ماكينة الحرب ورحاها إن دارت لن يفوز طرف على آخر، ولن يستفيد منها إلا تجار الدم، فما بالك بحصار أرض وقصفها وتدمير الإنسان قبل البيئة بشكل متواصل ومستمر بل عن عمد؟!! لذلك فإن اقتطاع أحداث «طوفان الأقصى» من السياق التاريخي للقضية ليس إلا دعماً مباشراً للصهاينة وأتباعهم، أما عن حال البيئة في غزة والدمار الذي يلحق بها، فهو أمر مبرمج يتم على مدى سنوات طوال، بل وردتني معلومات خطيرة عن خطط لتنشيف منابع المياه في غزة من خلال استخدام حجة «الألواح الشمسية» من قبل الكيان الصهيوني لا يستطيع أكبر منتج لأفلام السينما أن يصورها ويحبكها بهذه الصورة، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على تواطؤ واجتماع عفن كان وما زال يستمد قواه من خلال (لوبي) صهيوني بين ظهرانينا، ولن تكون مسألة زيف ادعاءات بعض الأطراف الداعمة للبيئة النظيفة وجودة الحياة إلا قد دعمناها ببعض الدلائل والأرقام، خصوصاً بعد القصف المتواصل على قطاعات مختلفة في غزة.
فمؤشر جودة الهواء تردى وصولا الى ما دون 84 درجة ليدخل خانة (السيئ) بسبب القصف والضربات الجوية المتواصلة أيضا، ومن ناحية اقتصادية بيئية فإن دول اللوبي الصهيوني كافة تعدّ من تلك الدول غير المصدرة للنفط الخام، ولن يزيد الحرب واستمرارها إلا الطلب المتزايد على الذهب الأسود في قادم الأيام.
وإذا ما توقفنا قليلا عند آخر تقرير وإصدار لمنظمة الدول المنتجة للبترول (OPEC) والتقرير المعنون بـ (World Oil Outlook) الذي حاكى الطلب العالمي على النفط في ثلاثة سيناريوهات منفصلة منذ عام 2022 وصولا الى عام 2045، نجد أن السيناريو الأول وهو محاكاة الوضع الاعتيادي أو الوضع كما هو عليه (reference case) فإن الطلب العالمي يتنامى الى أن يصل الى قرابة 115 مليون برميل في اليوم الواحد في سنة 2045.
أما في حال السيناريو الثاني الذي يوصف بسيناريو استخدام التكنولوجيا المتطورة (advanced technology) فإن الطلب العالمي يصبح مستقراً إلى عام 2035 بقرابة 100 مليون برميل في اليوم الواحد ومن ثم يتراجع الى ما دون 98 مليون برميل في اليوم الواحد وصولا الى عام 2045.
أما السيناريو الثالث والأكثر تشويقا ووجب الانتباه إليه، فهو السيناريو المسمى (Laissez-Faire) أي دون تدخلات أو ذاك المصاحب للواقع دون الدعوم المستفاد منها لجهود التقنيات المتطورة والطاقة المتجددة والذي يجعل الطلب العالمي على النفط الخام يصل الى 122 مليون برميل في اليوم الواحد في سنة 2045.
وأيا كان الواقع والحال فلسنا هنا لنناقش تنبؤات المنظمة، ولكن ألن تزيد الجهود الصهيونية المدعومة من الغرب الطلب على النفط الخام؟!! بالطبع الإجابة هي نعم، وقد ترفع أسعار البرميل الى ما فوق 100 دولار وبكل سهولة، مؤثرة على البيئة بسبب عمليات الإنتاج واستنزاف الموارد من جهة، وضاربة بالجهود البيئية عرض الحائط في الجهة المقابلة.
لكننا في الواقع لا نستطيع أن نتكهن بالمستقبل والحقيقة، وكيف لهذه الأحداث العسكرية الأخيرة أن تؤثر على التغيرات المناخية واتفاقيتها أيضا، وكيف ستتهرب دول الغرب من أي التزامات دولية عليها إن استلزم الأمر ذلك، المهم أن إخواننا في فلسطين يقتلون ويحاصرون والبيئة تدمر وسط (شهود عيان) من العالم دون حول لهم ولا قوة.