ماذا يعني قرار إدراج صناديق «بتكوين» للمستثمرين والنظام المالي؟
أثار قرار السلطات التنظيمية الأميركية بإطلاق صناديق استثمار متداولة في البورصة للسعر الفوري لـ«بتكوين» ردود أفعال متباينة في أوساط المستثمرين والأسواق المالية، بعد رفض استمر نحو عقد من الزمن.
وفي حين أبدى بعض المحللين تفاؤلهم حيال مستقبل العملات المشفرة بعد القرار، اعتبر آخرون أنه يمثّل خطأ تاريخياً يهدد النظام المالي ومصالح المستثمرين الأفراد.
موافقة تنظيمية تاريخية
• أقرت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية تعديلات تسمح بإدراج وتداول صناديق متداولة في البورصة تتبع السعر الفوري لـ «بتكوين» (ETFs)، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق.
• جاءت موافقة اللجنة التنظيمية الأميركية بعد أن اعتادت منذ عام 2013 رفض إصدار صناديق مرتبطة بالسعر الفوري للعملة المشفرة بدعوى حماية المستثمرين.
• رفضت اللجنة أكثر من 20 طلباً لإصدار صناديق متداولة للسعر الفوري لـ«بتكوين» في الفترة بين عامي 2018 ومارس 2023، رغم موافقتها على إصدار صناديق للعقود الآجلة.
• لكن في أغسطس الماضي، وجدت محكمة أن لجنة البورصات الأميركية كانت مخطئة في رفض طلب إصدار صندوق متداول لـ«بتكوين» من جانب شركة غراي سكيل.
• بدأ 11 صندوقاً للسعر الفوري لـ«بتكوين» التداولات يوم الخميس الماضي، لتبدأ موجة تنافس مبكرة على الحصص السوقية بين شركات تشمل «غراي سكيل» و«بلاك روك» و«فيديلتي» وغيرها.
• شهدت بورصات ناسداك ونيويورك و«سي بي أو إي CBOE» إدراج صناديق «بتكوين» الجديدة، حيث تشمل أصولها عملات «بتكوين» التي تم شراؤها من بورصات العملات المشفرة والمحتفظ بها من قبل أمناء حفظ مثل «كوين باس غلوبال».
• تتبع الصناديق المتداولة أداء «بتكوين» بينما يتتبع البعض مؤشراً متقدماً من «سي إف بنشماركس»، الذي يجمع بيانات التداول من أسواق متعددة تديرها بورصات كبرى للعملات المشفرة.
• لمعالجة مخاوف التلاعب، دشنت بورصتا ناسداك وشيكاغو آلية لمراقبة السوق بالتعاون مع «كوين باس».
تقلبات وخسائر وتداولات نشيطة
• شهد أول يومين لتداول الصناديق المتداولة لـ«بتكوين» تقلبات قوية، بالتزامن مع أحجام تداول مرتفعة.
• تجاوزت قيمة تداولات صناديق السعر الفوري لـ«بتكوين» مليارات دولار في أول يومين من التداول، منها 4.6 مليارات في اليوم الأول فحسب.
• اعتبر كبير محللي «بلومبرغ إنتليجنس» إريك بالتشوناس أن اليوم الأول من تداول صناديق «بتكوين» كان بمنزلة نجاح ساحق وتاريخي بمقاييس حجم التداولات وعدد الصفقات والتدفقات وحتى التغطية الإعلامية، رغم محدودية المنصات المتاحة لتداول الصناديق المتداولة الجديدة.
• ذكر الخبير الاستراتيجي في «فيتا إف إي»، تود روزنبلوث، أن أحجام التداول قوية نسبياً بالنسبة لمنتجات صناديق الاستثمار المتداولة الجديدة، لكنه شدد على أن الأمر بمنزلة سباق أطول من مجرد يوم تداول واحد.
• لكن أسعار الصناديق المتداولة لـ«بتكوين» شهدت أداءً متقلباً في اليوم الأول من التداول، مع الأداء المتذبذب للعملة المشفرة.
• ارتفعت عملة بتكوين لمستوى 49 ألف دولار يوم الخميس، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر 2021، لكنها انخفضت لاحقاً لمستويات قرب 43 ألف دولار.
• سجلت عملة بتكوين مكاسب تقارب 160 في المئة في العام الماضي، بعد خسائر قوية في 2022.
• في اليوم الثاني لتداول الصناديق الجديدة، تعرضت صناديق الـ ETFs لـ «بتكوين» لخسائر قوية، حيث انخفض صندوق «غراي سكيل» بنحو 5 بالمئة، وتراوحت خسائر بقية الصناديق العشرة بين 5 و6.5 في المئة.
• على جانب مواز، ارتفعت الأسهم المرتبطة بالعملات المشفرة في بداية تداولات يوم الخميس، لكنها أنهت اليوم على انخفاض ملحوظ.
• انخفض سهم «كوين باس غلوبال» بنحو 7 بالمئة بنهاية تداولات الجمعة، كما تراجعت أسهم «ماراثون دجيتال» و«روبن هود ماركتس» و«مايكروستراتيجي» بنحو 15 و6 و9.4 بالمئة على الترتيب.
توقعات متفائلة للسوق
• يتوقع مديرو أصول أن صناديق الاستثمار المتداولة لـ «بتكوين» ستجذب مستثمرين إلى سوق العملات المشفرة.
• يعد الصندوق المتداول في البورصة طريقة سهلة للاستثمار في أصل ما أو مجموعة من الأصول، مثل الذهب أو السندات من الدرجة غير الاستثمارية، من دون الحاجة إلى شراء هذه الأصول بشكل فعلي.
• تسمح هذه الصناديق للمستثمر بالتعرض لـ «بتكوين» من دون أن يضطر إلى فتح حساب في منصة تداول، أو القلق حيال تعقيدات ومخاطر امتلاك العملة المشفرة بشكل مباشر.
• في حين أن صناديق «بتكوين» الفورية متاحة بالفعل في عدة أسواق أخرى، فإن الموافقة الأميركية من شأنها زيادة شعبية هذه المنتجات المالية.
• يرى الرئيس التنفيذي لشركة ويزدوم، جواثان شتاينبرغ، أن الصناديق الجديدة ستسمح للمستثمرين الأقل معرفة بالتكنولوجيا بشراء «بتكوين» بطريقة سهلة للغاية.
• تتباين التقديرات بشأن التدفقات التي قد تستقطبها الصناديق المتداولة لـ «بتكوين»، حيث يرى محللون في «برنشتاين» أن التدفقات قد تتجاوز 10 مليارات دولار في العام الحالي.
• بينما يتوقع بنك ستاندرد تشارترد تدفقات وافدة بقيمة تتراوح بين 50 و100 مليار دولار في 2024، في حين أشار آخرون إلى احتمالية وصول التدفقات إلى 55 ملياراً على مدى 5 سنوات.
• امتنع كثير من شركات الاستثمار والمستشارين الماليين والبنوك عن التعامل في سوق العملات المشفرة بسبب طبيعتها غير الخاضعة للتنظيم، لكن إصدار صناديق الـ ETFs الفورية من شأنه تغيير الأمر، خاصة مع بحث معظم صناديق الاستثمار غير النشط عن طرق لتحسين الأداء والعوائد.
• كشف مسح للمستشارين الماليين صادر عن «بيتوايز» أن 88 بالمئة من المستشارين المهتمين بشراء «بتكوين» كانوا ينتظرون الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة الفورية لضخ أموال في هذه الفئة من الأصول.
• على جانب مواز، يعتقد محللون أن سعر «بتكوين» قد يرتفع إلى أكثر من 100 ألف دولار خلال العام الحالي، بعد قرار لجنة البورصات الأميركية.
• يتوقع مؤيدو العملة المشفرة أن تسلك «بتكوين» أداءً مماثلاً للذهب، الذي ارتفع بنحو 556 بالمئة منذ عام 2004، حينما تم إصدار أول صندوق متداول للمعدن النفيس.
عقبات ومخاطر
لكن على الجانب الآخر، حذّر محللون من أن الحماس المحيط بموافقة لجنة البورصات الأميركية على إصدار صناديق متداولة للسعر الفوري لـ «بتكوين» قد يكون مبالغا فيه وسابقا لأوانه.
ولا يزال عدد من كبار مديري الاستثمار يعتقدون أن «بتكوين» تعتبر بمنزلة استثمار عالي المخاطر، خاصة بعد فضائح مثل انهيار منصة العملات المشفرة «إف تي إكس» عام 2022.