في تطور من شأنه توسيع التوتر بالمنطقة، أفاد مصدر مطلع، «الجريدة»، بأن إسرائيل قصفت مواقع لجماعة الحوثيين في الأيام القليلة الماضية، بعدما شنت الولايات المتحدة وبريطانيا فجر الجمعة الماضي سلسلة ضربات على الجماعة اليمنية، في محاولة لردعها عن مواصلة الهجمات على السفن في البحر الأحمر.
ومع فشل تل أبيب في تحقيق أهدافها المعلنة من الحرب الوحشية التي تشنها على قطاع غزة منذ أكثر من 100 يوم، فضلاً عن عجزها عن التعامل مع تداعيات الحرب خصوصاً على الجبهة الشمالية مع لبنان حيث تتواصل الاشتباكات مع «حزب الله»، قد يكون التدخل الإسرائيلي في اليمن محاولةً للضغط على إيران في ساحة بعيدة عن الحدود الإسرائيلية.
وكشف المصدر أن إسرائيل نفذت قصفاً بصواريخ من غواصة وبمسيّرات كبيرة بعيدة المدى على أهداف حوثية في عدة مناطق باليمن، خصوصاً منطقة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، مضيفاً أن الضربات، بحسب المعلومات، دمرت مراكز تحكم وراداراً لتعقب السفن ومهاجمتها، إضافة إلى منصات صواريخ كروز ومسيّرات إيرانية الصنع.
وزعم المصدر أن إسرائيل تقوم منذ اندلاع الأزمة في البحر الأحمر بنشاط استخباري في مناطق الحوثيين، وحددت أهدافاً تقوم بضربها «عندما تستدعي الحاجة»، موضحاً أن تل أبيب نسقت الضربات التي تمت من البحر مع الولايات المتحدة ومركز القيادة الوسطى في الجيش الأميركي «سنتكوم»، ومع البريطانيين.
جاء ذلك، في وقت نقلت قناة سكاي نيوز عربية عن مصادر يمنية أن 6 من الحوثيين واثنين من خبراء «حزب الله» اللبناني قُتلوا في قصف مجهول استهدف مساء أمس الأول موقعاً عسكرياً حوثياً في جبل جدع بمنطقة اللحية شمالي مدينة الحديدة. واتهم الحوثيون واشنطن ولندن بشن الهجوم، إلا أن مسؤولاً عسكرياً أميركياً نفى لوكالة فرانس برس وقوف بلاده وراء الضربة، قبل أن تتعرض المنطقة نفسها أمس لقصف مجهول.
وقصف يوم أمس هو الثالث من نوعه بعد هجوم مماثل السبت نفت أيضاً واشنطن المسؤولية عنه. وكانت وسائل إعلام عربية نقلت عن مصادر يمنية أن خبراء من الحرس الثوري الإيراني ومن «حزب الله» اللبناني، إضافة إلى الحوثيين، نقلوا صواريخ بالستية وأخرى بحرية من صنعاء إلى الحديدة، في إشارة إلى الاستعداد لضربات جديدة.
ولا يزال التوتر والحذر سائدين في البحر الأحمر رغم مساعي عدم الانزلاق إلى تصعيد واسع. وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، في مذكرة أمس، إنها تلقت بلاغاً بإصابة سفينة كانت على بعد 95 ميلاً بحرياً جنوب شرقي عدن بصاروخ، في وقت نقل موقع «إرم نيوز»، عن مصدر عسكري يمني، أن الحوثيين أطلقوا صاروخاً من مديرية مكيراس في محافظة البيضاء باتجاه مياه خليج عدن.
وأعلنت القيادة الوسطى في الجيش الأميركي مساء أمس الأول أن الحوثيين استهدفوا المدمّرة الأميركية «لابون» بصاروخ كروز مضاد للسفن في جنوب البحر الأحمر، تمكنت مقاتلة أميركية من إسقاطه على الساحل. ويشير الهجوم إلى أن الحوثيين نفذوا تهديداتهم باستهداف «القوات المعادية» في البر والبحر، وهو ما ورد في بيان الجماعة عقب القصف الأميركي ــ البريطاني فجر الجمعة الماضي، والذي تبعه قصف أميركي منفرد السبت.
وكان كبير مفاوضي الحوثيين محمد عبدالسلام قال لـ «رويترز» أمس الأول، إن موقف الجماعة لم يتغير بعد الضربات، وستستمر الهجمات على السفن المتجهة إلى إسرائيل، مستدركاً: «نحن لا نريد التصعيد... ولكن للأسف من يقوم بعسكرة البحر الأحمر وملئه بالبوارج والفرقاطات والقطع العسكرية هو الأميركي والبريطاني».
وشدد عبدالسلام على أن «السفن الملاحية في البحرين الأحمر والعربي آمنة لكل السفن في العالم باستثناء السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل فقط وفقط».
في المقابل، هدد القيادي الحوثي علي القحوم بتحويل اليمن إلى «مقبرة» للولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الأميركيين «سيغادرون المنطقة وهم صاغرون»، وهو مطلب لطالما رفعته إيران.
وأدى التصعيد في المنطقة إلى عرقلة ما لا يقل عن أربع ناقلات للغاز الطبيعي المسال مطلع الأسبوع، بعد أن شنت القوات الأميركية والبريطانية عشرات الضربات من الجو والبحر على جماعة الحوثي في اليمن، رداً على هجمات الجماعة على سفن في البحر الأحمر.
ونقلت «رويترز»، عن مصدر مطلع، أن شركة قطر للطاقة، إحدى أكبر مُصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، توقفت عن إرسال ناقلات عبر البحر الأحمر رغم استمرار الإنتاج.
ولفتت «رويترز»، في خبر منفصل نقلاً عن بيانات، أن ست ناقلات نفط أخرى على الأقل حولت مسارها بعيداً عن جنوب البحر الأحمر، أو توقفت قبل دخوله منذ مطلع الأسبوع. ويصل بذلك إجمالي عدد حالات اضطرابات الشحن التي أحصتها الوكالة إلى 15 حالة على الأقل منذ الضربات التي قادتها الولايات المتحدة على مواقع للحوثيين في اليمن الأسبوع الماضي.
وغداة إبداء وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون استعداد بلاده لشن مزيد من الضربات على أهداف للحوثيين في اليمن، في حال استمرار تعرّض السفن التجارية والعسكرية للهجوم في البحر الأحمر، بدا أن وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس أقل حماساً، إذ أشار أمس إلى أن بلاده «ستنتظر وترى» قبل أن تقرر شن ضربات عسكرية جديدة ضد الحوثيين.
بدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إن المملكة المتحدة تريد «خفض التوترات» في البحر الأحمر، موضحاً أنها انضمت للغارات الجوية بقيادة الولايات المتحدة على مواقع الحوثيين في اليمن كـ «ملاذ أخير».
من ناحيته، ذكر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، أمس، أنه لا يحق للولايات المتحدة الدعوة إلى ضبط النفس في وقت تدعم الحرب الإسرائيلية في غزة، داعياَ إلى حل دبلوماسي للقتال الدائر في القطاع.
وناشد عبد اللهيان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الهندي في طهران بثه التلفزيون، المسؤولين الأميركيين «عدم ربط المصالح الأمنية والوطنية الأميركية بمصير رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي سيسقط».
في سياق آخر، ذكرت قناة «سي بي إس» الأميركية أن دفعة من 1500 جندي من الحرس الوطني في نيوجرسي تستعد للانتشار في سورية والعراق في إطار عملية «العزم الصلب»، الحملة العسكرية التي أطقلت قبل نحو 10 سنوات لهزيمة تنظيم داعش. ولم تظهر المعلومات ما إذا كان الحديث يدور عن تعزيزات عسكرية أميركية في هذين البلدين أم مجرد تنقلات روتينية للقوات.