مَن يطالع المادة الأولى من الدستور، يجدها تنص على أن «الكويت دولة عربية مستقلة ذات سيادة تامة، ولا يجوز النزول عن سيادتها أو التخلي عن أي جزء من أراضيها، وشعب الكويت جزء من الأمة العربية»، ومَن يطالع المادة 60 من الدستور الخاصة بأداء الأمير لليمين الدستورية، يجد أنّها تنصّ على أن «يؤدي الأمير قبل ممارسة صلاحياته في جلسة خاصة لمجلس الأمة اليمين الآتية: أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه».

ومَن يقرأ المادة 91 من الدستور يجدها تقرر أنه «قبل أن يتولى عضو مجلس الأمة أعماله في المجلس أو لجانه يؤدي أمام المجلس في جلسة علنية اليمين الآتية: أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن وللأمير، وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق».

Ad

ومَن يطالع الباب الثاني من الدستور، يجد أنه تضمّن 8 مواد تتكلم عن المواطن أو المواطنين أو الوطن أو الوطنية، والوطن لا يكون وطناً إلا بمواطنين، وهم مَن تتكون منهم الدولة، فمن يوجد في إقليم الدولة إما مواطن وإما غير مواطن.

وواضح من سياق المواد المذكورة كافة، التي استهلتها المادة الأولى بتأكيد سيادة الوطن واستقلاله، أنها ترتبط ارتباطاً لا يقبل الانفكاك أو التفريط أو التغيير أو التنازل عن الوطن برقعته الجغرافية (سلامة أراضيه) أو مواطنيه (شعب الكويت).

وتتجلّى من مجمل النصوص السابقة محورية المواطنة التي إن تم التفريط بها أو النَّيل منها أو الانتقاص منها بأيّ وجه من الوجوه، بالتزوير أو التغيير أو الادّعاء أو حتى الازدواج، فإنّ ذلك يهدد كيان الدولة ووجودها، لذلك اختص سمو الأمير بقسمه الدستوري على أن «أذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه».

فأسمى واجب وأجلّ مسؤولية ملقاة على عاتق صاحب السمو، حفظه الله، هما الذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، فلا يسمح لأيّ كان، وتحت أي مبرر، بالمساس أو النَّيل من المواطنة لتغيير مكونات الشعب بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في إطار شكل يلبس لباس المشروعية بقوانين تخالف الدستور أو بشكل غير مشروع بتسلل للمواطنة بطرق مزورة، أو بالالتفاف عليها أو التحايل على أسسها.

وما كان لتلك المسؤولية وذلك الواجب أن ينفصلا عمّا يستوجبه الدستور من أن يتم بمعيتهما ومن خلالهما أيضاً المسؤولية المتلازمة معها، ألا وهي صون استقلال الوطن وحماية أراضيه، وهو ما يعني قطعاً أن التفريط بأي منها يؤدي إلى التفريط باستقلال الوطن.

فمسؤولية الحفاظ على هوية الوطن بصون سلامة وتكوين مواطنيه هي جوهر صون استقلال الوطن وحماية أراضيه من الادعاء والتسلل لمواطنين من دول أخرى ما قد يفتح مجالاً للنَّيل من أراضي الوطن ومن ثم استقلاله من بوابة التسلل للمواطنة أو تزويرها أو ادعائها، وهو جوهر المادة 1، والباب الثاني من الدستور، وعلى وجه الأخص المادة 91 منه.

وسمو الأمير، وفقاً لأحكام الدستور ونصوصه ومبادئه التي بُني عليها، يملك أوسع الصلاحيات وتعدّدها التي تمكّن سموه من الحفاظ على الهوية الوطنية وصونها، سواء كان ذلك بمفرده، لكون سموه رئيس الدولة، أو لكونه شريكاً في السلطة التشريعية، أو لكونه رئيساً للسلطة التنفيذية، كما يتولى سلطاته، في أحيان معيّنة، بواسطة وزرائه.

ولعل ما أكده سمو الأمير في نطقه السامي بجلسة القسم في 20 ديسمبر 2023، تجلّى في توجهات سموه بالتزامه الحازم بحفظ الهوية الوطنية وفقاً لما هو مقرّر له بالدستور من صلاحيات وسلطات، فنسأل الله له التوفيق والسداد في هذا الواجب العظيم.