غداً أو بعد الغد، سيكون رئيس الوزراء المكلف الشيخ محمد صباح السالم في وجه المدفع إذا استمع لنصائح الاقتصاديين، وقرأ تقاريرهم وتقارير «مصادر مطلعة» حكومية – حسب الثرثرة الصحفية – عن أوضاع الكويت المالية.
الطرفان (الخبراء الاقتصاديون والمصادر المطلعة) متفقان في تقاريرهما على أن الدولة ستدخل في أزمة اقتصادية لا محالة، طالما بقيت السياسة الاقتصادية «الشعبوية» هي سيدة الحال، فما السياسة الشعبوية غير قوانين ومشاريع قوانين تهدف لترضية الناس بحق أو بدون حق.
مثال دون وجه حق، استنزاف المالية بخلق كوادر مالية خاصة لقطاعات العاملين في «العام» آثرتهم دون عمل مستحق مقابل، وأخلّت بميزان العدالة والإنصاف مع بقية موظفي «تعال باجر». ومثال بحق، عندما يطالب النواب بحل أزمة الإسكان، وأزمة الإيجارات المرتفعة، وبرفع الحيف عن الكثيرين من الفئات المنسية في السلك الوظيفي، وتلك أمثلة على فوضى الإدارة الحكومية، وليست حالات محصورة.
لا يمكن لأي سياسة حصيفة أن تنجح ما لم تنقل الدولة من الحالة الريعية إلى الحالة الإنتاجية من دون السقوط في السياسات النيو ليبرالية، التي تتسيد أكثر دول الشمال والجنوب بوصفات البنك والصندوق الدوليين. هل يمكن إنقاذ الكويت من دولة الريع التي توزع الثروة الناضبة للأغلبية السكانية دون حساب العمل المنتج من غير السقوط في بئر نيوليبرال، أي خصخصة القطاعات العامة بالفاضي والمليان، وبالتالي تركز الأموال لدى الأثرياء الذين سيكونون أكثر ثراء، وستدفع الطبقة الوسطى ومحدودو الدخل الثمن، وهم الأغلبية في دولة الموظفين المتورمة؟
إذا رفعت الدعوم- مثلاً- عن الكهرباء والماء والغذاء، وخصص هذا القطاع، أو قطاع الخدمات الطبية، فكيف سيدفع موظف راتبه ألف وخمسمئة دينار فاتورة كهرباء سترتفع عشرة أضعاف؟ وكيف سيوفر تكلفة العلاج الطبي أو أجرة المنزل لملاك العقار... وغيرها من الأمور الحياتية الضرورية؟
لا توجد حلول سهلة لنقل المجتمع من واقع الريع ودولته التسلطية إلى الدولة الإنتاجية التوافقية من دون السقوط في «نيوليبرالية»، ورئيس الوزراء المكلف أستاذ اقتصاد، ويعرف علل سياسات مدمرة هيمنت على إدارات الدولة منذ عقود طويلة. بالتأكيد أي محاولة إصلاح جدي من الرئيس ستواجه بنيران الرفض من المتصيدين للتكسب السياسي وطلاب السلطة من أقربائه، وهذا آخر ما يحتاجه الشيخ محمد صباح السالم... ما العمل؟!