تعطّش أوكرانيا للأسلحة يستنزف المخزون الغربي
في ظل تراجع المؤشرات التي تنذر بانحسار الحرب في أوكرانيا، يتخبط شركاء كييف في الغرب لمتابعة إرسال إمدادات كافية من الأسلحة والذخائر إليها من دون استنزاف مخزونهم لدرجة أن تصبح مستويات جاهزيتهم مُهددة.
يناقش حلف الناتو في الوقت الراهن كيفية دعم أعضائه إذا أصبح مخزونهم أقل من المستويات اللازمة لتلبية حاجاتهم الدفاعية بموجب معاهدة شمال الأطلسي، فقد تقع القرارات المرتبطة بالمساعدات العسكرية المخصصة لأوكرانيا على عاتق الأعضاء الفرديين في الحلف، لكن تكلم أمين عام الناتو، ينس ستولتنبرغ، في مناسبات متكررة عن ضرورة استمرار المساعدات الموجّهة إلى أوكرانيا، وتعليقاً على الوضع القائم، قال ستولتنبرغ الأسبوع الماضي: «ارتكب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخطاءً استراتيجية قبيل الغزو، منها الاستخفاف بالتزام حلفاء وشركاء الناتو بدعم أوكرانيا».
هذه المسألة تشغل مديري التسلح في دول الناتو منذ أشهر، وقد تطرق وزراء الدفاع في الحلف إلى هذا الموضوع في آخر اجتماع لهم في شهر يونيو، وبدأت وزارة الدفاع الأميركية تعيد بناء مخزون الذخائر الذي استعمله الأوكرانيون، حيث أعلن الجيش الأميركي أنه منح شركة «لوكهيد مارتن» للصناعات العسكرية أكثر من 520 مليون دولار في أواخر شهر أكتوبر وبداية نوفمبر لإعادة ملء مخزون الصواريخ المتعددة والموجّهة التي استعملتها أوكرانيا، لكن في حين تتحرك الولايات المتحدة لزيادة إنتاج المدفعيات والبدء بإنتاج صواريخ الكتف، يتعرّض البنتاغون للانتقادات من أوروبا التي تعتبر هذه الجهود أبطأ من اللزوم.
يقول مساعِد مُطّلع على المحادثات في الكونغرس (رفض الإفصاح عن هويته للتكلم عن المفاوضات المستمرة): «هذا القطاع يحتاج إلى التوقيع على عقود رسمية، لقد قمنا بمحادثات كثيرة مقابل القليل من التوقيع الرسمي، ولم نسمع من الأوروبيين إلا عبارات على الشكل التالي: (نحن نريد أن نستفيد من كل ما تفعلونه)! هم لا يريدون الانتظار، لقد سئموا من الانتظار».
لكن سئم الأوكرانيون من الانتظار أيضاً، حيث حصدت أوكرانيا مكاسب كبرى من هجومها القائم منذ أربعة أشهر تقريباً، فحررت المناطق التي احتلتها روسيا في محيط «خاركيف» وأجبرت الكرملين على إصدار أمرٍ بالانسحاب من مدينة «خيرسون» الجنوبية المحورية، لكن يشعر المسؤولون الأوكرانيون بالقلق من افتقارهم إلى أبسط المعدات التي يحتاجون إليها، بما في ذلك الأسلحة الخفيفة والأنظمة الصاروخية المحمولة على الكتف، مثل «ستينغر»، و«جافلن»، والجيل البريطاني والسويدي المقبل من أنظمة التسلح الخفيفة والمضادة للدبابات.
على مر حرب المدفعيات الشاملة التي بدأت مع الروس منذ أن أعلن الكرملين إطلاق هجوم على إقليم «دونباس» في شهر أبريل، استنزفت أوكرانيا المدفعيات السوفياتية التي تشكّل نحو 60% من ترسانتها، فاضطرت كييف لزيادة اتكالها على مدفعيات الناتو التي يستحيل إنتاجها بسرعة كافية لمتابعة القتال.
في هذا السياق، تقول النائبة الأوكرانية ساشا أوستينوفا: «لقد استنزفنا المدفعيات بحجم 152 ملم بشكلٍ شبه تام، لذا بدأنا نتّكل بالكامل على المدفعيات بحجم 155 ملم، لكن تبقى هذه الكميات محدودة».
في الوقت نفسه، يقول المسؤولون إن أوكرانيا تواجه مصاعب متزايدة بعد توسّع الخطوط الأمامية بسبب العملية الهجومية التي تنفذها. يملك هذا البلد الغارق في الحرب ما يكفي من الذخائر والمعدات لمتابعة القتال في إقليم «دونباس» الشرقي ومنطقة «ميكولايف» الجنوبية، لكن قد تتلاشى خطوط الإمدادات إذا أطلقت روسيا هجوماً آخر نحو الشمال.
في غضون ذلك، تتخبط موسكو بدورها لتجاوز مشاكلها الخاصة في مخزون الأسلحة، فهي باتت مضطرة للجوء إلى إيران وكوريا الشمالية لتعزيز إمداداتها المتضائلة، يقول فريديريك كيغان، مسؤول بارز في «معهد أميركان إنتربرايز»: «حين يلجأ البلد إلى دولة تسجّل ناتجاً محلياً إجمالياً معدوماً وتتألف دباباتها الأساسية من أنظمة تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية (مثل كوريا الشمالية)، وإذا كان هذا البلد يشتري المعدات من تلك الدولة، يعني ذلك أنه بوضعٍ سيئ». يظن المسؤولون الأوكرانيون أن القوات الروسية المسلّحة لا تملك أكثر من 120 صاروخ «اسكندر» قصير المدى في ترسانتها.
لكن بما أن المسؤولين في الولايات المتحدة وحلف الناتو لا يتوقعون نهاية قريبة للحرب القائمة منذ تسعة أشهر، وبعدما نجحت أوكرانيا في استرجاع أكثر من نصف الأراضي التي كانت تحتلها روسيا منذ شهر فبراير، بدأت الجيوش الغربية تستعد لفترة مطوّلة من التغيرات.
ستكون هذه اللعبة طويلة وشاقة، لقد تغيرت البيئة الأمنية في أوروبا بدرجة كبيرة منذ 24 فبراير الماضي، ولن تتلاشى هذه الظروف بين ليلة وضحاها.
* جاك ديتش وإيمي ماكينون
يناقش حلف الناتو في الوقت الراهن كيفية دعم أعضائه إذا أصبح مخزونهم أقل من المستويات اللازمة لتلبية حاجاتهم الدفاعية بموجب معاهدة شمال الأطلسي، فقد تقع القرارات المرتبطة بالمساعدات العسكرية المخصصة لأوكرانيا على عاتق الأعضاء الفرديين في الحلف، لكن تكلم أمين عام الناتو، ينس ستولتنبرغ، في مناسبات متكررة عن ضرورة استمرار المساعدات الموجّهة إلى أوكرانيا، وتعليقاً على الوضع القائم، قال ستولتنبرغ الأسبوع الماضي: «ارتكب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخطاءً استراتيجية قبيل الغزو، منها الاستخفاف بالتزام حلفاء وشركاء الناتو بدعم أوكرانيا».
هذه المسألة تشغل مديري التسلح في دول الناتو منذ أشهر، وقد تطرق وزراء الدفاع في الحلف إلى هذا الموضوع في آخر اجتماع لهم في شهر يونيو، وبدأت وزارة الدفاع الأميركية تعيد بناء مخزون الذخائر الذي استعمله الأوكرانيون، حيث أعلن الجيش الأميركي أنه منح شركة «لوكهيد مارتن» للصناعات العسكرية أكثر من 520 مليون دولار في أواخر شهر أكتوبر وبداية نوفمبر لإعادة ملء مخزون الصواريخ المتعددة والموجّهة التي استعملتها أوكرانيا، لكن في حين تتحرك الولايات المتحدة لزيادة إنتاج المدفعيات والبدء بإنتاج صواريخ الكتف، يتعرّض البنتاغون للانتقادات من أوروبا التي تعتبر هذه الجهود أبطأ من اللزوم.
يقول مساعِد مُطّلع على المحادثات في الكونغرس (رفض الإفصاح عن هويته للتكلم عن المفاوضات المستمرة): «هذا القطاع يحتاج إلى التوقيع على عقود رسمية، لقد قمنا بمحادثات كثيرة مقابل القليل من التوقيع الرسمي، ولم نسمع من الأوروبيين إلا عبارات على الشكل التالي: (نحن نريد أن نستفيد من كل ما تفعلونه)! هم لا يريدون الانتظار، لقد سئموا من الانتظار».
لكن سئم الأوكرانيون من الانتظار أيضاً، حيث حصدت أوكرانيا مكاسب كبرى من هجومها القائم منذ أربعة أشهر تقريباً، فحررت المناطق التي احتلتها روسيا في محيط «خاركيف» وأجبرت الكرملين على إصدار أمرٍ بالانسحاب من مدينة «خيرسون» الجنوبية المحورية، لكن يشعر المسؤولون الأوكرانيون بالقلق من افتقارهم إلى أبسط المعدات التي يحتاجون إليها، بما في ذلك الأسلحة الخفيفة والأنظمة الصاروخية المحمولة على الكتف، مثل «ستينغر»، و«جافلن»، والجيل البريطاني والسويدي المقبل من أنظمة التسلح الخفيفة والمضادة للدبابات.
على مر حرب المدفعيات الشاملة التي بدأت مع الروس منذ أن أعلن الكرملين إطلاق هجوم على إقليم «دونباس» في شهر أبريل، استنزفت أوكرانيا المدفعيات السوفياتية التي تشكّل نحو 60% من ترسانتها، فاضطرت كييف لزيادة اتكالها على مدفعيات الناتو التي يستحيل إنتاجها بسرعة كافية لمتابعة القتال.
في هذا السياق، تقول النائبة الأوكرانية ساشا أوستينوفا: «لقد استنزفنا المدفعيات بحجم 152 ملم بشكلٍ شبه تام، لذا بدأنا نتّكل بالكامل على المدفعيات بحجم 155 ملم، لكن تبقى هذه الكميات محدودة».
في الوقت نفسه، يقول المسؤولون إن أوكرانيا تواجه مصاعب متزايدة بعد توسّع الخطوط الأمامية بسبب العملية الهجومية التي تنفذها. يملك هذا البلد الغارق في الحرب ما يكفي من الذخائر والمعدات لمتابعة القتال في إقليم «دونباس» الشرقي ومنطقة «ميكولايف» الجنوبية، لكن قد تتلاشى خطوط الإمدادات إذا أطلقت روسيا هجوماً آخر نحو الشمال.
في غضون ذلك، تتخبط موسكو بدورها لتجاوز مشاكلها الخاصة في مخزون الأسلحة، فهي باتت مضطرة للجوء إلى إيران وكوريا الشمالية لتعزيز إمداداتها المتضائلة، يقول فريديريك كيغان، مسؤول بارز في «معهد أميركان إنتربرايز»: «حين يلجأ البلد إلى دولة تسجّل ناتجاً محلياً إجمالياً معدوماً وتتألف دباباتها الأساسية من أنظمة تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية (مثل كوريا الشمالية)، وإذا كان هذا البلد يشتري المعدات من تلك الدولة، يعني ذلك أنه بوضعٍ سيئ». يظن المسؤولون الأوكرانيون أن القوات الروسية المسلّحة لا تملك أكثر من 120 صاروخ «اسكندر» قصير المدى في ترسانتها.
لكن بما أن المسؤولين في الولايات المتحدة وحلف الناتو لا يتوقعون نهاية قريبة للحرب القائمة منذ تسعة أشهر، وبعدما نجحت أوكرانيا في استرجاع أكثر من نصف الأراضي التي كانت تحتلها روسيا منذ شهر فبراير، بدأت الجيوش الغربية تستعد لفترة مطوّلة من التغيرات.
ستكون هذه اللعبة طويلة وشاقة، لقد تغيرت البيئة الأمنية في أوروبا بدرجة كبيرة منذ 24 فبراير الماضي، ولن تتلاشى هذه الظروف بين ليلة وضحاها.
* جاك ديتش وإيمي ماكينون