على الرغم من وجاهة القرارات التي أعلنت وزارة الداخلية، أمس الأول، إصدارها بشأن الاعتداد بالإشعارات الصادرة من وزارة الداخلية للمواطنين والمقيمين من خلال تطبيقي «هويتي» و«سهل» فإنها تفتح باب التساؤلات القانونية حول مشروعية القرار الصادر، والأثر القانوني، الذي تنتجه الإشعارات والرسائل الصادرة من «الداخلية» إلى المواطنين والمقيمين والعكس.
ورغم سعي الوزارة الحثيث إلى خلق قنوات للتواصل مع الجمهور، بما يعكس سرعة إنجاز المعاملات والتقليل من تدفق المراجعين على مباني وزارة الداخلية ومواكبة للتطور التقني الحديث باستخدام وسائل التقنية والتواصل الحديث لإنجاز المعاملات الرسمية، فإن نقص المنظومة القانونية المنظمة للمعاملات الإلكترونية المقررة بالقانون الخاص بها يصطدم مع تحقيق المبادرة الصادرة من وزارة الداخلية نحو اعتماد تلك الإشعارات والرسائل من «سهل» و«هويتي» على نحو موثق ومعتمد من الناحية القانونية على الأقل في المعاملات التي اشترط القانون علم الأشخاص بها لتحقيق الأثر القانوني المترتب عليها في العلم والإعلان، ويمكن التعامل مع قرار «الداخلية» وفق نوعية المعاملات، التي تنجزها للمواطنين والمقيمين إلى قسمين.
أولاً: المعاملات التي لا يحتاج القانون أو التشريعات كاللوائح والقرارات الإدارية إلى ثبوت علم الشخص وإعلانه بها، وهي المعاملات الإدارية التي يقوم بتقديمها وتجديدها عبر الوزارة.
ثانياً: المعاملات التي يحتاج ويتطلب القانون أو التشريعات الإدارية ثبوت إعلان وعلم الشخص سواء كان مواطناً أو مقيماً العلم والإعلان بها في الأحكام الصادرة في الجنح أو التظلمات التي يقدمها إلى الوزارة بصفته موظفاً أو حتى مواطناً أو مقيماً متقدماً لإحدى المعاملات الإدارية فيتم الرفض لطلبه.
وبالنسبة للمعاملات، التي لا تحتاج إلى العلم أو الإعلان وهي المعاملات الإدارية التي يتقدم بها المواطنون والمقيمون المراجعون لمبنى الوزارة وإداراتها فلا أثر قانونياً عليها، وتعتبر الإشعارات سليمة لأنه لا أثر على علمه الشخصي أو عدم علمه لأنها نافعة له وناتجة من المراجعات أو الطلبات التي يتقدم بها للوزارة، كرفض تجديد رخصة المركبة أو رخصة القيادة أو تجديد الإقامات.
بينما تثور الإشكالية في القسم الثاني للمعاملات، التي يشترط لسريانها مواجهة المراجع إعلانه أو علمه بها حتى تكون سارية الأثر في مواجهته، لذلك فإن كانت ستصبح كمعاملة رسمية صادرة من الوزارة أو إداراتها، فإنها لا تكون نافذة الأثر القانوني في مواجهة المواطنين أو المقيمين، إذ اشترط القانون إعلانها أو علمه بها كعلمه وإعلامه بالأحكام التي تباشر تنفيذها إدارة تنفيذ الأحكام أو القرارات الصادرة من الوزارة برفض تظلمات الموظفين أو حتى رفض طلبات تجديد التراخيص التي تمنحها الوزارة لبعض الأنشطة.
ومن ثم فلا يكون لتلك المعاملات أثر كون القانون اشترط إعلانها أو علم الشخص بها إلا في حالة الحصول على الموافقة المسبقة في وصول الإشعارات أو الرسائل من تطبيق «سهل» أو «هويتي» حتى تكون حجة عليه، لأنه ووفقاً لأحكام قانون المعاملات الإلكترونية يتعين توافر الموافقة المسبقة على تلقي الإشعارات والرسائل من مستخدمي تلك التطبيقات الإلكترونية بعد أن يكونوا مشتركين فيها، وهذا يستلزم قيام الوزارة بمخاطبة تطبيق «هويتي» من خلال هيئة المعلومات المدنية بالتعديل على الإقرار الموجود حالياً والذي يتضمن موافقة الأشخاص على قبول الإعلانات القضائية وفقاً لأحكام القانون رقم 9 لسنة 2020 بشأن تعديل أحكام قانون المرافعات رقم 33 لسنة 1980 بالسماح بتلقي الرسائل المرتبطة بالدعاوى القضائية والأوراق القضائية والرسمية المرتبطة بتطبيق أحكام القانون رقم 9 لسنة 2020 بأن يشمل هذا الإقرار بتلك الموافقة على تلقي الرسائل والإشعارات الصادرة من كل الوزارات والجهات والمؤسسات الحكومية كافة وفقاً لأحكام قانون المعاملات الإلكترونية رقم 20 لسنة 2014، لأن اشتراك المواطنين اليوم في تطبيق «سهل» و«هويتي» وموافقتهم على تلقي الأوراق القضائية الرسمية المرتبطة بها عملاً بأحكام قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2020، الذي تضمن الإشارة إلى تنظيم إعلان الدعاوى والأحكام القضائية إلكترونياً وإتمام إجراءات التنفيذ الإلكترونية، ولا يصح الاستناد إلى هذا الإقرار المرتبط بموافقة الأشخاص من مستخدمي تطبيقي «سهل» و«هويتي» ثبوت علمهم وإعلانهم بأي إجراءات أخرى لعدم الحصول على موافقتهم المسبقة التي تمت إلا وفقاً لأحكام قانون المرافعات فقط، وهو ما يستدعي معه العمل على إعادة وضع الإقرار في تطبيقي «سهل» و«هويتي» ليشمل كل المعاملات والإجراءات المقدمة أمام الجهات الرسمية في الدولة عملا بأحكام قانون المرافعات رقم 9 لسنة 2020 المعدل بالقانون رقم 33 لسنة 1980 وبأحكام قانون المعاملات الإلكترونية رقم 20 لسنة 2014، فضلاً عن ضرورة أن تشمل الرسائل الصادرة من الوزارة وبعد إنجاز ذلك الإقرار المستندات المطلوب الإعلان بها ومضمونها، لأن أحكام قانون المعاملات الإلكترونية يشترط لإنفاذ المعاملات الإلكترونية في مواجهة الأطراف أن يرفق بها المستندات الدالة عليها.
ومن ثم فان مجرد الإرسال والإشعار لا يحقق معنى وجدوى الإعلان والأثر الذي عناه القانون، إنما يتعين تحقيق أمرين هما العمل على تعديل الإقرار الوارد بتطبيقي «هويتي» و«سهل» ليشمل المعاملات وفقاً لقانون المعاملات الإلكترونية رقم 20 لسنة 2014، كذلك أن تتضمن تلك الرسائل المستندات المخزنة والتي تسمح بفتحها وتخزينها والاطلاع عليها، وهو ما حرص المشرع على كفالته ويعمل به رسمياً اليوم عند إعلان صحف الدعاوى وإعلان الأحكام التي تسهل للمشتركين عبر تطبيقي «هويتي» و«سهل» المرتبط به.
وبعد تحقيق تلك المتطلبات بالإمكان القول بإمكانية صحة نفاذ المعاملات التي يشترط علم الشخص بها كعلمه برفض التظلمات الصادرة من الوزارة مثلاً، إلا أن إعلان الأحكام القضائية الغيابية في الجنح أو الجنايات لا يصح وفق لهذه التطبيقات، إنما يتطلب العمل معه أولاً على تعديل قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية التي يعتمد الإعلان التقليدي لإتمامها أو نشرها في الجريدة الرسمية لإثبات نفاذها في مواجهة المحكومين في القضايا الجزائية.
وقد تتحقق على صعيد آخر الإشعارات والرسائل اليوم عملياً في تطبيقي «سهل» و«هويتي» علماً شخصياً للأشخاص للتفاعل معه نحو الطعن على الأحكام الغيابية أو لسداد رسوم الغرامات، إلا أنها لا تمثل له علماً قانونياً يرتب سقوط حقوقه القانونية في الطعن على الأحكام الجزائية بشكل عام سواء الحضوري منها أو الغيابي.