق من لبنان، ما دفع السلطات الإسرائيلية إلى الطلب من سكان البلدات المتاخمة للحدود ضرورة إجلائها.