تأكيدا لما ذكرته «الجريدة» في نوفمبر 2023 بشأن إعادة هيكلة ومراجعة مساهمات الهيئة العامة للاستثمار في الصناديق والأدوات التي انتهى الهدف منها، نفّذت الهيئة تلك العملية على 3 شركات كانت معها مساهمات تاريخية اعتبارا من مطلع يناير الجاري.
وقالت مصادر إن صندوق وعد جاء في طليعة الأطراف الثلاثة، وكان من أبرز الجهات التي تعاونت بشكل تام وكامل في ردّ أموال الهيئة العامة للاستثمار، بعد مساهمة ناجحة في الصندوق على مدار أكثر من 22 عاما، حققت خلالها الهيئة مكاسب إيجابية عديدة وكبيرة، سواء كانت أرباحا أو مكاسب معنوية، أبرزها إنجاح أحد أهم الأدوات الاستثمارية في تاريخ البورصة، وهي خدمة البيوع الآجلة، التي تم إلغاؤها وتوقيفها بقرار عشوائي وغير مدروس حرم آلاف المستثمرين من تلك الأداة، وضيّع على الشركات المدرجة تقديم خدمة لعملائها، وتحقيق عوائد وإيرادات، كما حرم شركات الوساطة من منفذ مدرّ للأرباح أيضا، وأثّر على عوائد البورصة التي كانت تستفيد من العمولات.
الشركات الثلاث المعنيّة بقرار الهيئة كان قد تم إبلاغها قبل أشهر من انتهاء السنة المالية 2023 لاتخاذ الإجراءات المناسبة، بين هذه الشركات شركة استثمارية من الشركات التاريخية في السوق، استخدمت أسلوب التذاكي، بهدف المراوغة وتأخير رد أموال هيئة الاستثمار، ومن جهة أخرى توزيع الأموال على كل المساهمين حسب الوضع القائم، بدلا من رد أموال الهيئة منفردة بالكامل.
وتمثلت مراوغة الشركة في اتخاذها قرارا بتصفية الصندوق بعد إبلاغها رسميا من الهيئة برغبتها في استرداد مساهماتها.
ومعلوم أن عملية التصفية تأخذ وقتا طويلا وإجراءات قانونية محددة تستلزم وقتا طويلا، بدءا من الحصول على الموافقات من الجهات الرقابية، وعمل جمعية لحملة الوحدات، ومن ثم الإشهار وتعيين مصفٍّ، وبدء عملية التصفية، وطالما هناك سلوك «المراوغة»، فيمكن تغيير المصفّي بعد التعيين، وهكذا إدخال الملف في دائرة الروتين.
في المقابل، قالت مصادر معنيّة إن مثل هذه الممارسات ستحرم الشركة التي تراوغ في إعادة الأموال للهيئة مستقبلا من أيّ مساهمة معها في أي أدوات مستقبلية، كما ستضعها هيئة الاستثمار ضمن قوائم الـ «بلاك ليست».
وستخسر الشركة بهذه الممارسة أيضا عميلا استراتيجيا طويل الأجل، مثل هيئة الاستثمار، خصوصا أن تلك المساهمة استمرت أكثر من 20 عاما، وحققت الشركة من ورائها عوائد كبيرة، ومجرد وجود اسم هيئة الاستثمار ضمن قوائم مساهميها كان يمنحها الكثير من القوة والثقة أمام كثير من العملاء في الداخل والخارج، خصوصا أن مساهمات الجهات الحكومية مع أي شركة محلية يتم استخدامها واستغلالها في إبراز قوة الثقة فيها، خصوصا أمام عملاء الخارج، وسبق أن حصلت شركات استثمار على مساهمات سيادية واستراتيجية من عملاء مهمين ورفيعي المستوي، بسبب مساهمة هيئة الاستثمار أو التأمينات.
وشددت المصادر على أن أموال الهيئة محفوظة بقوة العقود الموقّعة، وستحصل عليها، لكنّ القرار الذي اتخذته الشركة كان مفاجئا للهيئة وغير متوقع، وليس في حساباتها، على اعتبار أنها تتعامل مع أطراف محترفة وشريك استراتيجي، لكن تبدّل القيادات خلال العقود الماضية وعدم ثبات الملكيات، كما هي حال المساهمات في البورصة، زعزع الثقة السابقة، حيث إن الهيئة نفسها شهدت الكثير من التغيرات، سواء على صعيد اللجنة التنفيذية أو القيادة العليا، ممثلة في منصب العضو المنتدب أو حتى الوزراء.
وتبقى هناك فرصة أمام الشركة في إعادة النظر في قرارها بتصفية الصندوق وإعادة أموال ومساهمة الهيئة بمرونة، خصوصا أن البورصة مقبلة على إطلاق أدوات مالية ومشتقات حديثة خلال السنوات العشر المقبلة.