تتمتع المرأة الكويتية بقدر معقول من الحقوق والحريات نسبياً مقارنةً مع قريناتها في الدول الشقيقة والمجاورة، لكنها تبقى حقوقاً منقوصة نسعى إلى استكمالها قانونياً واجتماعياً، فمن ناحية قانونية أغلب القوانين في الكويت تدعم المرأة، مع بعض الاستثناءات التي لسنا في صدد تناولها في هذا المقال، وهنالك جهود مشكورة لتغيير هذه الاستثناءات لمصلحة المرأة.
لكن تبقى المرأة الكويتية ضحية القيود الاجتماعية الأكثر تعقيداً في الكثير من الأحيان، فالحصول على حقوقها المدنية مقرون بمدى تنور عائلتها أو تزمتها، فقد تُجبر على ارتداء لباس معين مدى الحياة، وتبقى طموحاتها المهنية محدودة تحت سقف ما هو مسموح أو غير مسموح لها من تخصصات، بل يتم التدخل في قراراتها الأكثر مصيرية كاختيار شريك الحياة، ذلك ناهيك عن تقييد حركتها بشكل كبير تحت اسم حمايتها، فيصبح عالمها صغيراً محدوداً بلا أي مساحة للتفرد أو الاعتراض دون تحمل عواقب اجتماعية وخيمة كالعزل والإقصاء، بل قد يصل الأمر إلى العنف ضدها.
نأتي هنا إلى نوع آخر من الضغط الاجتماعي الممنهج، وهو تنميط صورة المرأة وتسطيح اهتماماتها وحصرها بالمكياج والتجميل والموضة واقتناء «الماركات» العالمية الباهظة الثمن، وللأسف فحتى ملامح المرأة المتفردة لم تسلم من التنميط والقولبة، فأصبحت النساء يضغطن على بعضهن لمطابقة هذه المعايير غير الواقعية، فتجدهن في منافسة ولهاث مستمرين فيتكلمن بالصوت المصطنع نفسه ويخترن الملابس ذاتها وهلم جراً! وهو الأمر غير المستغرب بعد تقييد المرأة اجتماعياً من عدة جوانب فيصبح الاستهلاك والهوس بالمظهر الخارجي المتنفس الوحيد للتعبير عن الذات وقتل وقت الفراغ.
إذاً يبدو لي أن مشكل المرأة هنا أغلبه ذو طابع اجتماعي، لذا يجب نشر الوعي بين الأفراد من خلال التعليم والإعلام، فلكليهما قدرة هائلة على تشكيل الرأي العام، فيجب أن نبين أهمية تحقيق المرأة لذاتها ومساهمتها بالمجتمع عن طريق تقديم منظورها الأنثوي المميز في مختلف المجالات، ويجب أيضاً طمأنة تلك العوائل المتشددة بأن العالم الخارجي ليس متوحشاً! لا سيما في بلد آمن ومحافظ مثل الكويت، ويمكننا تحقيق ذلك عن طريق تطوير المناهج الدراسية بمحتوى علمي معاصر يمكن المرأة ويشجع الأدوار التكاملية بين الرجل والمرأة، وتوجيه الإعلام الهادف من برامج تلفزيونية ومحتوى مقروء و«سوشال ميديا» نحو مبادئ العدالة والحرية، ومن الممكن أيضاً إنشاء برامج وأنشطة اجتماعية تؤهل المرأة وتسلحها بمختلف الأدوات من مهارات مهنية واجتماعية وشغف واهتمامات فيتسع أفقها ويصبح لديها دافع ورسالة في هذه الحياة، ولنا أيضاً دورنا كأفراد في نشر الوعي بطرق لطيفة في دوائرنا الاجتماعية الخاصة عن طريق مناقشة هذه الأفكار، حتى لو بمنشور إلكتروني بسيط.
وختاماً، يجب أن يكون للمرأة الكويتية والعربية تجربتها النسوية الخاصة بعيداً عن النسوية الغربية الحديثة الشرسة التي تشيطن الرجل وتدعو إلى هدم مؤسسة العائلة والانحلال تحت مسمى الفردانية والحرية الشخصية، فإن الغرب الآن يعاني تبعاتها من دمار اجتماعي، فكل ما نطالب به هو متنفس للمرأة كي تقدم إسهاماتها الفعالة بالمجتمع، وببساطة... أن تكون!