نسمع من السلطتين التشريعية والتنفيذية، أحياناً، تصريحات ومطالبات متعلقة بالاهتمام بالتنمية، وبالعنصر الكويتي، وأهمية قيامه بسائر الأعمال والإنتاج، لكي يتم الاستغناء عن العمالة الوافدة، لكن هذه التصريحات والمطالبات تكاد تكون متناقضة مع الواقع والأوضاع المشاهَدة.
فهناك آلاف الموظفين في وزارة الكهرباء، ولا يوجد قارئ عدادات كويتي واحد، رغم سهولة هذه المهنة وأهميتها، وفي البلدية يوجد آلاف الموظفين ومئات المراقبين، لكنّ مخالفات البناء واستغلال الأرصفة والارتدادات «على عينك يا تاجر».
وفي وزارة الأشغال يوجد آلاف الموظفين أيضاً، ولكن الحفر وتكسير الشوارع والأرصفة في كل مكان، ودور الوزارة هو الاتصال بالمقاول ذي العمالة الوافدة لإصلاحها.
وهناك مَن ينادي بإصلاح التعليم، ثم لا يفعل أي شيء للشهادات المضروبة، ولا يمنع الابتعاث للدراسة في الجامعات الهزيلة، بل ويقاتل لابتعاث الطلبة إليها.
وهناك مَن يطالب بالاستغناء عن الوافدين في سوق العمل، ثم لا يقدّم أي قانون أو قرار لإلزام التعليم والبعثات للتخصص بمتطلبات سوق العمل، أي بالتخصصات المطلوبة في الدولة، بينما يستمر تدفّق التخصصات غير المطلوبة، وأيضاً الجميع يطالب بتشجيع الكويتي للعمل في القطاع الخاص، ولكن الجميع يلتزمون الصمت إزاء تفوّق الميزات المالية والمعنوية للعاملين في الحكومة ويرفضون المساس بها.
والكل يطالب بتعديل التركيبة السكانية، ولكن القليل جداً مستعد للعمل الفني واليدوي في مجالاتها الكثيرة بالقطاع الخاص ويتركها للوافدين، وفي البلاد الأخرى يفرحون بإنشاء مصانع في مدنهم، لأنها ستوفر مئات الوظائف لأبنائهم، أما في بلادنا فإن افتتاح المصانع معناه توفير مئات الوظائف للوافدين، وقليل جداً منها للكويتيين.
والكل أقسم على احترام الدستور الذي يحمّل الوزراء والنواب أمانة الأخذ بأحكام الشريعة، ولكن منهم مَن يقدّم تشريعات شعبوية ومالية مخالفة للشريعة (علشان الأصوات)، وهناك من أقسم على احترام الدستور الذي يمنع تدخّل النواب في أعمال السلطة التنفيذية، لكنّه يتدخل ويتوسط ويضغط.
الخلاصة أن على أعضاء السلطتين، خصوصاً مع تشكيل الحكومة الجديدة، أن تكون أعمالهم وقوانينهم متفقة مع الخطط الخمسية والأهداف المعلنة في برامجهم وتصريحاتهم المطالبة بالإصلاح.